تضمن دستور 1923 نصوصاً لا تخلو من التعارض تركزت في إيجاد تنازع في الاختصاصات بين الملك والوزارة خصوصاً الوزارات الوفدية التي كانت تري بأن الملك يملك ولا يحكم .. ومن بين هذه النصوص علي سبيل المثال ما ورد في المادة 48 أن الملك يتولي سلطاته بواسطة وزرائه وفي المادة 49 التي تليها مباشرة أن الملك يعين الوزراء ويقيلهم ويعين الممثلين السياسيين ويقيلهم بناء علي ما يعرضه عليه وزير الخارجية ثم جاء في المادة 60 من الدستور أن توقيعات الملك في شئون الدولة يجب لنفاذها أن يوقع عليها رئيس الوزراء والوزراء المختصون وعند التطبيق العملي يظهر هذا التعارض واضحاً فمثلاً إذا أراد الملك أو اضطر تحت ضغط الظروف إلي إقالة الوزارة أو أحد الوزراء فكيف يلزم لنفاذ أمره أن يوقع عليه الوزير المقال؟؟ وقد رأي الملك فؤاد أن الدستور جعله رئيس الدولة الأعلي وذاته مصونه لا تمس .. وهو الذي يصدق علي القوانين ويصدرها وهو الذي يضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ويعين خمسي مجلس الشيوخ وباختصار تضمن الدستور 25 مادة تتحدث عن الملك وتعطي له حقوقاً كثيرة من بينها حق حل مجلس النواب وهو الذي يعلن الاحكام العرفية ولكنه اشترط عرضها علي الفور علي البرلمان لاقرارها أو إلغائها في الوقت نفسه فإن مجلس الوزراء هو المهيمن علي مصالح الدولة والوزراء مسئولون عن أعمال وزاراتهم ولا تخلي أوامر الملك شفهية كانت أو كتابية من المسئولية. ويعد تطبيق هذا الدستور الذي يعتبر أفضل دستور صدر لمصر ظهرت عدة أزمات دستورية .. وظهرت أول أزمة بين الملك فؤاد وسعد زغلول رئيس الوزراء عندما تمسك الملك بحقه الدستوري في تعيين خُمسي أعضاء مجلس الشيوخ بينما رأي سعد باشا أن هذا التعيين من أعمال الدولة يتولاه الملك بواسطة مجلس الوزراء وقد انتهي هذا النزاع بتحكيم فقيه قانوني هو العالم البلجيكي "فان دين بوش" وكان رأيه من رأي سعد باشا.. وبدلاً من انصراف الوزارة إلي الاهتمام بشئون الشعب الداخلية .. وبدلاً من انصراف الملك إلي رعاية الشعب واحترام الدستور .. كان كل طرف يبذل جهده لكي يستأثر بالسلطة الملك يريد أن يكون حاكماً فعلياً له حق التصرف بدون الرجوع إلي الحكومة والحكومة تري أن الملك يملك ولا يحكم ويتعين عليه أن يخطر الحكومة ويشاورها في كل توقيع يريد تحقيقه أو قرار يريد إصداره .. ومن هنا كثرت المشاكل والسبب يكمن في بعض مواد الدستور والتعارض.وجاءت ثورة 25يناير .. وتنحي حسني مبارك عن الحكم وكان لزاما إصدار إعلان دستوري ينظم من خلاله أمور البلاد بعد الثورة وتكرر التعارض بين مواد الدستور .. وأصبح لا هم للقوي السياسية والأحزاب إلا مناقشة هذه المواد المتعارضة ومن بينها مواد حدث الاستفتاء عليها وتحمست الطوائف والجمعيات الإسلامية للموافقة عليه .. ثم بدأت تعترض بعد أن تبين وجود تعارض بين المادة 21 التي تقول "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضيين وسرعة الفصل في القضايا ويحظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أوقرار إداري من رقابة القضاء".وفي الوقت نفسه منعت المادة 28من الطعن في قرارات اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة .. فقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن والعجيب أن الدستور لم يحدد أي مواصفات لاختيار رئيس الجمهورية .. وعلي أي أساس يرشح المواطن نفسه والآن .. أصبحت هناك أزمات .. بالنسبة لوضع الدستور والأساس الذي يتم عليه وجود رئيس الجمهورية .. كل ذلك بسبب تعارض مواد الدستور.