ظلت مصر سنة وبضعة أيام دون دستور.. ابتداء من 30 نوفمبر سنة 1934 حتي 17 ديسمبر سنة .1935 والحكاية أن الملك فؤاد عهد إلي إسماعيل صدقي بتشكيل وزارة جديدة سنة 1928 وكان أول عمل قام به هو إلغاء الدستور الصادر سنة 1923 وأصدر بدلاً منه دستوراً جديداً عرف باسم دستور ..1930 وقد اعتبر المصريون هذا الدستور سُبَّة في جبينهم. حيث جعل الملك هو مصدر كل السلطات بدلاً من الأمة هي مصدر السلطات.. وجعل اقتراح القوانين الحالية من اختصاص الملك وليس البرلمان. أصبحت السلطة التشريعية لعبة في يد السلطة التنفيذية.. خصوصاً وقد وضعت عراقيل أمام قرار الاقتراع علي عدم الثقة بالوزارة وغيرها من المواد المجحفة التي تعد بكل المقاييس نكسة في التطور الديمقراطي المصري. وثار الناس ضد صدقي ودستوره واضطر لتقديم استقالته. وجاء بعده عبدالفتاح يحيي.. وقدم استقالته أيضا. ثم تولي توفيق نسيم رئاسة الوزارة في 14 يناير سنة 1934. واعتقد البرلمان أن أول عمل سيقوم به هو إعادة دستور 1923 ولكن لم يحدث. وإنما قام بإلغاء دستور ..1930 وحل البرلمان.. وأخذ يسوف ويماطل في تحقيق رغبة الشعب.. كل الذي فعله أنه ذهب ليستشير الحكومة البريطانية.. وقال صمويل هور وزير الخارجية البريطاني في مجلس العموم البريطاني.. إن الحكومة المصرية استشارتنا. وكان رأينا هو أنه لا دستور 23 يصلح لمصر. ولا دستور 30 لأنه لا يتوافق مع رغبات المصريين والأفضل إعداد دستور جديد. وعلي هذا قامت في مصر مظاهرات وعقد الوفد مؤتمراً شعبياً حضره نحو ربع مليون شخص وانتهي الأمر بأن أصدر الملك فؤاد تعليماته بعودة دستور 23 بدون تعديل أو تبديل. وبالفعل صدر المرسوم الخاص بذلك في 17 ديسمبر .1935 واضح أن دستور 23 كان يحقق طموحات الشعب المصري.. والواضح أكثر أن المسئولين أصبحوا لا يهتمون كثيراً بمسألة الدستور.. خاصة بعد ثورة 23 يوليو.. حيث صدر الإعلان الدستوري الأول بإسقاط دستور 23 ثم ظهرت أربعة إعلانات دستورية طوال عام 1952 وعام 1953 وفي سنة 1954 ظهر دستور مؤقت. وفي سنة 1956 صدر دستور آخر ثم ألغي ليحل محله دستور 1958 ثم دستور 64 وأخيراً ..71 وقد تم مسخ هذا الدستور بإجراء تعديلات كثيرة عليه تتفق ورغبة الحكام. وخلال عام واحد صدرت عدة إعلانات دستورية أولها في 13 فبراير سنة 2011 ثم 19 مارس وفي 29 مارس 2011 وانشغل الناس والبرلمان بتشكيل لجنة جديدة لوضع دستور جديد.. ومضت شهور.. وحتي الآن لم يتم تشكيل هذه اللجنة. المهم إنه خلال 30 عاماً صدر في مصر خمسة دساتير و12 تعديلاً.