أكد خبراء استراتيجيون أن التقارب المصرى الروسى الذى تعمق بشكل كبير إثر الزيارة التاريخية للمشير عبد الفتاح السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى الى روسيا مؤخرا من شأنه احداث تغيير كبير فى موازين القوى فى المنطقة ، خاصة فى ظل توتر العلاقات مع الادارة الأمريكية الداعمة لنظام الاخوان الارهابى وتهديداتها المتلاحقة بتجميد المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر ، حيث اثمرت الزيارة عن العديد من الاتفاقيات فى المجالات المختلفة واكدت روسيا دعمها لمصر وللمشير السيسى حال ترشحه للرئاسة . وقال الخبير الاستراتيجى عمرو عمار ان الدور المصرى يشهد تحولات كبيرة وتحركات من شأنها اعادة توازن القوى مجددا فى منطقة الشرق الأوسط وبالتالى جاءت هذه الزيارة التاريخية لتكون بمثابة قوة دفع كبيرة لتشكيل شرق اوسط جديد يكون الدب الروسى لاعبا اساسيا فيه وبديلا لأمريكا خاصة أن هناك مجالات لتبادل الخبرات العسكرية أيضا وتبادل الزيارات بين الوفود فى المجالات المختلفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا. وتوقع عمار تطورا كبيرا فى العلاقات المصرية الروسية خلال الفترة المقبلة خاصة مع اعلان الدب الروسى دعمه للتحولات التى تشهدها مصر وثورة 30 يونيو التى اسقطت النظام الاخوانى الارهابى والعمل على مساندة مصر لتفعيل خارطة الطريق والوصول الى الاستقرار والديمقراطية المنشودة، مشددا على الدور المصرى المهم فى المنطقة التى لن يتمكن أحد من تركيعها أو فرض الهيمنة عليها . وكان وزير الخارجية نبيل فهمى قد وصف رد الفعل الأمريكى تجاه زيارته ووزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسى الى موسكو بأنه يحمل عدم ارتياح ، مؤكدا أن تنمية العلاقات مع موسكو ليست نكاية فى واشنطن، وعلى الجميع أن يدرك ذلك. فيما رفض الافصاح عن حقيقة الصفقات العسكرية، والتى تم توقيعها بين القاهرةوموسكو، مكتفيا بالتأكيد على أن المحادثات المشتركة بين الجانبين تناولت كل الموضوعات، ومن بينها التعاون فى مكافحة الارهاب، من دون التطرق لتصنيف فصيل أو طرف أو منظمة على أنها كيان ارهابي«، مشيرا الى أن موسكو تضع جماعة الاخوان على لائحة الارهاب. وقال انه تحدث مع السيسى خلال الرحلة عن عموم مصر وترجمة نتائج الزيارة الى أشياء ملموسة للمواطن ، نافيا أنه تحدث مع السيسى عن ترشحه للرئاسة. ولفت وزير الخارجية الى أنه عاد بقناعة مفادها بأنه لابد من تقديرنا كشعب لحجم مصر وثقلها الدولي، مشيرا الى أن المسئولين الروس وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين أكدوا أن مصر رمانة ميزان الشرق الأوسط، وأن الاستقرار بمصر أساس الاستقرار فى المنطقة. من جهته وصف السفير الروسى بالقاهرة سيرجى كيربيتشينكو زيارة السيسى وفهمى لبلاده بأنها حدث تاريخى فى العلاقات الثنائية. واشار الى عقد ثلاثة لقاءات مهمة بين وزيرى الدفاع المصرى والروسى السيسى و سيرجى شويجو والثانية بين وزيرى الخارجية نبيل فهمى وسيرجى لافروف والثالثة على مستوى (2+2). ولفت مؤتمر صحفى له بمقر السفارة الروسية بالقاهرة ان هذه الزيارة كانت ردا على الزيارة التى قام بها الوزيران الروسيان فى نوفمبر الماضى والتى تم فيها المعرفة الشخصية للمشير السيسى ثم تعرف عليه الرئيس فلاديمير بوتين خلال زيارته الأخيرة لموسكو. وقال إن هذه المعرفة الشخصية بين الرئيس بوتين والمشير السيسى تشير إلى علاقات الثقة بين قادة دول العالم التى تعتبر الأساس لكل التعاون والتفاهم مؤكدا أن المباحثات فى موسكو تعتبر نقلة نوعية جديدة فى العلاقات بين البلدين حيث شملت التعاون فى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية و الرياضية فضلا عن التعاون العسكرى والعسكرى الفني. وأفاد بأن هذه الزيارة تم إعدادها فى وقت قصير وأن الرئيس بوتين كان قد أجرى اتصالا بالرئيس عدلى منصور رئيس الجمهورية فى نوفمبر الماضى وأرسل دعوة لزيارة كل من السيسى وفهمى لموسكو، نافيا تردد الجانب المصرى لقبول الدعوة الروسية وإنما جاءت بسبب الأحداث التى تجرى فى مصر والانشغال بحملة الانتخابات الرئاسية . وأوضح أن هناك مسارين مختلفين للزيارات وهى سياسية وتعاون عسكري الذى بدأ منذ زمن بعيد وتم استحداثه فى فترة التسعينات ويتم التوقيع على العقود بين الوقت والآخر حسب الضرورة. ونفى ما نشرته التقارير الصحيفة المصرية والروسية حول قيمة عقود صفقة الأسلحة التى من المتوقع أن يتم التوقيع عليها قريبا بين القاهرةوموسكو واعتبرها نوعاً من التقييمات لاحتياجات الجيش المصرى وأن تصويرها على أنها عقود مبرمة أمر سابق لأوانه حيث ان العمل يجرى بطريقة تقنية فى هذا المجال. وأضاف أن المباحثات التى أجريت بين الجانبين التى شملت الأوضاع فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والوضع فى ليبيا وتونس والسودان وجنوب السودان واليمن وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وقضية حوض النيل وسد النهضة الأثيوبي. كما تطرقت المباحثات إلى مكافحة الإرهاب موضحا أنها قضية محل اهتمام فى كل من القاهرةوموسكو وتم الاتفاق على التوسع فى التعاون فى هذا المجال استنادا إلى خبرة البلدين وبحث أساليب جديدة لمكافحة الإرهاب فى مصر وأكثر المناطق فى العالم وتابع ان كلا الجانبين قررا عقد اجتماع للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادى والتجارى برئاسة وزير الصناعة منير فخرى عبد النور ووزير الزراعة الروسى فى 28 مارس المقبل فى موسكو والتى سوف تبحث مسألة إنشاء منطقة صناعية روسية . وحول ما اذا كانت هناك زيارة لبوتين للقاهرة قريبا، قال كيربيتشينكو إن أولويات مصر فى المرحلة الحالية هى الانتخابات الرئاسية وأنه بعد انتخاب رئيس جديد لمصر سيتم الاتفاق على عقد لقاء على مستوى القمة ومن السابق لأوانه فى الوقت الحاضر تحديد موعد لهذه الزيارة. وردا على سؤال حول سد النهضة الإثيوبى ، قال إن الجانب المصرى أطلع موسكو على ما يحدث من مشروع سد النضهة والاحتياجات المصرية من مياه نهر النيل فى إطار شرحها للأوضاع لدول العالم وموسكو لم تكن مدعوة للقيام بالوساطة نظرا لوجود اتصالات مباشرة بين مصر وإثيوبيا وليس هناك مقترحا مصريا بالتوسع فى إطار مناقشة هذا الموضوع . وردا على سؤال حول اختلال الميزان التجارى بين البلدين لصالح موسكو، قال السفير الروسى إنه صحيح يوجد هذا الاختلال فيما يتعلق بالتبادل التجارى ولكن يحدث توازنا إذا ما وضع فى الاعتبار عوائد السياحة الروسية لمصر مضيفا أن التبادل التجارى بلغ مليارى دولار عام 2013 بالمقارنة 5ر3 مليار دولار عام 2012 وذلك بسبب تراجع استيراد مصر للقمح الروسى التى تفضل تعدد مصادر أسواق القمح وتسعى إلى للحصول على أفضل شروط التقاعد والأسعار ، موضحا أن نوعية التجارة بين البلدين ليست جيدة وأنها عبارة عن خامات ومنتجات زراعية مؤكدا سعى بلاده إلى تصدير الآلات والمكينات والمواد الجاهزة لمصر. وعن اقامة منطقة تجارة حرة ، لفت إلى وجود اتحاد جمركى بين روسيا وبيلاروسيا و أرمينيا وكازاخستان وهو فى طور الإنشاء وأن مبدأ اتفاقية تعاون للتجارة الحرة يتطلب الرجوع للشركاء فى الاتجاد الجمركي. وردا على سؤال حول الاستفادة من التكنولوجيا النووية الروسية ، قال إن بلاده منفتحة للتعاون بدون استثناء بشرط تحمل هذه الدول الالتزامات الدولية للتكنولوجيا النووية مؤكدا أن القرار يعود للحكومة المصرية وأنه يعتقد أن روسيا سوف تشارك عندما يتم الإعلان عن المناقصة.