عادة ألفناها. ومللناها:حين يقترب العام من نهايته. يتلقي المبدعون والنقاد سؤالاً واحداً لا يتغير: ما أفضل كتاب قرأته في العام الفائت؟ يقول الناقد المعروف عبر الهاتف: لا أذكر الاصدارات جيداً.. فهل تنعش ذاكرتي؟ يذكر له المحرر ثلاثة أو اربعة كتب. يختار منها الناقد أهم كتب العام.. ربما دون قراءة! وتنشر الصحيفة. أو البرنامج الاذاعي أو التليفزيوني. قائمة بأفضل الكتب. لا تصل إلي عشرة كتب. لكن الوسيلة الإعلامية تعتبرها أهم كتب العام إطلاقاً.. وثمة من يفتش عن اصدقائه. فيرشح اعمالهم. بل ان بعض المحررين فوجيء بأن اصدقاءه لم يصدروا كتباً خلال العام. فاكتفي بقائمة للأدباء الذين لم تصدر لهم كتب في أثناء العام.. لاصدقائه! ويذكر الناقد الكبير- وهو أستاذ جامعي مرموق في الوقت نفسه- رواية يعتبرها افضل روايات العام. وتسأله المذيعة- ما الروايات الاخري التي قرأتها ولم تعجبك؟ يجيب: هذه هي الرواية الوحيدة التي قرأتها.. وقد اعجبتني! واذكر اني سألت استاذاً جامعياً صديقاً: ما بواعث اختيارك رواية الكاتبة الشابة فلانة أهم اصدارات العام؟.. قال بثقة وبساطة: أبداً.. اردت تشجيعها فهي مثل ابنتي! وتصدر وسيلة اعلامية اخري قائمة مغايرة من ألفها إلي يائها. ويحتار المتلقي المسكين: أيها يصدق؟.. ثم يقرر- وهو ما افعله شخصياً- ان يهمل تلك الاستبيانات المضللة. ويعتمد في رؤيته علي ما قرأه بالفعل. وأجدر هذه القراءات بالتقدير.. وثمة من يعيب علي اصدارات العام كلها بأنها تافهة ولا تستحق القراءة. تسأله: ماذا قرأت منها؟.. يقول: لأنها تافهة فأنا لم اقرأها.. علي ماذا بني حكمه إذن؟.. أجيب عن السؤال لو انه قرن افعل التفضيل بالأحداث الثقافية التي عاشها الجميع أو تابعوها. أما أن أحدد افضل كتاب صدر في مدي عام كامل. فهو خطأ معيب. لا أتصور ان يرضي به مثقف حقيقي.. ثمة عشرات المطبوعات تصدر في مدي العام ما بين روايات ومجموعات قصصية ومسرحيات وكتب نقدية وغيرها .. وإ ذا كان من الصعب تصور ان احداً قرأ معظم هذه المطبوعات. فضلاً عن استحالة تصور انه قرأها جميعاً. فإن تقديري لعمل ما بأنه الافضل ينطوي علي تعسف غير مقبول.. من حقي- وربما من واجبي- ان اقرر اني استمتعت بقراءة عمل ما. أو أني افدت منه.. لكن أفعل التفضيل تلغي هذا الحق. الواجب. وتحيله إلي نكتة سخيفة! هامش: يقول ميشيل بوتور: إن الفرق بين حوادث الرواية وحوادث الحياة. ليس في أننا نستطيع التثبت من صحة هذه. بينما لا تستطيع الوصول إلي تلك. إلا من خلال النص الذي يظهرها فحسب. بل هي - حوادث الرواية- إلي ذلك أكثر تشويقاً من الحوادث الحقيقية.