* يسأل صبري محمود حسن الإسكندرية: ماذا يعمل الإيمان في نفس المؤمن عندما تحل به مصيبة. وهل الإيمان يغير من طبيعة الإنسان؟ ** يجيب الشيخ اسماعيل نور الدين من علماء الأزهر: قال الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة". و"لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".. إن الإيمان أفضل علاج للصدمات النفسية التي تقابل المرء علي طريق حياته الطويلة فيتقبل المؤمن البلاء بالرضا والصبر وتمر عليه الأزمات وهو ثابت كالجبل لأنه يعلم أن الأمور تجري بأمر الله خيرها وشرها. مصداقاً لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن اصابته نعماء فشكر فكان خيراً له وإن اصابته ضراء فصبر كان خيراً له". روي الشيخان عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي علي صبي لها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "اتقي الله واصبري فقالت إليك عني لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه" فقيل لها إنه النبي صلي الله عليه وسلم فأتت بابه ولم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولي" متفق عليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يصب منه وان اعم الجزاء مع عم البلاء ولايزال البلاء ينزل بالعبد حتي يمشي وليس عليه خطيئة واحدة" البخاري.. وعن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ما يصب المسلم من نصب ولا هم ولا حزن ولا أذي ولا غم حتي الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه".. متفق عليه.فالصابرون لهم من ربهم مغفرة ومدح علي ما فعلوه ورحمة يجدون أثرها في برد القلوب عند نزول المصيبة وهذه الرحمة يحسد عليها الكافرون والمؤمنين فإن الكافر الذي حرم من هذه الرحمة تجده إذا نزلت عليه مصيبة تضيق به الأرض بما رحبت حتي يقضي علي نفسه بيده إذا لم يجد وسيلة للخلاص مما حل به. فالمؤمن الذي أنار الله قلبه يستسلم لقضاء الله وقدره فلا يستحوذ عليه الجذع بل يتقبله بالرضا فيفوز بخيري الدنيا والآخرة. وبتزكية النفس وتحملها بمكارم الأخلاق وصالح الأعمال. أما غير المؤمن فيهر جزعه عند نزول المصيبة فما نراه الآن من الانتحارات المتكررة في البلاد التي تدين بغير الإسلام لهو أكبر شاهد علي أن الإيمان حصن من الأخطار كما أنه يغير صاحبه من الجزع إلي الصبر والثبات وجزاء الصابرين كما قال الله تعالي: "أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة". * يسأل مرسي علي عبدالستار من البحيرة: ما هي الحكمة في أن القرآن نزل مفرقاً ولم ينزل جملة واحدة؟ ** يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر الشريف: لم تشأ إرادة الله أن ينزل القرآن الكريم كله مرة واحدة كما نزلت التوراة علي موسي عليه وعلي رسولنا الصلاة والسلام. وإنما أراد الله أن ينزل القرآن متفرقاً موافقاً للحوادث التي كانت تحدث أيام نزول القرآن علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومبيناً لحكم هذه الحوادث والقضايا أو رداً علي اسئلة واستفتاءات من المسلمين لرسول الله صلي الله عليه وسلم فلو نزل القرآن الكريم مرة واحدة لكان ذلك مؤديا إلي ثقل التكاليف علي الناس في هذا الوقت. فنزول القرآن مفرقاً تتجلي فيه الرحمة من الله عز وجل بعباده حتي لا تنفر قلوبهم من تلقي ما جاء به القرآن من أوامر ونواه. والحكمة أيضا من نزول القرآن منجماً هو أن يكون في القرآن ناسخ ومنسوخ لأن الأحكام الشرعية كالدواء بالنسبة للمريض فما يصلح في بعض الأحيان قد لا يصلح في البعض الآخر.. وهكذا كان النسخ في بعض الأحكام ومن الواضح أن الناسخ والمنسوخ لا يكون إلا إذا نزل القرآن مفرقاً.. وأيضا نزول القرآن متفرقاً كان ليعي الرسول صلي الله عليه وسلم ما ينزل عليه من القرآن لأنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب علي خلاف ما كان عليه الرسل السابقون فقد كانوا كاتبين قارئين.