تطلّ معمعة "الكلاسيكو الأعظم" بين برشلونة وريال مدريد من جديد على المتيّمين بجنون المستديرة في كامل أنحاء المعمورة، ولكن إطلالتها هذه المرة تلازمت بعنوان "اليوم الكبير" نظراً لارتباط تاريخ نسختها ال 165 لحساب الليجا الإسبانية، بإجراء قمتين تقليديتين من العيار الثقيل يحتضن الأولى رحاب الكالشيو مقدّماً صراع الجارين في مدينة ميلانو في ثوب الطبق الرئيسي، في حين تستدعي بلد الأنوار بفخر شديد قطبيها مرسيليا وباريس سان جيرمان لموقعة فوق حدود التوقعات. باختصار، هو يوم الجبابرة بامتياز، ورغم ذلك يبقى الكلاسيكو الإسباني علامة مضيئة لخلفياته العديدة وحساسيته التاريخية لدى عشاق الغريمين، ومن هذه البوابة آثرنا الدخول بالتطرّق إلى بعض المعطيات الإحصائية المرتبطة بأرشيف المواجهات الثنائية التي لا طالما أحبّ "المناصرون لهذا الطرف أو ذاك أو متابعو المواعيد الكبرى على وجه التعميم التسلّح بها لمحاججة الشق المناقض ما يضفي رونقاً خاصاً ومتعة لا مثيل لها يستعصى توفّرها في غير هذا النوع من المواجهات الثقيلة التي تجمع كبيري الليجا. كلاسيكو الليجا بمنطق الأرشيف وبالاحتكام إلى لغة الاستضافة والأرض، يستأنف "الميرنغي" أفضليته النسبية بتحقيقه 50 انتصاراً على حساب برشلونة في ثوب المستضيف وتعادل في 15 مباراة في حين انحنى أمام ممثل كتالونيا في 17 قمة على أرض مدريد.لحساب صراعات الكلاسيكو على مستوى الدوري، يواصل النادي الملكي بسط هيمنته على المعطيات والتفاصيل الرقمية التي ترجّح كفته ولو بشكل طفيف وفارق ضئيل، إذ تلوح غلبة ريال على خصمه اللدود في عدد مرات الفوز وعددها 69 مباراة سجّل خلالها 267 هدفاً بينما حسم البرصا 65 مباراة لمصلحته مهدّفاً في 263 مناسبة، بيد أنّ 31 مواجهة انتهت على واقع اقتسام النقاط. أما "البلاوجرانا" فقد حصد على ميدانه 48 فوزاً وتعادل في 15، بينما أكرم ضيفه العاصمي بإهدائه نقاط المباراة الكاملة في 19 موعداً. وكما نذكر جميعا كان الانتصار حليف ريال من جديد في آخر موقعة بين الفريقين ضمن إياب الدوري في الموسم المنقضي والتي احتضنها ملعب "كامب نو" وانتهت بنفس النتيجة (2-1) بفضل هدفي سامي خضيرة والنجم كريستيانو رونالدو بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2012.من المفارقات الطريفة التي حظيت بها قمة الكلاسيكو لحساب الدوري "لا ليجا" هو أن أول وآخر مباراة بين الغريمين لحساب الدوري قد انتهت مدريدية الهوية، حيث فاز "أبناء العاصمة" على "سفراء الإقليم" في باكورة قمم الليجا التي احتضنتها مدينة برشلونة بنتيجة (2-1) بفضل ثنائية رفاييل موريرا لوبيز وكان ذلك بتاريخ 29 شباط/فبراير 1929. وفي حوار أول وآخر من سجّل في كلاسيكو الدوري يهيمن ريال أيضاً، حيث بصم موريرا على أول هدف في الدقيقة 10، في حين كان البرتغالي رونالدو آخر من وضع إسمه على قمة الدوري بتسجيله هدف الفوز الذي عبّد للريال البطولة فيما بعد في الدقيقة 73. لئن قطع برشلونة في المواجهات الإجمالية للكلاسيكو في كافة المواعيد الرسمية منها أو الودية مع أفضلية غريمه الريال، وذلك بتحقيقه تفوقا واضحاً في عدد مناسبات الفوز برصيد 106 مباراة مسجلاً 444 هدفاً وتسجيل ريال مدريد ل91 انتصاراً مسجلاً 411 هدفاً، في مقابل انتهاء 55 قمة بالتعادل. إلا أنّ الغلبة في الكلاسيكو بمقياس المواجهات الرسمية (لحساب الليجا، كأس الملك، المسابقة الأوروبية وكأس السوبر المحلي) لا تزال مدريدية وبفارق فوز وحيد، حيث حقّق "الملوك" حتى الآن 88 فوزاً مسجّلين 367 هدفاً في مقابل 87 فوزاً للبرصا و 359 هدفاً، في حين آلت 46 مباراة إلى نتيجة التعادل. وبالتالي يمكن القول بأن أبناء المدرب الجديد "تيتو فيلانوفا" أمام فرصة تاريخية لمعادلة غريمه على مستوى المواجهات الرسمية بينهما، إضافة إلى ضرب عصفور آخر بحجر واحد ألا وهو توسيع الهوة أكثر فأكثر مع العدو المدريدي المتخلّف أصلاً ب 8 نقاط كاملة عن برشلونة صاحب الصدارة إلى حدود كتابة هذه الأسطر. من أبرز التحديات التي حملها كلاسيكو المرحلة السابعة من ذهاب الدوري الإسباني لهذا الموسم في طياته، ذلك الصراع الخفيّ (الذي يمثّله ميسي ولقب الهداف التاريخي للكلاسيكو) المنضوي تحت لواء الصراع الأضخم والأهم ألا وهو إثبات الجدارة الكتالونية على حساب الكتيبة المدريدية كطموح كوني لكافة جماهير البلاوجرانا. ومن هذا المنطلق يدخل الجوهرة الأرجنتينية القمة رقم 165 لحساب بطموحات ذاتية مشروعة قوامها تجريد مواطنه وأسطورة ال"بيانكوس" الحية ألفريدو دي ستيفانو من لقب الهداف التاريخي للقاءات الكلاسيكو أو ال"بيتشيتشي" كما يعرف في إسبانيا برصيد 18 هدفاً، وسيسعى ميسي بأهدافه الخمسة عشرة إلى توظيف كل مؤهلاته الخرافية لبلوغ طموحه، ويبقى قادراً على فعل ذلك لا سيما إذا سارت الكرة حسب ما يشتهيه. وغير بعيد عن الصراع التاريخي لهداف الكلاسيكو، نلحظ بروز سيناريو صراع متكرّر وأضحى مملاًّ في الآونة الأخيرة، وهو ما يمكن أن نسمّيه "صراع العصر" بين "الإمبراطور" ليونيل ميسي و"الدون" كريستيانو رونالدو. فصراع ميسي التاريخي مع "العريق" دي ستيفانو سيتّخذ صبغة محلية بتحوّله إلى "الحاضر الشرس" الذي يمثله رونالدو عنوان المنافسة الوحيد لل "بيبي ديورو" الأرجنتيني. ولئن كان ميسي قريباً من دي ستيفانو في ترتيب هدافي الكلاسيكو على مر العصور فإنه وعلى مستوى هذا الموسم وإلى حدود الجولة التاسعة يتعادل مع كريستيانو برصيد 6 أهداف في شباك الخصوم ولكن تحت وطأة و"وصاية" كولومبية يمثلها عقرب أتلتيكو مدريد "راداميل فالكاو" بأفضلية هدف وحيد. أما عن الحوار التقليدي بين "ليو" و"كريس" على مستوى كلاسيكو الليجا فالأغلبية تؤول إلى النجم الأرجنتيني الذي زار شباك ريال 8 مناسبات، بينما لم يتمكن رونالدو من تسجيل سوى هدفين فقط في مرمى الحارس فيكتور فالديز (علماً أنه نجح في بلوغ مرماه في 8 مناسبات توزعت على باقي المسابقات). الأولى لإثبات التفوق بين "تيتو" ومورينيو بعيداً عن النبش في الهوامش وبالعودة إلى المعطيات الفنية الموجودة تؤشر الأرقام إلى تعادل "الرّجلين" في مقياس الغلبة بفوز لكلّ منهما كلاهما جاءا بمذاق السوبر، غير أن انتصار مورينيو على نظيره جاء بمذاق التتويج.لا يقلّ حوار دكة البدلاء أهمية عن حوار الأقدام على الميدان، فبين مدرب برشلونة حديث العهد بمنصب المسؤول الأول "تيتو فيلانوفا" والخبير البرتغالي "جوزي مورينيو" قصة طويلة بدأت بنودها بمناوشة من ال"سبيشل وان" في إحدى معتركات الكلاسيكو الموسم الماضي لتتواصل فصولها إلى محطات عديدة متتالية إلى حين حلول موعد الموسم الراهن أين قرّر المعنيين بالأمر ردم ما كان من الخلافات والعبور إلى صفحة البياض. كلاسيكو هذا الأحد سيكون نسخة متجدّدة بين رجلي القرار في دكتي الاحتياط على إثبات المقدرة والأرجحية الفنية لطرف على حساب آخر خصوصاً بالنسبة لفيلانوفا الذي سيحاول التغلب على معسرات بالجملة يبقى أهمها تغيّب صمامي الخط الخلفي للبلاوجرانا كارليس بويول وجيرارد بيكيه (تبقى عودته صعبة جدا بالنظر إلى عدم اكتمال جاهزيته ولكن يبقى أمر إقحامه وارداً).وبالتالي قد يضطرّ تيتو للتعويل على خدمات ثنائي خط الوسط الدفاعي المتكوّن من الكاميروني ألكسندر سونج والأرجنتيني خافيير ماسكيرانو لسدّ الخلل الحاصل.