المثل الأعلي سبيل مهم إلي الانتماء. والظاهرة الاجتماعية الواضحة. إن المجتمع الذي يبرز موهوبين في مجال ما. يبرز بالتالي تلاميذ في نفس مجال الموهبة. ويتحول هذا العشق أو الموهبة إلي خاصية في تكوين المواطن عموماً والبرازيل التي أنجبت بيليه وجارينشيا وزيكو هي البرازيل التي يملأ ملاعبها عشرات الموهوبين في كرة القدم والعقلية العلمية التي يتسم بها الشعب الألماني. أصبحت تعبيراً عن الحياة الألمانية. والدأب وحب العمل والابتكار صفة لمجموع الشعب الياباني. المثل الأعلي إذن هو ما يبحث عنه الشباب في طريق الانتماء إلي الوطن. والمثل. غالباً يتحدد في الشخصيات البارزة في مجالات الحياة المختلفة بدءاً بالزعيم السياسي وانتهاء بلاعب الكرة مروراً بالباحث والطبيب والأستاذ الجامعي والأديب والشاعر والفنان التشكيلي والممثل إلخ. المثل الشعبي يتحدث عن الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب نادراً ما تجد شخصية ترقي إلي مستوي المثل الأعلي. وفي المقابل. فإن النماذج الهشة ما بين وصولية وانتهازية وساعية إلي الكسب الحرام تعطي المثل المناقض فيبدو المثل الأعلي غائباً ومفتقداً. المثل الأعلي الذي ينتظره الشباب. في هذا الزمن يجب أن تتوافر فيه خصائص هي التي يحتاج إليها الشباب فعلاً: الانتصار علي عوامل السلبية والإحباط والتشاؤم والبعد عن المغريات وقياس جهد الإنسان بما يضيف إلي مجتمعه لا بما يستلبه من هذا المجتمع. إلخ. هذا هو المثل الأعلي كما ينبغي أن تكون صورته وقد عاني تاريخنا المعاصر تحديداً من تشويه متعمد أساء إلي قيم ورجال فغاب الهدف النبيل عن غالبية الذين خرجوا في اتجاه هذا الهدف بينما يغيب المثل تماماً في النماذج الهشة والمتكالبة. أخيراً. فإن الشعور بالانتماء لن يتحقق إلا إذا تواءم الشعار مع التطبيق في حياتنا. يتوافر المثل والقدوة. يشعر المواطن بأن ما يجري عليه يجري علي غيره. المثل يقول: المساواة في الظلم عدل. فما بالنا بالمساواة في العدل؟ الانتماء هو أن يحس الإنسان بحريته في أن يقول ما يشاء بصرف النظر عن اقتراب رأيه من الصواب أو الخطأ. أن يجد أمامه وحوله القدوة الحسنة. أن يشترك في صنع القرار أن يشترك بالانتخابات الحقيقية التي لا تلجأ إلي التزوير في أمور بلاده السياسية أن يشعر بأن النظرة إليه فيها احترام واعتراف بذكائه. عندما يشعر المواطن المصري بالانتماء فإنه سيعي معني المواطنة ويؤدي بإتقان ما يطلب منه ويعتني بالبيئة ويتعاطف مع الآخرين ولعلي أتأمل قول فرانسيس بيكون يجب أن يكون لي كمواطن دور في صنع القرار وأن يكون لي نصيب من الكعكة لا يأكلها الآخرون وحدهم وأن تظلني مظلة العدالة الاجتماعية.. وفيما عدا ذلك أصبح غريباً في وطني بل ومدمراً لكل ما حولي.