بعد الحزن العام الذي عاشته مصر بالأمس.. وبعد شلالات الدم التي تفجرت في العباسية وسقوط المزيد من الشهداء الأبرياء.. وبعد تضامن الأحزاب الرئيسية والقوي السياسية والثورية والشبابية والمرشحين في الانتخابات الرئاسية مع مطالب المعتصمين في محيط وزارة الدفاع والعباسية.. هل يجوز لي أن أناشد الأخ الفاضل الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أن يأمر أتباعه وأنصاره ومريديه بنقل مكان الاعتصام والاحتجاج إلي ميدان التحرير؟! لقد تحول الاعتصام إلي فتنة.. وربما يتحول إلي مواجهة سافرة بالأسلحة بعد أن سال الدم وصار هناك تصميم علي الثأر.. ومن ثم فمن الواجب الآن شرعا استناداً إلي قاعدة مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب أن يعود المعتصمون والمحتجون إلي ميدان التحرير حقنا لدماء المصريين وتيسيرا علي إخواننا وأبنائنا الذين توقف حالهم وتعطلت مصالحهم.. وخصوصا أهالي منطقة العباسية واصحاب المحلات وطلاب جامعة عين شمس الذين لم يعد بإمكانهم الوصول الي مقار الامتحانات في المواعيد المحددة وأصبح مستقبلهم مهددا. لست من الكارهين لك يا شيخ حازم. يعلم الله. ربما لم تسمح لنا الظروف كي نلتقي من قبل.. لكنني كنت صديقا للوالد الكريم رحمة الله عليه.. وقد أدرت وشاركت في ندوات عديدة كان هو فارسها.. لذلك فإن مناشدتي لك بالخروج من محيط وزارة الدفاع ومنطقة العباسية لاتصدر من خصم أو منافس.. وإنما من ضمير وطني موجوع بالدم البريءالذي يسال في غير موضعه وفي غير الهدف الذي يجب ان يبذل من أجله.. ومن ضمير مسلم يخشي عليك أن تكون مسئولا بأي قدر من المسئولية عن هذا الدم أو عن الفتنة التي تطل برأسها وتهدد الوطن كله. وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع الأسباب التي دفعت أنصارك إلي التظاهر والاعتصام فالأمر المؤكد أن من حقك ومن حق انصارك أن تعتصموا وتحتجوا كيفما شئتم.. هذه هي الحرية وهذه هي الديمقراطية التي انتظرناها طويلا.. لكن حين تكون الديمقراطية طريقا إلي الفوضي والفتنة واختلاط الحابل بالنابل.. وحين تؤدي الي سقوط الأبرياء ضحايا.. هنا يجب علينا جميعا أن نتوقف ونتدبر الأمر من جديد لنبحث عن الوسائل التي تحقن الدماء. لقد نجحتم في أن تقنعوا كل الأحزاب بخطورة المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحصن قرارات اللجنة العليا للاشراف علي الانتخابات الرئاسية.. وأصبحت الأحزاب تتحدث مثلما تحدثتم عن إمكانية حدوث تزوير في الانتخابات الرئاسية دون أن يكون في مقدور أحد الطعن علي نتيجة الانتخابات.. ونجحتم في أن تعيدوا الأحزاب والائتلافات الشبابية والحركات الثورية الي ميدان التحرير مرة ومرات في جمعة ومليونية للمطالبة بتسليم السلطة من المجلس العسكري في المواعيد المحددة دون أي تعديل أو تأجيل.. وهذا يحسب لكم.. ولكن كفاية. اجعلوا الاعتصام والتظاهر الذي هو حق مشروع للجميع في ميدان التحرير.. بعيدا عن نقاط التماس التي يحدث عندها التصادم ويسيل الدم.. وبعيدا عن سد الشوارع والميادين وتعطيل مصالح الناس حتي لا ينقلبوا ضد الثورة وضد السلفيين وضد الشيخ حازم وأنصاره. كفاية دم.. وكفاية فوضي.. حتي الاعتصام يجب أن يكون منظما في إطار القانون وفي المكان المخصص والمعروف مسبقا.. بحيث لا يعطي أية فرصة للفتن وسقوط الضحايا والمصابين. علي الجانب الآخر يجب ان تقوم أجهزة الأمن والنيابة بدورها لإجراء التحقيقات اللازمة ومعرفة من هم هؤلاء البلطجية الذين اعتدوا علي المعتصمين في الفجر.. وضربوهم بالاسلحة الآلية ولحساب من.. لابد أن تظهر الحقيقة واضحة جلية حتي نعرف من هو الطرف الذي له مصلحة في مقتل المصريين بدم بارد علي هذا النحو. إن التشويش والتعتيم الذي عانينا منه في أحداث ماسبيرو وشارع محمد محمود وشارع مجلس الوزراء وحرق المجمع العلمي لا يمكن ان يستمر في كل ما يقع أمامنا من جرائم.. ولا يمكن ان يظل الطرف الثالث أو الطرف الأول غامضا.. لن يكون هذا مقبولا في المجازر التي ترتكب ضد المصريين بين لحظة وأخري.. يجب أن تتكشف الحقائق لكي يعرف الشعب.. والمسئولية الآن معلقة في رقبة سلطات التحقيق.. والنائب العام مطالب بأن يصارح شعبه.. فقد بلغت الروح الحلقوم. هناك من يتهم المجلس العسكري.. وهناك من يتهم البلطجية.. وهناك من يتهم الأمن.. ونحن حائرون بين هذا وذاك.. لا نعرف الحقيقة.. فقط نبيت علي حزن ونصحو علي حزن.. ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يكشف عنا الغمة.. ونلعن من يقتل المصريين الأبرياء ليل نهار.