التصريح الذي أدلي به مصدر مسئول بالخارجية المصرية "بأن مصر تدرس بجدية اعادة العلاقات المصرية الايرانية" يأتي في اعقاب قطع الحكومة المصرية للغاز عن اسرائيل وما تبعه من تهديد ووعيد من الجانب الاسرائيلي. كما يأتي في اعقاب مظاهرات المصريين احتجاجاً علي القاء السلطات السعودية القبض علي المحامي المصري احمد الجيزاوي دون ان تدري الخارجية المصرية او سفارتنا بالسعودية شيئاً عن سبب القبض عليه لاكثر من اسبوع.. حتي طلع علينا السفير السعودي بالقاهرة ليكذب "صدور حكم غيابي ضد الجيزاوي بسجنه وجلده لاتهامه بسب الذات الملكية". وليخترع سعادة السفير السعودي وبعد اسبوع سبباً للقبض علي الجيزاوي الا وهو اتهامه بحيازة مواد مخدرة في حقيبة سفره وليدعي ايضا السفير السعودي علم السفارة المصرية بالسعودية منذ لحظة القاء القبض علي الجيزاوي بهذا الاتهام!! نعود لتصريح المصدر المسئول بالخارجية المصرية الذي يدل علي ان السياسة الخارجية المصرية كانت قبل الثورة ولاتزال بعدها تدار بطريقة "سيب وانا سيب" او بالأحري بطريقة الشللية.. وهي طريقة تحدد فيها الخارجية المصرية اهدافها المرجوة طبقاً للاحداث الموسمية وليس طبقاً لخطط استراتيجية تضع نصب اعينها عدم الانحياز والوسطية بما يحقق المصالح المصرية علي كافة الاصعدة. كما يكشف هذا التصريح مدي تأرجح وتردد المسئولين المصريين في اتخاذ قرار جريء نحو عودة العلاقات المصرية الايرانية رغم علمهم تمام العلم ان فيها من الفوائد والايجابيات ما يفوق كثيراً القليل من السلبيات التي قد يخشي البعض منها في حالة اعادة تلك العلاقات.. كما يكشف هذا التصريح ايضاً كيف ان المسئولين المصريين لايضعون المصلحة المصرية نصب اعينهم عن بحث اعادة علاقتنا بدولة ما بقدر ما يحاذرون ويدرسون ردود فعل الدول الحليفة او التي عرفت قبل الثورة بالحليفة وتمثلت في الثلاثي الامريكي الاسرائيلي السعودي. وقد وصل ذلك الحذر إلي أن اصبحت مصر تكتفي بالتلويح فقط باعادة علاقتها بقوة بايران كنوع من التهديد لحلفائها الثلاث كلما حدث ما يعكر صفو علاقاتها بأي من دول الثلاثي الحليف.. والدليل علي ذلك هو تعالي الاصوات باعادة علاقاتنا الاقتصادية مع ايران في اعقاب رفض امريكا لمحاكمة متهميها في قضية التمويل الاجنبي وتهديدها لمصر بقطع المساعدات وتحريضها لدول الخليج بمنع مساعداتها الاقتصادية لمصر. ثم خفتت تلك الاصوات بعد تسفير الامريكان واعلان امريكا رضاءها عن مصر.. ثم عادت التصريحات مرة اخري باعادة علاقتنا بايران في اعقاب تهديد اسرائيل لمصر بعد قطع الغاز عنها وفي اعقاب القاء السعودية القبض علي المحامي المصري دون ابداء اسباب واضحة للسفارة المصرية هناك وهو ما وضع المسئولين المصريين في حرج امام الرأي العام المصري الغاضب مما اضطر الخارجية المصرية للتلويح بالتهديد باعادة علاقتنا بايران كورقة ضغط علي السعودية من اجل تراجعها في القائها القبض علي الجيزاوي والذي جاء بطريقة تخالف العرف الاسلامي الذي يعطي الحاج او المعتمر الحق في الامن والامان كما يخالف القانون الدولي الذي لايمنح لدولة حق القاء القبض علي مواطن اجنبي دون سبب حتي لو كان بسبب حكم غيابي لايعلم عنه شيئاً.. وفي النهاية "لا يسعني سوي القول رب ضارة نافعة خاصة اذا كان القبض علي الجيزاوي ثمنه اعادة علاقتنا بايران.. ولكنها لن تكون نافعة علي المدي البعيد اذا ما استمرت الخارجية المصرية في ادارة سياستها بطريقة "سيب وانا سيب" يا سادة نريد سياسة خارجية قائمة علي اسس علمية وعدم انحياز يحقق المصلحة العليا لمصر سواء رضي عنا الاشقاء والحلفاء ام لم يرضوا!!