ما من تشريع سماوي أو وضعي- أو عرفي- أو فلسفة في شتي الأعصار والأمصار- كرمت الإنسان كإنسان بغض البصر وصرف النظر عن دينه أو نوعه أو اقليمه أو لونه أو وضعه مثل ما شرع الإسلام- في وحي الله عز وجل المنزل في القرآن الكريم- والسنة المطهرة- وفي فهم واستنباط الأئمة الأعلام. وبالاستقراء الأمين في الأحكام الفقهية الإسلامية المستنبطة من أصول ومصادر التشريع الإسلامي نجد تكريما للإنسان لم يسبق ولن يلحق وأذكر بعضا من هذا فيما يلي. مكانة الإنسان بين المخلوقات أجمع العلماء علي أن بني آدم أفضل من كل المخلوقات سوي الملائكة والأصل فيه. 1 قول الله عز وجل- لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. وقوله جل شأنه - ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا. وجه الدلالة يخبر الله سبحانه وتعالي عن تشريفه لبني آدم وتكريمه إياهم في خلقه لهم علي أحسن الهيئات وأكملها وأفضليتهم علي سائر المخلوقات 2 قوله صلي الله عليه وسلم ما شيء أكرم علي الله من ابن آدم. طهارة الآدمي أجمع العلماء علي طهارة الآدمي دمعه ولعابه وعرقه ولبنه وبزاقه ومخاطه والنخاعة وسؤره سواء أكان مسلما أم كافرا سواء أكان محدثا أم جنبا أم حائضا أم نفساء. عصمة الدم والمال والعرض أجمع الفقهاء علي أن الدماء والأموال والأعراض مصونة في الشرع وأن الأصل فيها الحظر ولا يستباح ولا يراق منها شيء إلا بيقين. واتفقوا علي انه لا يحل أن يقتل انسان نفسه. واتفقوا علي أنه لا يحل لأحد أن يقطع عضوا من أعضائه ولا أن يؤلم نفسه في غير التداوي بقطع العضو المصاب خاصة. وأجمعوا علي أن جلد الإنسان لا يحل سلخه ولا دباغه ولا استعماله. واتفقوا علي أن خصاء الإنسان حرام وأنه مثله وتغيير لخلق الله تعالي. واتفقوا علي أن المثلة بالإنسان حرام. وأجمع المسلمون علي تحريم القتل بغير حق. أجمع العلماء علي أن من أشرف علي الهلاك من مخمصة ولم يجد إلا آدميا محقون الدم لم يبح قتله ولا إتلاف عضو منه مسلما كان أو كافرا. لا خلاف يعلم في أن قذف الكافر البريء قول زور ويعزر فاعله. وأجمع العلماء علي أن القذف للمسلم وغيره محرم وأنه فسق. وأجمعوا علي أن المسلم تقطع يده إذا سرق مالا لمسلم أو لغير مسلم وعلي أن غير المسلم يقطع بسرقة مال المسلم أو غير المسلم والأصل فيما سبق 1- قول الله تعالي ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا» 33 الإسراء. وقوله تعالي «انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا وقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون» 32 . 2- قوله صلي عليه وسلم «أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام». ومن مقاصد الشريعة الإسلامية مقصود الشرع من الخلق خمسة. «أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم» لهذا حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء علي الإنسان مسلما أو غير مسلم علي. البدن بالقتل أو الجرح وما أشبه ذلك العرض بالزنا ومقدماته وصوره وأشكال. المال بالسرقة والغصب والإتلاف. وأوجبت عقوبات دنيوية زاجرة رادعة وتوعدت بعقوبات أخروية وحددت متي تستباح الأبدان والأموال بضوابط في أحوال معينة كالجهاد المشروع والحدود الشرعية والقصاص والديات وضمان المتلفات وهذا مفصل بإحكام في قواعد الأحكام.