الحمدلله و الصلاة و السلام عل رسول الله و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد: قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : (عنوان سعادة العبد ثلاث : اذا أعطي شكر و اذا ابتلي صبر و اذا أذنب استغر) , فلو لاحظنا الى الحالات التي نمر فيها بالليل و النهار فسندرك أن الحالات لا تخرج عن هذه الثلاث. أما قوله اذا أعطي شكر : و هذا مصداقا لقوله تعالى (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) و قال ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) و قال عن ابراهيم عليه السلام أنه كان (شاكراً لأنْعُمِهِ) و الأنعم تصغير نعم بمعنى يشكر الله على أصغر و أقل نعمة و الله سبحانه نعمه كلها عظيمة و لكن قد تكون صغيرة بالنسبة للانسان لذلك يجب أن ينتبه الانسان لهذا الأمر و مثلا لو ما استطاع شخص ما أن يقضي حاجته فكيف سيكون حاله ؟ و أما قوله اذا ابتلي صبر : كما قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) و هنا الخطاب لأهل الايمان , فاعلم - رحمك الله - ان البلاء واقع واقع كما أخبر الله تعالى. و قال (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ). و قال صلى الله عليه وسلم : (ان الله اذا حب قوما ابتلاهم) و قال ( أشد الناس بلاءا الأنبياء , ثم الصالحون , ثم الأمثل فالأمثل ). و قال صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له) و قال (ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة) فانظر كيف نلت الفضيلتين ! الفضيلة الأولى ان الله يحبك و الفضيلة الثانية أنك تؤجر على صبرك. و قال تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) فالله يبشرك اذا صبرت و قال (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) و الله يكون معك اذا صبرت و قال (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) و بالنهاية الصبر يدل على الصدق و التقوى كما ذكر الله في الآية فالكل يقول أنا أحب الله ! فكيف نعلم اذا كان الشخض حقا يحب الله ؟ بالصبر ! فماذا تريد أكثر من هذه التزكيات من الله رب البريات ؟ فتأمل أيها اللبيب كيف تستطيع ان تجعل هذه المصيبة الى نعمة و تقلب المحنة الى منحة. و أما قوله اذا أذنب استغفر : قال تعالى (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لو لم تُذنِبوا فتستَغفِروا لذهَبَ الله بكم، ولجاء بقومِ يُذنِبون فيستَغفِرون الله؛ فيَغفِر الله لهم) و هذا لا يعني تعمد المعصية و لكن المقصود ان العبد ليس معصوما و قد يقع اما في تقصير للمأمور و اما اتيان للمحظور فكلتا الحالتين يستغر الله و يتوب اليه و شروط التوبة : أن يقلع عن المعصية , ثم أن لا يعود اليها في المستقبل بتعمد و ان عاد بدون قصد أو بزلة جدد التوبة , ثم أن يندم على المعصية الذي فعلها , و هنا شرط رابع قد نحتاجه في بعض الحالات و هو رد الحقوق لأصحابها مثلا اذا أخذنا حقوق الآخرين و أعتدينا عليهم (مثل : أخذ أموالهم, الخ..) فهنا يجب أن نرد اليهم حقوقهم. و الله أعلم.