رغم أن أغلب أعضاء لجنة الخمسين ينتمون إلي تيارات مدنية إلا أن هناك صراعات داخلية بينهم كأشخاص وتيارات، ولعل المشاكل التي نشبت بين عمرو موسي رئيس اللجنة وسامح عاشور منذ تنافسهما علي رئاسة اللجنة تظهر بين الحين والآخر فقد تجددت المشاكل بينهما أمس خلال الجلسة العامة للجنة الخمسين التي عقدت في وقت متأخر وكانت اللجنة تناقش مواد المقومات الأساسية للدولة. انفعال سامح عاشور وبحسب مصادر حضرت الاجتماع المغلق، فقد انفعل سامح عاشور بشدة واحتد في الحديث عند مخاطبته رئيس اللجنة، اعتراضًا على تجاوزه وعدم إعطائه الكلمة، لطرح أمر التصويت على بقاء مجلس الشورى من عدمه، كما كان مقررًا وفًقا لجدول اللجنة. وأضافت المصادر أن نقيب المحامين، حاول مرارًا أخذ الكلمة قبل انفعاله وسط تجاهل عمرو موسى له وإعطاء الكلمة لمحمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وهنا انفجر عاشور صارخًا في وجه موسى قائلاً: “إنت إزاي تتجاهلني كده، مش سامح عاشور اللي يحصل معاه كده”. لكن عمرو موسى حاول احتواء الموقف بدبلوماسية قائلاً: “أنا أعطيتك الكلمة من قبل، وهذا حق لي، وعلى ذلك نقطة نظام”، ثم أعطاه الكلمة، بعدها أخذ بالتصويت على مناقشة مجلس الشورى من عدمه، وقررت أغلبية الأعضاء إرجاء حسم بقاء مجلس الشورى من عدمه إلى جلسة غد الخميس. وقد ارتفع صوت عاشور إلى حد وصوله إلى خارج القاعة المغلقة بمجلس الشورى، مما أدى الى لفت انتباه العاملين ورجال الأمن خارج القاعة وكانوا فى حالة ترقب خارج القاعة، خاصة أن صوت عاشور كان مرتفعًا للغاية وغاضبًا وسط محاولة عدد من الأعضاء تهدئته. صراع بقاء الشورى ويشار إلى أن هناك جبهتين تتصارعان داخل لجنة الخمسين إحداهما مؤيدة لبقاء مجلس الشورى ويتزعمها عمرو موسى، ويسانده عدد من ممثلي الأحزاب داخل اللجنة أبرزهم سيد البدوي رئيس حزب الوفد. وفي المقابل جبهة رافضة تمامًا لبقاء الشورى يتزعمها سامح عاشور وممثلو حركة تمرد. وبعيدا عن صراع الأشخاص، هناك صراع تيارات ووجهات نظر متباينة خاصة بين عضوا التيار السلفي وممثلي الكنسية ، وبعد انتهاء أزمة المادة 219 نسبيا ظهر في الأفق خلاف بين الطرفين علي مواد الهوية. فيما أكد الدكتور شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسى بحزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية، أن أزمة المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية انتهت داخل لجنة الخمسين بنسبة كبيرة، مشيراً إلى أن هناك ارتياحا لدى أعضاء لجنة الخمسين حول التفسير الجديد. توافق على “مبادىء الشريعة” وقال “عبد العليم” : هناك توافق كبير بين ممثلى حزب النور وممثلى الأزهر وباقى أعضاء لجنة الخمسين على التفسير الجديد لمبادئ الشريعة، الذى ينص على “الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، والأحكام المجمع عليها مع التزام المشرع فى الأحكام الاجتهادية بالضوابط، التى تحافظ على مقاصد الشريعة”، مؤكدا أنه قد تم التوافق على هذا النص كبديل متوافق عليه يرضى جميع الأطراف، وأنه لم يتم التوافق بعد، حول موضع هذه الصياغة بين مواد الدستور. وأشاد “عبد العليم” بالتعديل الحالى للمادة الثالثة من الدستور المتعلقة بمبادئ شرائع غير المسلمين من المسحيين واليهود، قائلاً: (كلمة غير “المسلمين” كانت ستفتح الباب لعبادات وديانات غير سماوية، وكانت ستحدث خلافات بالمجتمع المصرى)، مشيراً إلى أن حزب النور يرفض النص على وضع “كوتة” للمرأة والعمال والفلاحين فى الدستور لأنه يخالف لمبدأ المساواة. وكانت هذه التعديلات تمت في حضرة الأزهر الشريف وبرعايته ما أثار أزمة عاصفة من ممثلي الكنيسة حيث أشار الأنبا بولا ممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، إلى رفضه صياغة مواد الهوية وأسلوب مناقشتها، موضحا أنه لم يحدث أى نقاش فى اللجنة، وأن المادة الواحدة كانت تناقش فى ساعة ولم يتم إعطاء حق الرد حولها. وأضاف : من والواضح جدا أن رأى التيار السلفى يفرض على مصر، وهو أمر لن يقبله الأقباط، فلن نقبل بأى حال من الأحوال بتفسير المادة الثانية من الدستور ولا فى الديباجة”. وتساءل:”هل التوافق معناه أن تصل للمسافة التى يفرض علينا رأى السلفيين دون الرجوع لنا، لن نقبل بذلك مهما كان، فكيف توزع مذكرة مواد الهوية قبل الرجوع لنا، وما إذا كنا موافقين أم لا، هل التوافق معناه قمع الطرف الآخر ورأى واحد يكون صوته الأعلى، فهذا أسلوب مرفوض وغير مقبول”. وتقدم بمذكرة من أربع صفحات إلى عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، اعتراضا منه على طريقة عمل اللجنة، وخاصة الاجتماعات المصغرة التى عقدها رئيس اللجنة مع ممثلى الأزهر وحزب النور للتوافق على مواد الهوية، دون حضور ممثلى الكنيسة، واعتراضا أيضا على تغيير لجنة الصياغة فى مضمون المواد التى تم إقرارها داخل اللجان النوعية. ولعل تهديدات الأنبا بولا، عضو لجنة الخمسين، بالانسحاب من اللجنة جاءت اعتقادا منه بأن اللجنة أقرت المادة 219 بشكل جديد لها يتم تضمينه بديباجة الدستور لتكون مفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية، وجاء موقفه نتيجة تسرع حزب النور في الإعلان عن التوصل إلى نص للمادة خلال لقاءات التوافق بين ممثلى النور والأزهر برئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، خاصة أن الاجتماعات الأخيرة لم يحضر فيها أي من ممثلى الكنيسة. غضب الكنيسة يذكر أن الكنيسة ترغب في عدم تفسير كلمة” مبادئ” حسبما اتفق حزب النور مع الأزهر الشريف علي أن يكون تفسيرها للمحكمة الدستورية العليا، ووضع تفسير جديد لمبادئ الشريعة الإسلامية يتم وضعه فى ديباجة الدستور، ويكون بديلا للمادة 219 التى كانت فى دستور 2012، وينص التفسير الذى تم تجميعه من أحكام المحكمة الدستورية على: “مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وأن هذه المبادئ هى الأحكام قطعية الثبوت والدلالة والأحكام المجمع عليها، ويتعين على المشرع أن يلتزم بالأحكام الاجتهادية والأصول، والقواعد والقواعد الضابطة وصون المقاصد الشرعية”. وهذا ما أثار غضب الأنبا بولا ودفعه للتهديد بالانسحاب من اللجنة، ويبدو أن مناقشات الأيام المقبلة ستكشف كثيرا من الصراعات.