قال الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية، إن فضيلة مفتى الجمهورية إذا اطمأن بأنه يجوز شرعا إنزال عقوبة الإعدام على المتهم يصدق على الحكم بإعدام المتهم، مشيرا إلى أن الاطمئنان يكون من خلال الأدلة والقرائن، فعندما تتوفر الأدلة والقرائن يوافق على إنزال عقوبة الإعدام، أما إذا شك ولو قليلا يرفض التصديق بالإعدام، مشيرا إلى أن هذه هي القاعدة العامة التي تطبق على كل القضايا التي تعرض على المفتي. ورفض المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية التعليق على قرار محكمة جنايات المنيا بإحالة 683 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين لفضيلة المفتي لاستطلاع رأيه في الحكم بإعدامهم، كما رفض التعليق على قرار المحكمة بإعدام 37 متهما من أصل 528 متهما كانت "الإفتاء" قد وافقت على إعدام 69 متهما منهم فقط. وقال "نجم" في تصريحاته ل"النهار" ردا على سؤال هل يجوز شرعا إعدام مئات المتهمين في قضية مات فيها شخص وأصيب آخرون؟، إنه لن يعلق على أحكام القضاء، مؤكدا أن المفتي لا يوافق على إنزال عقوبة الإعدام على متهم يشك ولو قليلا في ارتكابه الجريمة المتهم بها. وأوضح "نجم" في تصريحاته، أن المحكمة لم ترسل بعد رأي المفتي في أوراق ال683 متهماً الذين أحالت محكمة جنايات المنيا أوراقهم لفضيلته، لافتا إلى أن "الإفتاء" ترسل رأي المفتي قبيل ساعات من جلسة النطق بالحكم لضمان السرية، لأن الدار تتبع المنظومة القضائية في التعامل مع مثل هذه الأمور، مشددا على أنه لا يجوز لأحد الاطلاع عليها، لأن "الإفتاء" في هذه القضايا جزء من إجراءات المحاكمة، بحسب قوله. وشدد مستشار المفتي، في ختام تصريحاته، على أن ضوابط الفتوى في قضايا الإعدام هي الالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسبما تحمله أوراق الجناية علي الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها، وتوصيفها انها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلي تقريرها لهذا النوع من الجرائم. على صعيد متصل، قالت مصادر بدار الإفتاء، إن أوراق قضايا الإعدام تمر بأربع مراحل هي، الإحالة، والدراسة والتأصيل الشرعي، والتكييف الشرعي والقانوني، ثم مراحل التسلم إلي التسليم، لافتة إلى أن "رأي المفتي استشاري وليس إلزامياً"، موضحة أن مرحلة الإحالة من المهام المنوطة بدار الإفتاء المصرية إصدار الفتوى في قضايا الإعدام ، حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبا إلي فضيلة المفتي القضايا التي ترى بالإجماع وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها ، وذلك قبل النطق بالحكم ، تنفيذا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية، وبمقتضاها توقف تطبيق العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية. وأضافت المصادر أن المرحلة الثانية - الدراسة والتأصيل الشرعي - تتم بفحص المفتي القضية المحالة إليه من محكمة الجنايات ، ويدرس الأوراق منذ بدايتها، فإذا وجد فيها دليلا شرعيا ينتهي حتما ودون شك بالمتهم إلي الإعدام وفقا للشريعة الإسلامية أفتي بهذا الذي قامت علية الأدلة، أما إذا خرج ما تحمله الأوراق على هذا النطاق، كان الإعمال للحديث الوارد مرفوعا عن النبي صلي الله عليه وسلم وموقوفا عن عائشة وعمر بن الخطاب وابن مسعود وعلي رضي الله تعالي عنهم والذي صار قاعدة فقهية في قضايا الجنايات لدي فقهاء المسلمين: "لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"، لأن القرآن حرم قتل النفس الإنسانية بغير حق ، فوجب التحقيق من واقع الجريمة وتكييفها وقيام الدليل الشرعي علي اقتراف المتهم إياها حتى يقتص منه. وتابعت المصادر بأن المرحلة الثالثة التكييف الشرعي والقانوني، يعاون خلالها المفتي في هذا الأمر هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتهم دراسة ملف القضية؛ لبيان ما إذا كان الجرم الذي اقترفه المتهم يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدا أو تعذيرا أو قصاصا أولاً، ونظراً لخطورة ملف قضية الإعدام فإن المستشار يقوم بدراسة ملف القضية دون نسخ أي ورقة من أوراق القضية بأي طريقة من طرق النسخ ويجب أن تراجع القضية ويكتب التقرير الخاص بالقضية داخل مقر دار الإفتاء المصرية، ولا يخرج أي تقرير أو أي ورقة خاصة بالقضية خارج مقر دار الإفتاء، نظرا للسرية التامة المحاطة بالقضية، مضيفاً أن المستشارين يقومون بعرض القضية علي المفتي، لإبداء الرأي النهائي من دار الإفتاء فيها. وأشارت إلى أن المرحلة الرابعة والأخيرة، هي مراحل التأمين من التسلم إلى التسليم، وتسير عبر إجراءات أولها أن تُسلم القضية بواسطة مندوب المحكمة ومعه خطاب رسمي موقع عليه من السيد رئيس المحكمة أو المحامي العام، يفيد تسليم القضية، وتاريخ الجلسة التي سوف ينطق فيها بالحكم، أما الإجراء الثاني، فهو أن تقوم دار الإفتاء المصرية باستلام القضية من مندوب المحكمة وذلك بعد مراجعتها والتأكد من كمال أوراقها وسلامتها، وفي حالة وجود أي خلل في أوراق القضية يتم رفض استلام القضية، والإجراء الثالث هو استلام مندوب المحكمة من دار الإفتاء القضية ويعاد تسليم القضية إلى المحكمة بعد إبداء الرأي الشرعي الصادر من فضيلة مفتي الجمهورية.