وسط هذا الكم الهائل من الجدال والمناقشات والتصريحات والتلميحات .. خرج صوت عاقل يتسم بالحكمة والقول السديد. يقدر المسئولية حق قدرها ويتحدث بعبارات تثلج الصدر وتزيح من الساحة ذلك التضارب بين الآراء المتضاربة التي يطارد بعضها البعض في وقت تجتاز فيه مصر أصعب مراحلها التاريخية والانتقال بالكادحين من شعبها من المرحلة الانتقالية إلي حيث الأمن والاستقرار. خاصة بعد ان تجاوزت الأزمات الاقتصادية الخطوط الحمراء. واشتد لهيب أسعار السلع والبضائع. هذا الصوت العاقل خرج من رجل اسمه د. ناجح إبراهيم من الجماعة الاسلامية وصاحب تاريخ طويل في هذا المجال. قال في تصريحات للقناة الفضائية ردا علي سؤال وجه اليه: إنه حذر التيارات الاسلامية من اللجوء للعنف لأن طريقه صعب وقد ينتهي إلي الارهاب وهذا مالا نريده أو يريده أحد وطالما اننا ارتضينا الديمقراطية فلنمض في نفس الاتجاه حتي آخر المشوار. وعندما سئل وهل اذا فاز الفريق أحمد شفيق سوف ترتضي هذه النتيجة؟ قال: نعم طالما أن نتيجة التصويت جاءت من الصندوق بنزاهة وشفافية. الاحتكام للصندوق هو أفضل الوسائل للخروج من هذه الأزمات وتلك المناقشات. هذا ملخص لما قال هذا الرجل ولعلي قد استطعت التعبير عنها بتلك الكلمات. ولشدة اعجابي بهذا الرأي البناء أردت ان أنقل هذه الصورة للجماهير التي أصابتها الحيرة من كثرة الآراء والاتجاهات ولعلني بهذه الكلمات قد استطعت ان أنقل رأي الرجل بأمانة. تحية لهذا الصوت الحكيم الذي أنصف الحقيقة وأكد أن الاحتكام للصندوق هو أفضل الوسائل وفي ذلك خير لكل الفرقاء. حقيقة لقد استطاع هذا الرجل ان يحسم الأمر بأقصر العبارات. لكن علي الطرف الآخر خرجت بعض الآراء من أشخاص نكن لهم التقدير والاحترام إلا أنها للأسف تشكك مرة في طريق الديمقراطية التي نسلكها وأخري في عملية الاقتراع بحجة أن الصناديق كانت في فترة من الفترات بعيدا عن مندوبي المرشحين للرئاسة. صاحب الرأي الأول قال في حوار تليفزيوني إن صناديق الانتخابات لا تقود للأفضل وأضاف: هناك في العالم صناديق الاقتراع جاءت بأفراد لكن لم يستطيعوا النهوض بشعوبهم وكانوا وبالا علي أمنهم.وضرب مثلا بهتلر حيث جاءت به الانتخابات أما صاحب الرأي الثاني فقال: لا اطمئن للصناديق لأنها قد تتعرض للعبث في خلال فترات الليل حيث لا يتواجد مندوبو المرشحين للرئاسة مشيرا إلي انه لا يجب ان نتعلل باغلاق الصندوق باحكام من عدمه. كلا الرأيين يسعي لفتح ثغرات في هذا النظام الذي ارتضته الملايين في كل انحاء الدنيا لكنه لا يروق لأي منهما انها حرية الرأي في مناخ يتمتع بالرؤي المتعددة بعد ثورة الشعب في 25 يناير من عام .2011 الأكثر أهمية ان هناك عقلاء من ذوي الرأي والفكر المحترم رغم هذا الجو الملبد بالغيوم الملئ بموجات من الصخب والأصوات المرتفعة والضجيج الذي يملأ الساحة من هؤلاء المفكرين ممن خاض معركة الرئاسة.. انه الدكتور محمد سليم العوا. فقد عبر بكلمات تنبئ بصدق عن رجل لا يحيد عن الحق بأي صورة من الصور. شجاعة الرأي جاءت علي لسانه فقد قال: ان الانتخابات الرئاسية. تمت بنزاهة وان عمليات الفرز والتصويت انتهت بشفافية وبشجاعة الفرسان قال: "انه خرج من السباق وهذا رأي الجماهير وانه ليس غاضباً طالما ان هذا الاقتراع انتهي بلا أي تلاعب وقد شكر الله ان عافاه من هذه المسئولية التي كان يفكر فيها ليل نهار لأنه يخشي الله ويسعي لرضائه". ولاشك ان مصر فيها كثير من هؤلاء الرجال الذين ينصفون الحقيقة ويريدون أداء الأمانة ولا تأخذهم في الحق لومة لائم. ولا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا. انهم نجوم في سماء أرضنا الطيبة وتفتح الطريق لكي يعبر كل انسان عما يرتضيه ضميره ويراقب الله في اختياره لمن يتولي المسئولية في هذه الظروف التي تحيط بها الأزمات من كل جانب. وفي أشد الحاجة لكفاءة تستطيع الخروج بالبلاد إلي بر الأمان. تحية صدق أخري للدكتور ناجح إبراهيم وللدكتور محمد سليم العوا. علي هذه الأفكار وتلك الآراء التي تعبر بصدق عن نوايا طيبة وتجرد من الأهواء وأية أغراض. انه الاخلاص الذي يستهدف الصالح العام ولا شئ سواه. نريد أن تحذو النخبة التي تتصدي للحوارات علي الشاشة الصغيرة حذو هذين الرجلين ذوي الفكر والرأي السديد. ان هذا المناخ الذي تشهده الساحة هذه الأيام يحتاج إلي ضبط النفس وتبادل الرأي بكل رحابة الصدر وسعة الأفق بعيدا عن الغضب والتشاجر ويتعين ان يسود المناقشات الفكر الراقي. وان نبتعد عن البذاءة والتنابز بالألقاب والردئ من القول. كذلك يتعين علي الذين خرجوا من السباق انتهاز هذه الفرصة والمبادرة الي تشكيل أحزاب من خلال هذه الجماهير وتلك الأصوات التي خرجوا بها من الانتخابات. وفي الأيام القادمة تكون الفرصة أكثر وهذا السباق لن يكون نهاية المطاف. ان المستقبل ينتظر منا الكثير من العمل الجاد والاخلاص في كل جهد. والآمال معقودة علي ان يكون الحب والمودة بيننا في هذه المرحلة من تاريخ الوطن. ونأمل ان تختفي للأبد كل مظاهر العنف. فاما الزيد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. ولله الأمر من قبل ومن بعد.