أصدر الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين ، بيانا يحمل عنوان "رسالة من العلامة القرضاوى"، قال فيها "فى ظل الظروف الدقيقة التى تمر بها مصر، أرى لزاما على بمقتضى الميثاق الذى أخذه الله على العلماء، أن يبينوا للناس الحق ولا يكتمونه، وبمقتضى حبى لبلدى مصر الذى فيه نشأتُ وتعلمت وشببت وكافحت وتخرجت، وبمقتضى المكانة التى تتبوؤها مصر بين البلاد العربية، كشقيقة كبرى لأخواتها العرب، وبمقتضى الدور الذى ننتظر أن تقوم به مصر وبلاد الثورات العربية فى قضايا العرب والمسلمين، أرى لزاما على أن أتوجه بهذه النصائح، لإخوانى من شعب مصر، وخصوصا السياسيين، والإعلاميين، ومرشحى الرئاسة." وتابع: بداية أشيد بالخلق العام السائد بين مرشحى الرئاسة، والاحترام المتبادل فيما بينهم، والتصريحات المسئولة فى الغالب الأعم، فهذا ما ينتظر من رجال تصدروا لقيادة الحياة السياسية فى مصر فى الفترة المقبلة، ورشحوا أنفسهم لأهم منصب فى السلطة التنفيذية، فأنا أؤكد على كل منهم بالاستمرار على هذا المستوى الراقى من المسئولية والتنافس الشريف، وأحذر أنصارهم من دعاية، لا يخلو بعضها من تجاوزات، يأباها الشرع الحنيف، وتأباها الفطرة السوية، والخلق القويم، ويأباها جمهور الشعب المصرى الكريم. وأضاف موجها حديثه لمرشحى الرئاسة قائلا: أدعوهم جميعا أن يكفوا ألسنتهم عن الحديث عن الآخرين، وعليهم العمل لمصلحة الإسلام ومصر، وأن يتركوا الأمور الآن لما تسفر عنه الأحداث فى أيامها القادمة إن شاء الله، وليتركوا لأهل العقل والحكمة السعى فى وضع ميثاق أخلاقى يحترمه الجميع، وينزل عليه كل صاحب خلق ورشد من المرشحين ومؤيديهم. وليعلم إخوانى المرشحون الفضلاء، أن المفسدين من حملة مشاريع التفرقة لن يدعوهم محتفظين بإخوتهم، وسلامة صدورهم، ولن يتركوهم فى حالهم، وسيحاولون التفرقة بينهم بإثارة الفتن، والتحريش بينهم، وإثارة نعرات الجاهلية التى ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تتفق مع أخلاقنا الإسلامية، ولا مع فطرتنا النقية، فعلينا جميعا أن نعمل لمصلحة وطننا مصر، وجمع الصفّ، وتوحيد الكلمة، وأن نستشعر جميعا خطورة المرحلة التى تمر بها مصر والعالم الإسلامى. كما وجه كلمة لأنصار المرشحين قائلا: اعمل دعايتك لمرشحك، بذكر فضائله بالحق، ولا يعنيك شأن الآخرين، بالخوض فى حياتهم، أو التنقص منهم، أو من مؤيديهم. كما دعا التيارات السياسية الموجودة على الساحة المصرية ،"إسلاميين وليبراليين ووطنيين"، إلى التعاون فيما بينها فى مختلف القضايا، ومنها قضية تأسيسية الدستور، وإلى عدم التصلب فى المواقف، وتوسيع المشاركة لتشمل مزيدا من التوجهات داخل اللجنة المشكلة، فالأغلبية تتنازل، والأقلية تتعاون، فالجميع أمام مسئولية تاريخية عن هذا البلد أمام الله والشعب والأمة. كما دعا عقلاء هذا الوطن وعلماءه ورجاله ومفكريه ومثقفيه إلى القيام بدور لتقريب وجهات النظر، والمرور بالبلاد من الأخطار المحدقة بها فى الداخل والخارج، وبذل المساعى الحسنة لرأب الصدع، فهذا واجبهم، والله سائلهم عنه. كما وجه كلمة للشعب المصرى الحبيب المعروف بطيبة القلب، وعفة اللسان، ونقاء السريرة، الذى لا تخفى عليه هذه المؤامرات التى تحاك ضده، فعلى الشعب دور مهم هنا، وهو البعد عن التنابز والتراشق، وعدم استجابته لمثل هؤلاء الشتامين الطعانين، الباحثين والمفتشين عن عيوب الناس، بل عليه معاقبة مَن يجعل عماد حملته الدعائية التنقص من غيره، والسباب، والنيل من سمعة الآخرين، وذلك بعدم التصويت له، فهذا خير عقاب للمسىء خلقيا ووطنيا، والله تعالى يقول: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، فهجر المسيء واجب شرعى، إذا نُصح فلم ينتصح، ولم يرتدع عن النيل من الآخرين. كما وجه الشكر لأجهزة الإعلام النزيهة بمختلف وسائلها، من قنوات فضائية وصحف وإذاعات وغيرها، لما قامت به من دور وطنى فى السابق بمحاربة الفساد، وكشف عورات النظام، داعيا كل إعلامى حرّ إلى تحرِّى الدقة فيما ينشره من أخبار، وما يقدمه من تحليلات، وما يتبناه من دعوات، فالإعلام المسئول هو الذى يقوم على الصدق والمهنية والتثقيف والحوار البنَّاء، ومصلحة مصر يجب أن تكون فوق الخلافات الحزبية والفكرية الضيقة.