علاقة حب وألفة جمعت طوال سنوات عديدة بين القمص مقار فوزي - راعي كنيسة القديسين وبين الشيخ خالد عبدالفتاح البراوي - إمام مسجد شرق المدينة - وشاء القدير ان يقع المسجد أمام الكنيسة لتعلو صلوات المسيحيين والمسلمين من مكان واحد لإله واحد. "المساء" رصدت العلاقة بعد الحادث الإجرامي فكان اللقاء في البداية مع القمص داود فوزي - راعي كنيسة القديسين - والذي أكد علي وجود علاقة احترام متبادل مع شيخ المسجد الشيخ خالد عبدالفتاح وقال: أكن له كل محبة وتقدير وأبداً لم يحدث بيني وبينه أي خلاف في يوم من الأيام.. بل لقد دعوناه ذات مرة لاحدي المآدب ولبي الدعوة وشرفنا بتناول الطعام سويا داخل الكنيسة. وينفي القمص مقار ان يكون وراء الحادث مصري وانما قام بتنفيذه دخيل ليس من بيننا.. مؤكدا انه طوال 39 سنة قضاها في كنيسة القديسين كراع للكنيسة لم يعهد في طبيعة المصريين ان يقتل احدنا الآخر لكن قد نختلف حينا ونتفق أحيانا كثيرة وهو ما يوضح ان من قام بهذه الفعلة النكراء لا يرتقي ليكون مصريا. ويرحب القمص مقار بكل إخوانه المسلمين ممن يريدون المشاركة في صلوات عيد الميلاد المجيد مشيرا إلي ان الصلاة لم تنقطع منذ وقوع الحادث فمازالت الصلاة تقام بشكل دائم كل يوم وستقام اليوم بمشاركة المسلمين لإخوانهم المسيحيين. ويتمني ان يؤدي كل مصري ما عليه من واجبات ليحصل علي كل حقوقه فذلك هو السبيل الوحيدة لتحقيق مبدأ المساواة بين كل المصريين دون تمييز بين مسلم ومسيحي. ويحتسب القمص مقار أجر من عانوا في الأزمة قائلا: انهم جميعهم شهداء من أجل الايمان.. وانهم يتشابهون في المصير مع القديسين "ماري مرقس وبطرس خاتم الشهداء" واللذين سميت الكنيسة باسميهما. أوضح ان ماري مرقس الرسول هو أول بابا لمصر وقد استشهد هنا في الإسكندرية علي أيدي الرومان بعد ان قاموا بربطه في حصان وسحلوه في الطرقات إلي ان فاضت روحه ومات شهيداً. أما البابا بطرس خاتم الشهداء فهو البابا رقم "17" بالنسبة لمصر وقد استشهد في عصر الاستشهاد علي يد الامبراطور الروماني دقليديانوس والذي قطع رقاب آلاف المسيحيين وعندما سلم نفسه للرومان اقتادوه ليذبح ويعدم وأثناء الطريق مروا علي البطريركية المرقسية واستأذنهم في أن يدخل ليصلي فأذنوا له ورجع أمام رفات ماري مرقس وطلب من الله أن يكون آخر شهيد وإذا بمن حضر الصلاة يسمع تأمين السماء علي طلبه ليصبح من يومها خاتم الشهداء. ويضيف القمص مقار.. مازال احساس شعب الكنيسة يمتاز بالحزن الشديد علي الشهداء من ضحايا الحادث الأليم ومازال السكون يعلو الوجوه إلا أننا راضين بقضاء الله ومشيئته كما تقول الآية "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" وغيرها من الآيات حول ما يتعرض له المؤمن من محن وتجارب أليمة فمن صبر علي الألم واحتسب فله بالغ الأجر العظيم لصبره كما يقول الله. ويضيف.. لقد اظهرت المحنة المعدن الحقيقي للمصريين.. وهو ما يدفعني لتقديم بالغ شكري وعظيم امتناني لكل من شاركني المحنة وقدم لي ولشعب الكنيسة العزاء من قيادات وشعبيين. ويبادله الشيخ خالد عبدالفتاح - إمام مسجد شرق المدينة - كل الاحترام قائلاً: كما يأمرنا الدين الإسلامي الحنيف نتشاطر مع جيراننا من المسيحيين أحزانهم وأفراحهم من منطلق قول الله تعالي "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم" صدق الله تعالي.. فلقد أحل الله لنا الزواج من أهل الكتاب وهن علي دينهن فما بالك بمعاملتهم. فحديث النبي - صلي الله عليه وسلم - الصحيح يقول: "من آذي ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة" صدق رسول الله.. أي ان من يؤذي مسيحيا من أهل الكتاب فسوف يقتص له النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - ويأخذ له حقه يوم القيامة من هذا المؤذي. كما ان الله ينهي المسلمين في الآية الكريمة "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". اضاف: لقد عملت سنوات عديدة كإمام لمسجد شرق المدينة ولم أشهد خلالها أي مشكلة بين مسلم ومسيحي علي الاطلاق في الوقت الذي يواجه فيه باب المسجد باب الكنيسة انها طبيعة الشعب المصري الذي يمتاز بالحب والألفة حيث يراعي كل جار جاره ويوده ولذلك فإنني أصف الحادث الإجرامي بكونه مؤامرة خارجية يستحيل ان تكون صادرة عن أي من أبناء مصر المتحابين. واسأل الله القدير أن يحفظ مصر من هذه الفتن وان يرد عنها كيد الكائدين ومكر الماكرين وحسد الحاسدين وكل من أراد مصر بفتنة نسأل الله ان يجعل كيده في نحره. وينتهي الحديث وتبقي المحبة دائمة بين القمص مقار فوزي والشيخ خالد عبدالفتاح.