بعد النجاح الساحق لحزب الحرية والعدالة وتكتل الأحزاب السلفية المتجمع حول حزب النور فى المراحل الثلاث لانتخابات مجلس الشعب وحصولهما معاً على الأغلبية المطلقة للمجلس، تتجه الأعين إلى انتخابات مجلس «الشورى» المقرر أن تبدأ فى نهاية الشهر الحالي. وأهمية انتخابات «الشورى» أن هناك 180 عضواً منتخباً منه سوف يضافون إلى المنتخبين من مجلس الشعب وعددهم 498 ليشكلوا معاً البرلمان الذى سوف يقوم باختيار اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وهو ما يرى البعض أنه فى ظل الاكتساح الإسلامي للمجلسين سوف يجعل من هذه اللجنة إسلامية الطابع، وهو ما سوف ينعكس بالضرورة على صياغة الدستور القادم. وقد أفاض السياسيون والمحللون فى اقتراح حلول وصيغ وسطية من أجل تجاوز صياغة الدستور بمنطق الأغلبية البرلمانية وإعادته إلى منطقه الطبيعى، وهو أن يكون معبراً عن توافق عام بين مكونات الشعب المصرى كلها بغض النظر عن أوزانها الانتخابية فى هذا البرلمان أو ذاك. وحتى اللحظة لم يتم التوصل إلى نقاط مشتركة بين من باتوا يشكلون الأغلبية فى مجلس الشعب والبرلمان عموماً على الأرجح وبين بقية القوى السياسية والحزبية التى تحتل اليوم موقع الأقلية أو المعارضة. ومع اقتراب موعد انعقاد مجلس الشعب مع كل ما سوف يثيره من قضايا خلافية بين الأغلبية والأقلية مثل رئاسة المجلس ولجانه وجدول أعماله الأول وغيرها، يبدو ضرورياً بل حتمياً أن تبدأ الأحزاب الممثلة فيه جلسات تشاور جادة حول كل هذه القضايا للتوصل إلى توافقات وحلول وسط حولها، بما يتناسب مع استكمال مسار الثورة وثقل المهمة التى سيقوم بها البرلمان فى هذا الاستكمال. إن مشهد الجلسات الأولى لمجلس الشعب إذا كان توافقياً سيكون حاسماً فى منح المصريين الذين أقبلوا بحماس على التصويت ثقة أكبر ونهائية فى المسار الانتخابى والبرلمانى وسيحولهم بالفعل إلى شعب يصنع مستقبله بيده، أو أنه، إذا بدا مشهدا صراعيا سيفقدهم الثقة فى هذا المسار ويبعدهم من جديد عن المشاركة فى العملية الانتخابية التى ستتحول لديهم إلى مجرد وسيلة للأحزاب السياسية للحصول على المكاسب. إن المكاسب التى يمكن أن تحصل عليها الأحزاب المختلفة من أغلبية أو أقلية فى مجلس الشعب أو البرلمان كله لا يمكن أن تقارن بالثقة التى يمكن أن تكتسب أو تضيع من المصريين فى العملية الانتخابية وفى المجالس النيابية. ومن هنا فإن الحرص على استكمال ثقة وتجربة المصريين فى العملية الديمقراطية والمؤسسات المنتخبة يتطلب من كل الأحزاب وبخاصة تلك الحاصلة على الأغلبية أن تكون هى الساعية للتوافق حول كل القضايا السابقة وغيرها مما يمكن أن يثير نزاعات بينها وبين أحزاب الأقلية. إن المخاطب الأول من هذه الدعوة هو حزب الحرية والعدالة وبعده تكتل الأحزاب السلفية حول حزب النور، فهما أصحاب الأغلبية اليوم وهما الأكثر مسؤولية عن مستقبل البرلمان والديمقراطية والثورة كلها. فهل ننتظر وفقاً لهذا خلال الأيام المقبلة دعوة من أحزاب الأغلبية لشركائهما فى البرلمان والوطن من أحزاب الأقلية للتحاور الجاد حول كيفية إنجاح عمل مجلس الشعب قبل انعقاده، وحل كل قضايا الخلاف فيما بينها، قبل أن تنفجر أمام عيون المصريين فى الجلسات الأولى للمجلس؟ نقلا عن جريدة المصري اليوم