ثلاث وقائع يجب ان نأخذها بأعلي درجات الجدية لأنها من ناحية تمثل خطورة شديدة علي البلاد ومن ناحية اخري ترتبط ببعضها عضوياً وواقعياً. * الواقعة الأولي.. الاصرار الغريب والمريب علي الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع ومحيطها والذي تطور إلي محاولة اقتحام المقر!! * الواقعة الثانية.. مليونية الجمعة قبل الماضية والتي اسماها منظموها والداعون إليها بجمعة النهاية أو جمعة الزحف!! * الواقعة الثالثة.. شحنة الأسلحة الثقيلة التي تم ضبطها في كمين مارينا بالساحل الشمالي وما سبقها وعاصرها من تحركات خطيرة علي الأرض بسيناء ووراء الحدود. لا يستطيع أحد ان يفصل بين أي من الوقائع الثلاث أو يدعي أن كل واحدة لا ترتبط بالأخريين.. فالواقع والملابسات والنتائج تؤكد هذا الارتباط.. وهو ما يصل بالمتورطين في تلك الوقائع إلي حد خيانة الدولة والسعي لإسقاطها لمس اكتاف بحيث لا تقوم لها قائمة بعد ذلك. تعالوا نحلل الوقائع الثلاث بهدوء حتي يتبين للكافة كيف يفكر ويعمل بعض الذين يعيشون بيننا ويأكلون من خيرات مصر ويشربون من نيلها ثم يطعنونها في القلب. البداية.. المرتبطة بالنهاية.. كانت في الهجوم المتواصل علي المجلس الاعلي للقوات المسلحة.. العقبة الكئود أمام المؤامرة. وحتي نكون منصفين فانها ليست مؤامرة واحدة بل مؤامرتان الأولي داخلية يقودها الإسلاميون عامة والإخوان خاصة حيث السيطرة علي كل مفاصل الدولة. والثانية خارجية تستهدف إسقاط الجيش ومن ثم الدولة وتستغل المؤامرة الأولي للتخديم علي أهدافها القذرة ومن ثم فإنني أبريء المتآمرين الإسلاميين من التحالف مع الخارج وان التقت اهداف الكل في النتائج. الهجوم علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة اخذ اشكالا عديدة بدأت باختصار اسم المجلس إلي "المجلس العسكري" وكأنه مجلس انقلابي في حين ان لولاه ما نجحت الثورة من الاساس. ثم رفع المهاجمون راية التشكيك في نوايا اعضاء المجلس وفي كل اعماله.. وبعدها انتقلوا إلي التطاول علي هؤلاء الاعضاء بشكل وقح وسمعنا الفاظا لا تنتمي ابداً لأي شكل من اشكال الحرية والثورية مثل "الحمار والبردعة" و"اسد عليَّ وفي الحروب نعامة" وغير ذلك.. وهي ألفاظ مرفوضة تماماً اطلاقها علي أي مواطن فما بالك إذا اطلقت علي قادة القوات المسلحة الذين لا يوجد بينهم "حمار" والواقع يؤكد انهم ليسوا ولم يكونوا يوما "نعاما" وعلي الذين اطلقوا هذه الصفات القذرة علي قادة الجيش ان يراجعوا مواقفهم جيداً ويذاكروا التاريخ ليتأكدوا ان هؤلاء القادة العظام أذلوا امهر قادة العدو.. وان ما فعلوه في حرب 73 علي وجه التحديد يتم تدريسه الآن في الكليات العسكرية العالمية. الأمر الوحيد الذي اعذر فيه هؤلاء المتطاولين علي جهلهم انهم كانوا في "اللفة" ويرتدون "البامبرز" في الوقت الذي كان العالم كله مذهولا ويضرب كفاً بكف ويتساءل: كيف حقق جيش مصر وقادته هذه المعجزة؟! من حق الجميع ان ينتقد اداء المجلس الاعلي للقوات المسلحة في الشأن السياسي.. نقداً موضوعياً دون تجريح أو تطاول.. فيجب الا ينسي أحد أو يتناسي ويغفل أو يتغافل ان اعضاء هذا المجلس هم قادة جيش مصر.. وان قلة الأدب ليست ابداً من مفردات الثورة.. أي ثورة.. بل هي ثمرة سيئة لتربية بيت ومدرسة وجامعة وغير ذلك. بعد اختصار الاسم والتشكيك والتطاول.. بدأنا نسمع شعار "يسقط حكم العسكر".. وكأن المجلس الاعلي انقلب علي الشرعية وخطف السلطة اغتصاباً. ثم بدأ الفجور في التعامل بالتعدي علي افراد القوات المسلحة الذين هم جيش مصر وعلي معداتها بحرقها وسرقتها مما يؤكد ان الهدف لم يكن القادة فقط بل الجيش نفسه. لم يتوقف التعدي علي الجيش في القاهرة فقط.. بل في سيناء بالذات حيث وقعت عدة هجمات هناك ب"آر. بي. جيه" اسقطت شهداء وجرحي. وصلت المؤامرة ذروتها بالاعتصام امام مقر وزارة الدفاع وكأن مصر بما رحبت لا تكفي للاعتصام فكان لابد من الاعتصام في هذا المكان بالذات الذي لا يتعدي هو ومحيطه 4 كيلو مترات مربعة. ولأنها فعلا مؤامرة وليس اعتصاما سلمياً.. فقد صاحبه رفع الرايات السوداء لتنظيم القاعدة وظهور اشخاص ملثمين علي شاكلة اعضاء هذا التنظيم أو مثلما حدث من ميليشيات الأزهر التابعين للإخوان عام 2008 كما تسربت اسلحة إلي داخل خيام المعتصمين.. وفي نفس اللحظة بدأت الدعوة لجمعة النهاية أو الزحف والدعوة الأخري عبر قناة الحكمة باقتحام الوزارة والقبض علي اعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة واعدامه بالميدان.. وبالتالي الاستيلاء علي السلطة في مصر!! كل هذا دفع إسرائيل إلي استدعاء الكتيبة الثالثة من الاحتياط وإعادة تشكيلها وهي الكتيبة التي تم حلها رسمياً بعد توقيع اتفاقية السلام عام 79 وتتكون من اليهود المتطرفين وتم نشرها علي طول الحدود المشتركة مع مصر في انتظار ساعة الصفر! أخيراً.. تم ضبط شحنة الأسلحة الثقيلة المكونة من 40 صاروخ أرض - أرض عابرة للمدن طول الواحد منها 6.3 متر ومنصة اطلاق صواريخ وقذائف "آر. بي. جيه" ومدفع هاون وآلاف من الطلقات الخارقة الحارقة اضافة إلي بنادق آلية وطبنجات والشحنة كما ترون اسلحة غريبة علي سوق تجارة السلاح ليس في مصر فقط بل في أي بلد فيما عدا الآلي والطبنجات. كان يرافق الشحنة ثلاثة أعراب.. شقيقان من إحدي قبائل رفح والثالث من أهالي الضبعة بمطروح مما يؤكد ان الشحنة كانت آتية من ليبيا ومتجهة لسيناء.. وأنها بالطبع لن تستخدم ضد الشرطة محدودة التسليح بل ضد الجيش. تصوروا.. ماذا سيظن ويفعل الناس لو كانت الشحنة قد وصلت إلي مأمنها واطلقت هذه الصواريخ علي المدن المصرية؟ طبعا سيقولون ان الجيش هو الذي اطلقها.. فتقوم القيامة. وماذا لو اطلقت من رفح علي مدن إسرائيل؟.. الاجابة سترد إسرائيل بالقطع وتقوم القيامة أيضاً. هذا هو المقصود.. اسقاط الجيش والاستيلاء علي السلطة واقتحام إسرائيل لسيناء.. ارأيتم حجم المؤامرتين؟!. الأمر المؤسف فعلا من كل هذا هو موقف معظم مرشحي الرئاسة.. وإذا كان البعض قد شجب وأدان الاعتصام ومحاولة اقتحام الوزارة واتخاذ مآذن مسجد النور منصات لإطلاق النار فإن هذا لايكفي. البعض الآخر من المرشحين كان موقفهم مخزياً.. مثل أبوالفتوح الذي نادي في ظل هذه الاعتداءات "يسقط حكم العسكر" وخالد علي الذي صرح بأن الاعتصام أمام الوزارة رغم السعي لاقتحامها.. أمر عادي!! كنت اتوقع ان يتخذ المرشحون موقفا أكثر شدة.. لأن سقوط الجيش معناه سقوط مصر ووقوعها بين حجري الرحي: سيطرة المتطرفين واحتلال إسرائيل لسيناء والقناة. لا نريد الرقص علي السلالم وامساك العصا من المنتصف ولا نستسيغ حساب المكسب والخسارة.. ايها المرشحون اعلنوا موقفكم بصراحة ووضوح وضمير ووطنية.. قولوا أن الجيش وقادته "خط أحمر ناري" لا يجوز المساس به لا بالفعل ولا بالقول وان اسقاط الجيش ليس من الثورية بل من الفوضي الواجب التبرؤ منها ومواجهتها. لقد تحرك أمس بعض الاغلبية الصامتة لمؤازرة الجيش وانا من موقعي هذا معهم قلباً وقالباً وان كره الكارهون وتطاول المتطاولون. انا مع جيش مصر وفي نفس خندقهم.. وضد أي أحد يحاول المساس به حتي لو كان ذا قربي. حمي الله مصر وشعبها.. وجيشها.. من المتآمرين بالداخل والخارج.