تصاعدت حدة التوترات بين دول الاتحاد الأوروبي بسبب تفرد أعضاء منطقة اليورو وفي مقدمتهم فرنسا وألمانيا بالقرار دون الرجوع إلى الدول العشر غير الأعضاء في الوحدة النقدية وفي مقدمتهم بريطانيا. يأتي قبيل عقد قمة أوروبية غداً الأربعاء بمشاركة قادة دول منطقة اليورو بعد قمة أوروبية يوم الأحد انتهت بمشادة كلامية بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وعبر كل من البريطانيون والسويديون والبولنديون عن استيائهم من نزعة زملائهم في منطقة اليورو إلى الاجتماع ببعضهم بعضاً وتعزيز القيادة المشتركة لاقتصاداتهم، واتخاذ القرارات من دون استشارة الدول التي لا تقاسمهم العملة الموحدة. وأرغمت أزمة الديون الدول التي تتقاسم العملة الموحدة، على تحقيق قفزة إلى الأمام في مجال التقريب بين سياساتها الاقتصادية الوطنية وتشديد الانضباط في الموازنة المشتركة والتعويل على نفسها للخروج من الأزمة. بينما ترى الدول غير المعتمدة عملة اليورو، أن هذا المنحى يفرغ مشروع الاتحاد الأوروبي بأعضائه ال 27 تدريجاً من جوهره، لتصبح أوروبا بذلك منقسمة إلى كتلتين تسير كل منهما بوتيرة مختلفة عن الأخرى. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي كان أرجأ زيارتين رسميتين كان مقرراً أن يقوم بهما إلى نيوزيلندا واليابان للمشاركة في قمة الغد،: "أزمة منطقة اليورو تطاول كل اقتصاداتنا بما فيها اقتصاد بريطانيا". وشدد على أن "من مصلحة بريطانيا أن تحل دول منطقة اليورو مشكلاتها، لكن ذلك بات خطيراً، وتحدثت معهم في هذا الشأن، إذ ربما يتخذون قرارات حيوية لدول السوق المشتركة الأخرى، مثل تلك المتعلقة بالأجهزة المالية التي تخص السوق المشتركة". وبناء على ذلك طالب البريطانيون بعقد قمة أخرى تجمع كل دول الاتحاد الأوروبي غداً في بروكسيل وحصلوا على ذلك. وعلّق مصدر أوروبي على ذلك –ساخراً-بأن "كاميرون يتميز بالفكاهة البريطانية، إذ استغرب اجتماع دول منطقة اليورو وحدها". وانتقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الوزراء البريطاني، إذ أفادت صحيفتا "دايلي تلجراف" و"الجارديان"، استناداً إلى مصادر دبلوماسية، أن الرئيس الفرنسي توجه إلى كاميرون قائلاً: "مللنا من سماعكم تنتقدوننا وتقولون لنا ما يجب فعله. تقولون إنكم تكرهون اليورو ورفضتم اعتماده، واليوم تريدون التدخل في اجتماعاتنا". وأكدت صحيفة "تايمز" البريطانية حصول مشادة كلامية بين الزعيمين، من دون الدخول في التفاصيل. وينتاب القلق المفوضية الأوروبية، لأنها تلاحظ "تصرّف باريس وبرلين في شكل متزايد في إدارة دولية لأوروبا، ما يؤدي إلى تهميش المؤسسات الأوروبية وفي مقدمها المفوضية". وتعمل فرنسا على تعزيز أهمية منطقة اليورو ككيان مستقل لتجسيد فكرتها في تشكيل "حكومة اقتصادية". لكن قادة منطقة اليورو لا يشاطرونها هذه الفكرة. وأصدرت كل من هولندا وفنلندا أخيراً، تحذيراً في رسالة وقعتها السويد أيضاً، وأكدت فيها ضرورة "مشاركة كل الدول الأعضاء في القرارات" لتعزيز الازدهار الاقتصادي للقارة.