علي غير ما توقع المراقبون والمحللون السياسيون في مصر والعالم.. وعلي غير ما توقع الناس العاديون رشحت نتائج التصويت في انتخابات الرئاسة حتي كتابة هذه السطور الفريق أحمد شفيق ليكون فارس السباق في جولة الإعادة مع الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين. علت أسهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فترة طويلة قبل التصويت.. وفي المقابل علت أسهم السيد عمرو موسي. وظن الناس ونحن منهم أن أحدهما سيخوض سباق الإعادة مع الدكتور محمد مرسي.. وكدنا نغلب أو نرجح كفة الدكتور أبوالفتوح.. لكن كانت المفاجأة غيابهما معا حتي الآن عن جولة الإعادة. ثم ظهر في الصورة السيد حمدين صباحي كمرشح ممثل للثورة وصعد نجمه في فترة ما قبل التصويت بسرعة فائقة أعطت انطباعا بأنه هو الذي سيحل محل أبوالفتوح وموسي في الإعادة مع مرسي.. واطلق المراقبون عليه لقب "الحصان الأسود في السباق". وفي لحظة فارقة خابت كل هذه التوقعات والتنبؤات ليظهر في الصورة وبقوة الفريق أحمد شفيق ليتقدم علي صباحي وأبوالفتوح وعمرو موسي. لماذا أحمد شفيق؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نبحث له عن إجابة واقعية ومقنعة.. فلو كان الهدف هو مناهضة الإخوان المسلمين والوقوف في وجه استثتارهم بالسلطة بعد اكتساحهم الانتخابات البرلمانية وضرورة أن يكون رئيس الوزراء من بينهم باعتبارهم حزب الأغلبية.. أقول لو كان هذا هو الهدف لاتجه الناس إلي أبوالفتوح باعتباره يمثل الإسلام الوسطي أو إلي حمدين صباحي باعتباره ممثلا للثورة.. أو حتي إلي عمرو موسي باعتباره سياسيا محنكا.. لكن الذي حدث هو الاتجاه إلي الفريق شفيق. هناك رأيان لتفسير ظاهرة شفيق: الأول: إن الشعب عاني كثيرا خلال الفترة منذ قيام ثورة يناير حتي الآن من الانفلات الأمني الذي زعزع حياته بل زلزلها تماما واصبح الناس كل الناس يعيشون في رعب خوفا علي حياتهم وأعراضهم وممتلكاتهم ويحلمون باليوم الذي تعود فيه مصر إلي طبيعتها الآمنة يمشي الناس في أمان لا يخافون المجهول وتعود السياحة إلي طبيعتها. وتنتظم عجلة الإنتاج من جديد وتتواري المظاهرات الفئوية وغير الفئوية وتنساب حركة المرور ويعود النشاط التجاري إلي عهده. وأصحاب هذا الرأي يرون في الفريق شفيق أنه الرجل القوي الذي يستطيع أن يحقق هذه الأمنيات أما الرأي الثاني فيري أصحابه أن بقايا الحزب الوطني المنحل مازالت موجودة في الساحة السياسية ومازالت نشطة. وهم بالطبع ضد التيار الإسلامي وضد الإخوان علي وجه الخصوص ولذلك عملوا بجد واجتهاد ليطفو الفريق شفيق فوق سطح الانتخابات. وبهذا يري أصحاب هذا الرأي أن هناك حزبين منظمين وراء هذه النتيجة هما حزب الحرية والعدالة الإخواني.. والحزب الوطني بكوادره التي مازالت موجودة ولكنها كامنة. الخلاصة: إن الصفوة والنخبة من السياسيين لم تستطع دفع أبوالفتوح أو الصباحي إلي المقدمة.. وأن الشهرة التي يتمتع بها عمرو موسي لم تسعفه ولم تنفعه علي أرض الواقع.. فنحن شعب يعاني نصفه الفقر والأمية. كذلك فإن السلفيين لم ينصفوا أبوالفتوح. ولو كان قد اخلصوا النية له لتغير الوضع الذي صرنا إليه الآن. إذن نحن المصريين في النهاية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن ننتخب مرشح الإخوان فتكون لهم رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والمجلسين التشريعيين.. وأما أن ننتخب أحمد شفيق الذي يطلق عليه البعض رجل "الفلول"!!