تصاعدت ردود الأفعال حول واقعة فتاة التحرش الجماعي في جامعة القاهرة لتقفز من نطاق الرأي العام المصري لتتصدر اهتمامات الأممالمتحدة ووسائل الإعلام الإسرائيلية والبريطانية. فقد أعربت الأممالمتحدة عن قلقها الشديد من الواقعة، فيما تناولها الإعلام الإسرائيلي بتهكم وتساءل: كيف يحدث هذا في أكبر دولة عربية ومسلمة؟ بينما أدانت صحيفة "الغارديان" البريطانية الحادث، وطالبت بتدخل حكومي لوقف العنف ضد النساء.
وفي القاهرة أعرب فريق الأممالمتحدة في مصر عن قلقه من الواقعة، وقال على الصفحة الرسمية لمنظمة الأممالمتحدة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن تعرض طالبة مصرية لمضايقات لفظية وجسدية وتحرش من زملائها الذكور في الحرم الجامعي يعد حادثاً غير مسبوق، بل هي المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن حادثة تحرش جنسي جماعي داخل مؤسسة تعليمية.
وأكد أن التحرش يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وتهديداً لسلامة وحرية النساء والفتيات، يمنع مشاركتهن الكاملة في الحياة العامة.
كما أكد البيان نقلا عن العربية نت أن للنساء والفتيات الحق في أن يعشن حياة خالية من جميع أشكال العنف وفقاً للدستور المصري (المادتين 11 و19)، وللالتزامات التي تعهّدت بها الحكومة المصرية ضمن الاتفاقيات الدولية المعتمدة في إطار الأممالمتحدة، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وأشادت الأممالمتحدة بالأداء الرائع لهؤلاء النساء والفتيات، وكذلك الرجال الذين يدعمون قضيتهن لجعل الأماكن العامة أكثر أمناً، داعية السلطات المصرية إلى زيادة التدابير الوقائية لضمان سلامة النساء والفتيات في الأماكن العامة والخاصة وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة. على الجانب الآخر أعرب المجلس القومي للمرأة عن إدانته الشديدة لواقعة التحرش، وأشار إلى أنها زادت من حالة الاستياء الشديد بين الأوساط النسائية على اختلاف أطيافها عقب مطالعتها التصريحات التي أدلى بها الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، تعقيباً منه على الحادث المشين الذي تعرضت له الفتاة داخل أروقة الجامعة العريقة ومثيلاتها التي تقع يومياً في أنحاء عديدة من مصر. وأكد المجلس تحفّظه على تصريحات رئيس الجامعة التي أشار خلالها إلى اعتزام الجامعة إجراء تحقيق قانوني مع كلا الطرفين، الفتاة والمتحرشين، للوقوف على حقيقة الموقف وعقاب المذنب، وهو الأمر الذي يوحى بأنه يدين كلا الطرفين، وتساءل المجلس في هذا الصدد: هل يُعقل أن نضع كلاً من المجرم والضحية في نفس المكانة؟ وكيف لنا أن نبرر تعرض فتاة للتحرش لارتدائها ملابس غير مألوفة؟ وطالب المجلس كل مؤسسات الدولة بإصدار مرسوم بقانون "منع العنف ضد المرأة الذي أعده قومي المرأة" وتضمن عقوبات رادعة ضد المتحرشين، وعدم انتظار تشكيل البرلمان القادم، حيث إن الأمر لا يحتمل الانتظار. كما دعا إلى التنفيذ الفوري الرادع للعقوبات ضد كل من تسوّل له نفسه ارتكاب تلك الجرائم، مناشداً مؤسسات الدولة جميعها التكاتف للتصدي لتلك الظاهرة السلبية التي تلقي بظلالها على المجتمع المصري، وتؤدي إلى تشويه صورة مصر بالخارج. وطالب المجلس وزارة الداخلية بالتطبيق الرادع للقانون لوقف التحرش، وتنفيذ دوريات متنقلة أمام المدارس والجامعات والأماكن المزدحمة للتصدي لحالات التحرش في الحال. في المقابل تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية الواقعة بالتهكم والسخرية، وتساءلت: كيف يحدث هذا في أكبر دولة عربية ومسلمة؟ وروت تفاصيل الواقعة بشيء من الإثارة، حيث قالت إن تغيير سلوك الشباب المصري أصبح شيئاً صعباً، "فتاة شقراء ترتدي ملابس طويلة"، جينز وقميص وردي، وتسير في جامعتها العريقة فيلتف حولها مجموعة من الشباب الذكور وهم يتحرشون بها لفظياً وجسدياً وأعينهم تلتهم جسدها ويمطرونها بوابل من الصراخ والعبارات الخادشة، فكيف يحدث هذا في أكبر دولة عربية ومسلمة وفي أعرق جامعاتها؟! وسلّطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على حالات التحرش الجماعي التي حدثت قبل ذلك في مصر، وتحديداً أول أيام عيد الفطر عام 2006 وأمام إحدى دور السينما، وقالت إن الشباب في مصر أصبح يعبر عن رغباته المكبوتة علناً دون خوف من عقاب أو ملاحقة.
فيما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية إدانة عدد من الناشطين في مجال حقوق المرأة لتصريحات رئيس جامعة القاهرة جابر نصار، حيث قالت ثريا بهجت، مؤسسة مجموعة "تحرير بودي جارد"، وهي المجموعة التي تنقذ النساء من الاعتداءات الجنسية: "إنه من الصدمة أن يلقي رئيس الجامعة باللائمة على ملابس الفتاة، الأمر يبدو مقلقاً ولكنه يسلط الضوء على واحدة من الأشياء الخطأ في هذا المجتمع، الذي يلقي اللوم على الضحية".
يُذكر أنه وفقًا لدراسة للأمم المتحدة، فإن 99.3٪ من النساء المصريات يتعرضن للتحرش الجنسي، و91٪ منهن قلن إنهن يشعرن بعدم الأمان في الشارع بسبب ذلك. وكثيراً ما يُلقى اللوم على النساء في وقائع التحرش، في حين أنه لم يتم تعريف الجريمة بشكل صحيح بموجب القانون المصري، الأمر الذي يجعل من الصعب تقديم الجناة للمحاكمة، وعندما يتم الشكوى للشرطة لا تؤخذ على محمل الجد.