اتفق الخبراء حول فكرة أن النموذج التركي – وهو النموذج الذي أصبح تتطلع إليه شعوب المنطقة بعد النجاحات المبهرة التي حققها حزب العدالة والتنمية والذي اثبت أن المظلة الأساسية له هو أن يكون هناك نظام سياسي حقيقي يعترف بالتعددية - لا يصلح لتطبيقه بشكل كامل في مصر وان كان يمكن الاستعانة ببعض الدروس الاستفادة منه وكان لهم المبررات . أكد هشام جعفر الخبير في الشئون التركية أن مصر أصبحت في مأزق حقيقي لان الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة في الفترة الحالية لم تقدم مشروعا للدولة المصرية ما بعد الثورة على عكس ما هو معروف في تركيا من أن كل حزب سياسي لديه تصور حقيقي لمشروع الدولة . ورأى أن المشكلة كلها تكمن في أن نظام حسني مبارك جعل الجميع في مأزق حقيقي حيث أن حسني مبارك جعل الشعب يشعر بأنه لن يتسلم السلطة أبدا ولذلك أحجم عن هذه المشاركة مما اثر على غياب المشروع السياسي للدولة . وأعرب جعفر عن أسفه الشديد من أن معظم برامج الأحزاب تفتقد إلى ملامح تفصيلية حتى لقضية معينة واحدة وليست مجموعة قضايا تهم الدولة بأكملها وأضاف أن مصر لم تعرف على مدار الستون عاما الماضية إلا فكرة التيار الرئيسي وهو المناقض تماما للوضع في تركيا التي عرفت التعددية منذ زمن بعيد . ورأى جعفر أن ثورة مصر تعتبر نموذج حضاري يعبر عن شعب متحضر ولابد من الالتفات إلى ذلك وعدم النظر إلى النموذج التركي إلا في إطار الدروس المستفادة . وطالب الشعب المصري بان يجمع على فكرة الشعب الاجتماعي الذي يهتم بالخدمات المحلية التي تمثل السياسة الصغرى لان هناك اهتمام بالسياسة الكبرى على حساب السياسة الصغرى . من جهته قال محمد أبو العزم رئيس مركز القاهرة للدراسات انه إذا اعتبرنا أن حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي يجب أن نفهم طبيعة الشعب التركي والحياة السياسية هناك ورصد الأحزاب السياسية وواقع الانتخابات والأجواء ومدى تطابقه مع مصر وبالتأكيد هناك تطابق رغما عن الخصوصيات وعدم القدرة على الاستنساخ ولكن هناك دروس يمكن الاستفادة منها وعلى سبيل المثال إذا استعرضنا وسائل الإعلام في تركيا فإننا نجدها مسيطر عليها من قبل الأحزاب القومية العلمانية التي تهاجم حزب العدالة والتنمية ولكن الحزب لم يكن يرد عليها بل يعمل وفي صمت من خلال قيام الحزب بأنشطة اجتماعية من خلال شباب الحزب الذي نظم حملة لزيارة كل الأسر التركية ليعرض عليها الانجازات التي قدمها حزب العدالة وهو درس مفيد لكل الأحزاب الموجودة الآن وبهذه الطريقة كتب لحزب العدالة والتنمية البقاء والاستمرارية فحصل على الأغلبية ثلاث مرات . وطالب الأحزاب السياسية المصرية أن ترصد كيف تتعامل تركيا مع وضع الدستور الجديد والذي سوف يضعه العدالة والتنمية وكيف تستعد الأحزاب المعارضة لمواجهة العدالة والتنمية في رأيه في الدستور . وأكد على أن نشأت حزب العدالة والتنمية كان بها الكثير من التشابهات بينها وبين مصر في عهد ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث أن الدولة كانت غارقة في العلمانية وجاءت بالأسس والقيم والأخلاق الإسلامية . وأكد جورج إسحاق الناشط السياسي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان على اختلاف الوضع في مصر عما هو عليه في تركيا لان مصر ليست دولة علمانية وإلا سوف نتعرض لهجوم شديد كما أن تركيبة الشعب التركي مختلفة عن تركيبة الشعب المصري مؤكدا على الاختلاف الشديد وان كان هناك دروس مستفادة من التجربة التركية يجب النظر إليها . وأشار إلى أن كل حزب في تركيا لديه القدرة أن يعبر عن الأمة كلها وفي مصر لن يحدث ذلك إلا من خلال ائتلافات حتى أن الإخوان المسلمين أنفسهم دائما ما يخذلون الشعب بتصريحاتهم التي يخرجون بها كما أن الإخوان ليس لديهم المفكرين والخبراء أمثال احمد داوود أوغلوا وزير الخارجية التركي وشدد على أن المرحلة القادمة تحتاج إلى ائتلاف . وطالب الائتلافات بان تقوم بدورها في الاهتمام بالخدمات والمحليات بدلا من الاهتمام بالشهرة والظهور في التلفزيون لأنه هو نفس الدور الذي قام به اردوغان أثناء صعوده للحياة السياسية في تركيا حين تولى رئيس بلدية اسطنبول .