بعد فوز المشير عبد الفتاح السيسى بالرئاسة ، تزايد الحديث عن واقع العلاقة بين السيسى ورجال الأعمال، والتى شهدت توتراً وقلقاً بعد مطالبة لرجال الأعمال السيسى بضرورة المساهمة فى بناء مصر وذلك عن طريق إنشاء صندوق لدعم مصر بقيمة 100 مليار جنيه، وأيضاً مطالبته بتقليل مكاسبهم وأرباحهم بشكل كبير، وعدم استغلال الغلابة برفع الأسعار لتصل إلى 10 أضعاف قيمتها الحقيقية، وهدد بدخول الدولة بشكل واضح، فى حالة عدم الالتزام بهذه التعليمات، ولم يكتف السيسى بذلك بل قال إنه لن يسدد فواتير لأحد حال فوزه فى الانتخابات، الأمر الذى جعله يتعرض لخيانة من قبل رجال الأعمال مما دفعهم للتخلى عن دعمه . فكل هذه الأمور جعلت التساؤلات تتزايد حول كيف ستكون العلاقة بين المشير عبد الفتاح السيسى ورجال الأعمال؟ وهل سيقفون بجانبه ويدعمونه لتحقيق تنمية اقتصادية للبلاد، أم أنهم سيعارضونه وسيقفون ضده؟.. لذا استطلعت " النهار" آراء بعض الخبراء والاقتصاديين حول ذلك وجاءت إجاباتهم خلال السطور المقبلة. فى البداية أكد الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن توتر العلاقة بين رئيس مصر عبد الفتاح السيسى ورجال الأعمال، يهدد بنشوب كارثة مستقبلية ، خاصة بعدما رسموا مخططاً لضربه فى انتخابات الرئاسة، إلا أن هذا المخطط لم يفلح، موضحاً أن هذا المخطط اتضح فى التعليمات المشددة التى أصدرها أصحاب المصانع للعمال بعدم الغياب نهائياً عن العمل يومى 26 و27 مارس الماضي، الأمر الذى يجعل السيسى يسعى للكشف عن فسادهم خلال الفترة المقبلة، إذ إن العلاقة بين السيسى ورجال الأعمال لن تكون علاقة تكاملية بل ستكون علاقة عدائية تنافسية خلال الفترة المقبلة. قلق وأوضح الدسوقى أن السيسى لن يصمت أمام مخطط رجال الأعمال، حيث إن الفترة المقبلة ستشهد تطبيق المزيد من الإجراءات ، والكشف عن المحتكرين والفاسدين بالسوق المصرية، لينتهج بذلك نهج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى سعى لتقليص أرباح رجال الأعمال فى الأعمال والصفقات غير القانونية والمشبوهة. وأضاف الدسوقى أن رفض رجال الاعمال السماح للعمال بالانتخاب بعد مطالبة المشير لهم بالتبرع بالمليارات لصالح مصر كان البداية للحرب الاقتصادية بينهم وبين السيسى ، موضحاً أن هذه الحرب لن يكون لها أى اثار إيجابية على الاقتصاد وإنما ينبغى على السيسى أن يسعى للتعاون مع رجال الأعمال باعتبارهم الفئة المحركة للتنمية الاقتصادية لا سيما أنه لن يستطيع أن يحقق تنمية اقتصادية بدونهم وذلك وفقاً لما يقوله المثل القائل :" إيد لوحدها لا تصفق". لا عداء فى حين يرى الدكتور كمال القزاز، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن توتر العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورجال الأعمال خلال الفترة الماضية، خاصة أصحاب القطاع الخاص الذين رفضوا منح الموظفين والعمال اجازة للسماح لهم بالإدلاء بأصواتهم ، ليس دافعاً لأن يقوم السيسى بمعاداتهم، خاصة ان مشروعات القطاع الخاص تمثل ما يتراوح بين 60 و 70% من حجم الاقتصاد المصري. وأوضح القزاز أنه يتوقع أن تكون العلاقة بين السيسى ورجال الأعمال خلال الفترة المقبلة علاقة مراودة، ولابد على السيسى أن يتهاون معهم من أجل النهوض بإقتصاد البلاد، والدفع بأموالهم فى الاستثمارات المحلية بالبلد، خاصة أن الاستثمارات المحلية هى البداية من أجل عودة الاستثمارات الأجنبية والعربية لمصر من جديد. وأضاف القزاز أن تصريحات السيسى بأن لا أحد له أفضال وجمايل عليه ، بداية جيدة لأنه شخص نظيف ونزيه، إلا أن هذا لا يمنع من أن يسمح لرجال الأعمال ببعض التجاوزات ليضمن مساهمتهم ومشاركتهم الفعلية فى دعم اقتصاد البلاد، ولعل من التجاوزات التى أتحدث عنها السماح بشراء عدد من الأراضى التى يواجه رجال الأعمال صعوبة فى شرائها، هذا بجانب دعم صندوق المصدرين ، فلابد أن يمنح رجال الأعمال فرصاً وتسهيلات لذلك حتى تسير المركب ، هذا بجانب أنه لا يمكن للسيسى أن يحجر على رجال الأعمال ولابد عليه أن يضع ذلك بعين الاعتبار، لذا لابد على الرئيس أن يطمئن رجال الأعمال وأن يدعوهم لأن يكونوا يداً واحدة وان تكون العلاقة بينهم علاقة تكاملية من اجل تحقيق تنمية اقتصادية شاملة للبلاد خلال الفترة المقبلة. يقين بينما أكد الدكتور حمدى عبد العظيم ، الخبير الاقتصادى والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن رئيس مصر عبد الفتاح السيسى لن يتبع سياسة العداء مع رجال الأعمال رغم مواقفهم السلبية معه أثناء الانتخابات الرئاسية، خاصة أنه على يقين أن القطاع الخاص هو اساس التنمية الاقتصادية وبدون مشاركته لن تتحقق أى تنمية لاقتصادية بمصر.. وأوضح عبد العظيم أن رجال الأعمال من مصلحتهم أيضاً ان يحافظوا على العلاقات الطيبة مع السيسي، حتى يحصلوا على تيسيرات لتنفيذ مشاريعهم، سواء من تسهيلات ضريبية واستثمارية وصناعية كالحصول على دعم الطاقة ، وإذا لم يحافظوا على علاقاتهم بالمشير لن يستطيعوا أن يحققوا نمواً لاستثماراتهم وسيواجهون الكثير من الصعوبات لتنفيذ مشاريعهم، كما أنه لابد على الرئيس أن يسعى لاتباع طريقة " المسايسة" لحين أن تخرج البلاد من عباءة أزمتها الاقتصادية. وأضاف عبد العظيم أن رئيس مصر سيكون فى ورطة الإشكاليات الاقتصادية، ولابد عليه أن ييسر أموره مع رجال الأعمال حتى لا تزيد الأشكاليات الأقتصادية ، إشكالية جديدة، حتى يتم خلق مناخ جيد للاستثمار بالبلاد فى ظل هروب الاستثمارات خارج فى مصر فى ظل حالة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى الذى شهدته البلاد خلال حكم الإخوان. خبرة وأيده فى الرأى الدكتور عبد الرحمن عليان، عميد المعهد العالى للاقتصاد، إذ اكد أن المشير عبد الفتاح السيسى يتمتع بخبرة فى التعامل مع رجال الأعمال، وفور توليه الرئاسة سيفكر جدياً فى تهدئة الاوضاع مع رجال الأعمال خاصة أنه حريص على النهوض بالبلاد وإخراجها من أزمتها الاقتصادية، وهذا الأمر لن يكتمل تحقيقه بدون التعاون مع رجال الأعمال وبالأخص اصحاب القطاع الخاص. وأضاف عليان أن السيسى وعد فى برنامجه الأقتصادى بتنفيذ الكثير من المشروعات وجذب المزيد من الاستثمارات وهذا الأمر لن يتحقق أبداً إلا بالتعاون مع رجال الأعمال، لافتاً إلى أنه رغم معارضتهم له اثناء الانتخابات الرئاسية فإن السيسى قادر على احتواء هذه الأزمة من اجل تحقيق طفرة اقتصادية للبلاد وجذب المزيد من الاستثمارات فى ظل توفير التيسيرات الاستثمارية لرجال الأعمال حتى يتم تدعيم الاستثمار المحلى الذى يعد البداية لدعم الاستثمارات الأجنبية والعربية للسوق المصرية. وأوضح عليان أن السيسى إن كان يرغب فى تضييق الحرب على رجال الأعمال، لابد عليه أن يقوم بتقنين قانون حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية ، ذلك القانون الذى يعتبره رجال الأعمال- وبالأخص الذى لهم مشاريع وأعمال يحققون من ورائها أرباحاً بطرق غير قانونية - أكبر ضربة لهم، وفى نفس الوقت يقوم بوضع تشريعات وقوانين اقتصادية يكون هدفها الأساسى هو مساعدة المستثمرين على دعم استثماراتهم فى السوق المصرية.