نحن جيل بلا أساتذة. مقولة للأديب الكبير محمد حافظ رجب. تعبيرا عن العلاقة بين جيل الستينيات والاجيال السابقة. وبعد انقضاء عقود. ونشوء أجيال جديدة فإن المقولة تشهد تأييدا أو رفضا من مبدعي الجيل الحالي. يشير القاص شريف عبدالمجيد إلي أنه محقا في قوله لأنه قدم أعمالا فانتازية ذات ملامح جديدة. وفكر جديد لم يطرق قبل ذلك. واعتقد أن مجموعة من الأدباء ممن ينتمون إلي جيل الستينيات. ومنهم إبراهيم منصور وإبراهيم عبدالعاطي وجميل عطية إبراهيم وإبراهيم أصلان وغيرهم كانوا يجلسون في قهوة ريش. وعملوا مجلة جاليري 68. وكانت ذات توجه مغاير انا من جيل التسعينيات. وقد تعرفنا إلي جيل الستينيات من خلال القراءة لهم قرأنا لإبراهيم أصلان وجمال الغيطاني ومحمد جبريل. زائد أننا تواصلنا مع جبريل من خلال ندوته. هؤلاء الأدباء انجذبنا لهم. وتواصلنا معهم اما جيل الألفية الثالثة. فقد احدثوا فجوة. ولم يتعاملوا معهم. وللأسف فإن جيلي. لم يأخذ فرصته. وهو جيل مهم جدا قدم اسماء كثيرة. منها نجلاء علام وصفاء عبدالمنعم ومنال السيد وحاتم رضوان وصادق شرشر وحمدي الجزار وطارق هاشم وإبراهيم فرغلي وياسر عبداللطيف ومحمد إبراهيم طه. وبصراحة فإن جيل الستينيات كان يتسم بالديكتاتورية فلم يكن هناك تداول للسلطة الثقافية. وقد تجمد الأمر لسنوات. ومن ثم تأثر جيلنا بهذا الجمود. لكن الاجيال الشابة الآن تمردت تماما علي الاجيال السابقة بالفعل عن طريق الابداع. وتبادر الأدبية مني زكي بالقول: نحن لا نقدس أحدا. وإن كان هذا لا يعني عدم احترامنا لكل من سبقنا من الادباء في رأيي أن لجيل الستينيات عيوبه. ورغم أنني مبهورة بأدب نجيب محفوظ فإنني لا أقدسه. وأري فيه عيوبا إبداعية. من الممكن أن يكون لي شخصيا استاذ احترمه واقدره لكنني أري فيه في الوقت نفسه عيوبا ابداعية وبالنسبة لجيل الستينيات نحن لم نجد منه أي مساعدة طبعا هذا الكلام لا ينطبق علي الجميع ثمة من ساعدنا ولكن غالبية أدباء ذلك الجيل كانوا لا يفكرون إلا في أنفسهم. وفي المكاسب التي يحصلون عليها. ومكانتهم الابداعية إن فكرة الاستاذية هي فكرة الخضوع ونحن جيل يتمرد علي هذا المنطق. وتنفي الاديبة حورية محمد أن يكون كل من قرأت له. وتعلمت منه أستاذ لها. بل هم أصدقاء تضيف: لقد قرأت كثيرا لعبدالوهاب مطاوع. وزودني بالحس الانساني. وعرفت آلام الناس. والاحساس بالآخرين. كذلك الأمر بالنسبة للشاعر الكبير صلاح جاهين. أحببت إبداعه ولغته السهلة الممتعة. كذلك الشاعر محمود درويش. وغيرهما ممن قرأت لهم. واستمتعت بإبداعاتهم. وهذا كله يخرجهم من إطار الاساتذة. ويضعهم في إطار الاصدقاء. واعتقد أن هذه الصداقة ستظل ممتدة. وتذهب الشاعرة ملكة حسين إلي أن كل من ساعدها في بداية المشوار تعتبره صديقا لها هناك الشاعر عماد أبوصالح والشاعر الراحل محمد صالح. انا لا أعرفهم بشكل شخصي. لكنني قرأت لهم كذلك إبراهيم دواود ولا أنسي دور استاذتي د.شرين أبوالنجا فانا خريجة قسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب. وقد درست لي في السنة النهائية أعطيتها بعض ما كتبت. ومن يومها توطدت صداقتنا. وأيضا الروائي علاء خالد والحقيقة اننا جيل يحاول ان يتخلص من الرموز. كي يخرج من إطارهم ليضع لنفسه إطارا جديدا. بحيث نقف جميعا علي أرضية مشتركة. ويري القاص محمد عطية أن كل جيل يتمتع بخصوصية إبداعية. لكن من غير المعقول أن يبدا من لا شيء. من الفراغ. إن لديه رصيداً سابقا من الابداع الذي قدمته الاجيال السابقة هناك رموز كبيرة وقد قرأنا لهم. وتأثرنا بلا شك منها. لكن دورنا أن نقدم ما هو جديد وإضافة. وإلا فما معني وجود أجيال متتالية. فكل كاتب يعطيني خبرته ومعرفته. ويؤثر في تكويني المعرفي لكن لا اعتقد أن هناك اسما معينا اعتبره أستاذي. هناك شمولية. وبالمناسبة فقد يكون الاستاذ شابا. لأن فكرة الاستاذية تغيرت بوجود أجيال من الأدباء الشباب. وفي تقدير الشاعر أحمد عكة أن كل جيل هو امتداد للاجيال السابقة. وإذا لم تكن هناك قاعدة فلا يمكن أن نتصور أنه يوجد أدوار بعد ذلك علي كل جيل أن يدرس الذي قبله. ويأخذ منه. ثم يطور. لابد بالضرورة أن يكون له أساتذه. حتي لو لم يعترفوا بذلك. وإذا لم يتعرف أي جيل علي إبداعات الاجيال السابقة. فلا يمكن أن يأتي بجديد ثمة صدام يظهر في الأنواع الأدبية الجديدة التي تبناها الجيل الشاب عن الاجيال السابقة عليه. كما نري في قصيدة التفعيلة وما لاحقها من هجوم وعندما صار جيل التفعيله جيلا كبيرا هو ذاته. فإنه هاجم قيدة النثر كما فعل الجيل الذي سبقه الجيل الجديد. ابن الالفية الثالثة. ظاهرة إبداعية جديدة. لانه لم يكن هناك انتشار للفضائيات التي اتاحت لنا ان نشاهد الحرب لحظة اندلاعها. كأننا نشاهد مباراة في كرة القدم. لقد أثر هذا بالفعل علي شخصية مبدع الألفية الجديدة. هناك مشكلة واحدة تواجه هذا الجيل. وهي مشكلة النشر داخل المؤسسات الرسمية. وليست المؤسسات أو دور النشر الخاصة. وفي تقدير القاص وائل وجدي أنه من المستحيل أن يكون الكاتب بلا جذور. أو بعيدا في جزيرة منعزلة عن الاجيال التي سبقته في طريق الابداع. وبصراحة شديدة. الكاتب المبدع الحق يكمل ما بدأه غيره من المبدعين بالتجريب والاخلاص في مجال تخصصه الابداعي. وإنكار ذلك كبر لا طائل منه. تقرأ الروائية والناقدة الدكتورة عزة بدر كل هذه الآراء وتؤكد أن هذا الجيل الجديد يحتاج إلي دعم وتشجيع. لأنه متحقق وموهوب وبالطبع فمن الممكن أن يتأثر إبداعيا بكتاب وشعراء آخرين حيث إن رحلة الإبداع متواصلة ومتفقة. تؤتي ثمرها جيلا بعد جيل وانا مؤمنة بمقولة الشاعر محمود درويش: إن الشاعر الذي يعتقد بأنه الكاتب الوحيد لقصيدته هو علي خطأ الشاعر كتابة علي كتابة كتبها الاسلاف وكتبها المعاصرون. والشاعر فقط هو الذي يوقع باسمه علي النص الذي كتبه آلاف الشعراء أضيف إن هذا الجيل صنع تجربته الخاصة من خلال التجربة المباشرة وهناك نماذج بارزة لذلك. مثل قصائد الثورة وميدان التحرير. وكذلك ما كتبه الجيل الجديد من خلال استخدامهم للمدونات الالكترونية يشكلون فيها كتاباتهم وأحلامهم وأفكارهم. مدونات أدبية واجتماعية.