تقدم د0سمير صبرى المحامى المعروف ببلاغ للنائب العام ضد طونى نبيه - المؤلف ومخرج فيلم "بنت من دار السلام"، وصاحب شركة البدور للإنتاج الفنى متضمناً حافظة و أسطوانة مدمجة، وقد جاء فى البلاغ أن دور السينما تعلن عن عرض فيلم معنون باسم بنت من دار السلام، تأليف وإخراج المدعو / طونى نبيه المبلغ ضده، ويتضمن هذا الفيلم رقصات خادشة للحياء العام بخلاف الإيحاءات الجنسية المبالغ فيها سواء فى الملابس او الحركات الراقصة بخلاف احتوائه على مشاهد قذرة، من أهمها ذلك المشهد الذى يتلذذ فيه البطل بالتعذيب على يد بطلة الفيلم "رحاب الجمل" أثناء إقامته علاقة حميمة معها. وتدور قصة الفيلم حول بنت تدعى منال من حى دار السلام بقلب القاهرة، تحصل على الثانوية التجارية، ثم تخرج لسوق العمل، وتستغل صديقتها ظروفها وتدفعها للعمل بمنزل رجل مسن، لكنه يتجاوز حدوده ويقوم بالاعتداء عليها جنسياً ثم يقرر الزواج منها، وفجأة تكتشف أنه مريض نفسي، ويحاول قتلها فى النهاية، لكن صديقتها رحاب الجمل تتدخل، وتدخل فى علاقة آثمة معه من أجل استغلاله ماديًا، يشارك فى بطولته كل من ماهر عصام، والراقصة شاكيرا، وحسن عيد، وكارمن، ورينا، ويذكر أن مخرجه المبلغ ضده اتهم باستغلال المشاهد الإباحية بكثرة من البرومو الدعائى للفيلم الذى يظهر شخصاً مسلماً على أنه ماسوشى يتلذذ بتعذيب الجنس الآخر له اثناء ممارسة العلاقة الجنسية. وتجدر الإشارة الى أن الإعلان الترويجى لفيلم "بنت من دار السلام" أثار جدلا أيضا عقب طرحه على موقع You Tube، بسبب احتوائه على عدد من المشاهد الجريئة، ومنها المتعلقة بالماسوشية. هذا الفيلم بحسب البلاغ المقدم للنائب العام يسىء إساءة بالغة للحياء العام بخلاف إثارته للغرائز بأسلوب بذىء ابعد ما يكون عن العمل الإبداعى ويستخدم اللحم الرخيص لتحقيق اكبر عائد مالى بصرف النظر عن الأضرار الجسيمة التى تنشأ من جراء عرضه وتداوله. ولا يمكن التذرع والقول بحرية الإبداع، فهو قول يخالف صحيح الواقع فالهوى طاغ، والتدليس على أشده، ونقول: إن الإسلام أباح حرية التفكير فيما للعقل فيه مجال، أما أن يخوض فى غمار لجج ليس له حظ أو نصيب فيها هو ضرب من التعته أو التحذلق غير المفيد، بل والضار فى ذات الوقت. وليست الحرية والإبداع أن تحطم جميع العقائد والأعراف والموروثات، أو أن تهزأ بالأديان، أو تحقر من تعاليمها، وليست حرية الإبداع أن تمزق برقع الحياء، وتأخذ فى التلاعب بالأعراض، واستخدام الجنس بطريقه فجة مخزية. فنعم للإبداع.. لا للابتداع.. نعم للاجتهاد العلمى الصحيح.. لا للتخبط والتهويم. نعم للرأى الحر السليم لمناصرة الحق.. لا للرأى الهادم للحقائق. والحديث عن حرية الابتداع بلا حدود وسقف أخلاقى إنما هو نوع من الانفلات يروج له الخارجون على القانون والقيم الاجتماعية. ومما يؤسف له أن المبلغ ضده قد استخدم عبارات قذرة، يمجها العقل والعرف والذوق، فضلاً عن الدين والإيمان، ولا يليق بكاتب يحترم نفسه، ويحترم قارءه، ويحترم أمته، أن يصدر عنه مثل هذه الألفاظ، فكل إناء بالذى فيه ينضح. وهناك بجوار تحقير المقدسات الدينية جانب آخر فى الرواية، تناوله الكاتب تناولاً نزل به إلى إسفاف مرذول، وهو ما يتعلق بالجانب الجنسي، وما فيه من مشاهد فاضحة، وعبارات ساقطة، يخجل الإنسان العادى أن يذكرها صراحة، إنما يذكرها سفلة الناس وأراذلهم، ولكن فى مجالسهم الخاصة، وليس فى الأماكن العامة. ويضيف البلاغ أن المبدع حقًا هو الذى يصفى ألفاظ السوقة والسفلة مما يخدش الحياء العام، ويخرج إلى نطاق اللغة المقبولة خلقًا وعرفًا وذوقًا، ويترجم عنها بعبارات من عنده تكشف عن المقصود، دون أن تتلوث بقذارة المحظور. وانظر إلى القرآن الكريم، كيف عرض لنا مشهدًا من المشاهد الجنسية المثيرة، فى أحد قصصه، وهى قصة يوسف عليه السلام، وذلك فى قوله تعالى: "وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه، وغلقت الأبواب وقالت: هيت لك، قال: معاذ الله، إنه ربى أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون. ولقد همت به وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه" يوسف: 23، 24. ترى لو تناول المبلغ ضده باعتباره مؤلف ومنتج فيلم «بنت من دار السلام» هذا المشهد، ماذا كان سيقول فيه؟ وربما يقول قائل: ولكن هذا تناول نص إلهى معجز، وليس لنا نحن البشر مثل هذه القدرة على صياغة مثله؟ ونقول: إن العبرة أن نتعلم منه منهج التناول، وكيف نعبر عن المواقف الشائكة بلغة مقبولة، توصل إلى المراد، دون أن تجرح شعور أحد، تقرأها الفتاة فى خدرها ولا تحس بحرج. ومن هنا رأينا القرآن يعبر عن العلاقات الجنسية بكلمات مجازية أو كنائية، تعتبر غاية فى رعاية الأدب والذوق، مثل كلمة المس واللمس والملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث.. إلخ. ولهذا قال ترجمان القرآن ابن عباس: إن الله حى كريم، يكنى عما شاء بما شاء. والحقيقة أن الرواية موضوع الفيلم -من ألفها إلى يائها- لم تراع دينًا ولا خلقًا، ولا أدبًا ولا ذوقًا، ولا تقليدًا ولاعرفًا، ولم أرها تهدف إلى غرس أى قيمة إيجابية ينتفع بها من يشاهدها. والواقع أنه لا يوجد فى الحياة حق مطلق، ولا حرية مطلقة، الحقوق والحريات كلها مقيدة، فحق أى إنسان مقيد بألا يجور على حق غيره، وحرية كل إنسان مقيدة بألا تنتقص من حرية الآخرين. ولكل مجتمع مجموعة من المبادئ والقيم تعارف الناس عليها: أن تظل مصونة محصنة، وهى تمثل (الثوابت) للأمة، فلا يجوز اختراقها أو التعدى عليها، أو العبث بها، وإلا تعرضت الأمة للخطر، لأنها أصيبت فى جذورها وفى هويتها وجوهر وجودها. ومن تأمل فى الحياة والكون من حولنا، لا يجد فيه شيئًا حرًا حرية مطلقة، بل يجد كل حرية تحدها حدود، وتضبطها قيود، فالسيارات تسير فى الطرق الواسعة والسريعة، وفق قوانين للسير، من تعداها عوقب بقدر تعديه. وهذه القوانين لم توضع عبثًا، إنما هى لحمايته وحماية غيره -نفسًا ومالاً- من الخطر والهلاك. والبواخر فى المحيطات الهائلة لا تسير كما تشاء، كما قد يتصور بعض الناس، بل تسير فى خطوط ملاحية مرسومة، ولو خرجت عنها، لربما اصطدمت بما يحطمها ويدمر كيانها. وكذلك الطائرات فى أجواء الفضاء، ليست حرة فتسبح فى الجو كما تشاء، كما قد يتوهم متوهم، بل هى محكومة بخطوط معلومة، وطرق مرسومة، لا يجوز لها أن تتخطاها أو تتجاهلها، وإلا تعرضت للخطر والدمار. بل إن الكواكب والنجوم فى السماء -فى هذا الفضاء الواسع الهائل- كلها تسير وتدور وتسبح فى مدار محدد، وفلك مقدر، كما قال تعالى: "كل فى فلك يسبحون" الأنبياء: 33. فكيف يباح للأديب وحده أن يكون حرًا حرية مطلقة، لا تتقيد بأى قيد، ولا تنضبط بأى ضابط؟ فيطلق قذائفه عن يمين وشمال، لا يبالى من أصاب، ولا ما أصابت، لأنه حر فى إبداعه، ولا سلطة لأحد عليه. ومن الثابت ان المبلغ ضده بما ألفه وأنتجه يضعه تحت طائلة المحاسبة والعقاب لاقترافه جرائم تخدش الحياء العام، والمجاهرة بالفسق والفجور ونشر الرذيلة، حيث ان تأليفه وانتاجه هذا الفيلم ونشره وعرضه ما هو الا دعوة لممارسة الفجور والرذيلة، وحكمها حكم التحريض عليهما، وهو ما جرم بالمادة رقم 269 مكرر من قانون العقوبات، كما مارس أفعالا مخلة بالحياء، وتنطبق عليه المادتان 178 و178 مكرر من قانون العقوبات المعدلتان بالقانون رقم 16 لسنة 1952. ويهم المبلغ التمسك بحقه فى الإبلاغ لأحكام المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية. ويطالب البلاغ بإحالة طونى نبيه مؤلف ومنتج فيلم «بنت من دار السلام» للمحاكمة الجنائية لارتكابه جرائم تخدش الحياء العام والمجاهرة بالفسق والفجور ونشر الرذيلة المعاقب عليها بالمادة 269 مكرر من قانون العقوبات، كما مارس أفعالا مخلة بالحياء وتنطبق علية المادتين 178 178 مكرر من ذات القانون والمعدلتان بالقانون رقم 12 لسنة 1952.