مازال الجدل مستمرا حول وضع القوات المسلحة في الدستور الجديد وكيفية مساءلة المجلس العسكري عن الميزانية المخصصة للجيش في البرلمان.. الخبراء رفضوا مناقشة ميزانية الجيش مشيرين إلي أن سرية الميزانية والاكتفاء بذكر الرقم الاجمالي دون تفاصيل ليست ميزة للقوات المسلحة بل هي عامل مهم من عمل الجيوش. أضاف الخبراء أن أعضاء البرلمان معظمهم قد لا يكون علي دراية كاملة بأنواع وامكانيات الأسلحة المستخدمة. ناهيك علي أن معرفة اسم الدولة التي نستورد منها الأسلحة قد يكون مؤشرا لمعرفة نوع السلاح. اختلفوا حول عمل القوات المسلحة في الجانب الاقتصادي فبعضهم أيد ذلك نظرا للانضباط والالتزام الذي يتصف به أداء رجال القوات المسلحة وأيضا حتي يحقق الجيش الاكتفاء الذاتي دون ان ينتظر امداده باحتياجاته من هيئات مدنية قد تتسبب في تعطيل عمل القوات في الميدان. أما المعترضون فيرون أن دور القوات المسلحة الأساسي هو حماية الحدود والاهتمام بالنشاط الاقتصادي قد يكون علي حساب دورها الأساسي وطالبوا بأن يتفرغ الجيش لحماية الحدود في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد. قال اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي ان ميزانية الجيش تعرض علي البرلمان ككتلة واحدة ويصدق عليها البرلمان وهذا أفضل وضع بدلا من مناقشة أدق التفاصيل العسكرية التي قد يكون معظمها سريا جدا. أضاف ان المجلس العسكري الذي سيترك رأس السلطة في نهاية شهر يونيه ليكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلي للقوات المسلحة ويقوم مندوب عن الوزارة بعرض الميزانية علي البرلمان وتعرض هذه الميزانية علي رئيس البرلمان ورئيس الوزراء قبل ان يصدق عليها رئيس الجمهورية والذي هو في نفس الوقت رئيس مجلس الأمن القومي. أما عن النشاط الاقتصادي الذي تقوم به القوات المسلحة يؤكد اللواء سويلم انه يعود علي البلاد بالخير فكيلو اللحمة الذي يصل الي 70 جنيها توفره القوات المسلحة ب 40 جنيها فقط والجيش يستطيع ان يوفر السلع بأقل من أسعارها وهذا كله لصالح الشعب. أكد اللواء جمال مظلوم الخبير الاستراتيجي ان وضع القوات المسلحة في الدستور الجديد لن يتغير حيث ان لجنة الدفاع والأمن القومي كانت هي المنوطة بمناقشة بعض بنود الميزانية بشكل لا يضر بالسرية وهي ليست ميزة لأن السرية هنا لصالح مصر. تساءل هل يفهم أعضاء البرلمان في نوعية الأسلحة التي تشتريها القوات المسلحة؟!.. وأشار الي أن معرفة مصدر السلاح لا يهم النواب ومعرفة البلد مصدر السلاح قد يضر بالسرية المفروضة ان تكون ونصر أكتوبر العظيم تحقق بسبب عنصر المفاجأة ولهذا فنحن نؤيد أن تناقش ميزانية الجيش بصفة عامة لأنه توجد هيئات في القوات المسلحة مهمتها الأساسية أن تحدد نوع السلاح ومصدره بهدف المحافظة علي السرية لمصلحة مصر وأمنها ليس لأمن وصالح العسكريين مؤكدا أن تسليح القوات المسلحة سري والذي يعلن قد يكون علي خلاف الحقيقة. أشار اللواء مظلوم الي أن النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة لصالح مصر لأنها توفر عملات صعبة للبلد وتساعد في رفع المعاناة علي الشعب المصري وفي نفس الوقت تساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي للجيش والفائض عن حاجته يذهب الي الشعب. أشار د. شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري الي ان مهام القوات المسلحة معروفة وهي حماية أمن البلاد والدفاع عن سلامة الوطن ولابد أن تتمتع هذه المهام بحماية خاصة في الدستور وبما أن هذه المهام تخص أمن البلد فلابد أن تظل سرية. أضاف ان كل سلطة في البلاد لابد أن يكون وضعها في الدستور مناسبا مع قدر المسئولية الملقاة عليها وان يكون الحساب بنفس القدر حتي لا يعبث كائن ما كان في هذه الأمور الهامة. قال د. شوقي ان الدستور لابد ان يصون وضع القوات المسلحة وأن يكون حسابها في البرلمان بندا واحدا أي رقم واحد بدون ذكر للتفصيل ويمكن ترك هذه التفاصيل للمتخصصين لمناقشتها في جلسة خاصة حفاظا علي سريتها. وافق د. شوقي علي عمل الجيش في النشاط الاقتصادي بما يحقق له الاكتفاء الذاتي فلا يحتاج الي مدنيين يتحكمون في نشاطه ومعرفة ما يحتاجه ولكن بشرط ألا يشغله هذا النشاط علي مهمته الأساسية والتي حددها الدستور له وهي الدفاع وحماية البلاد من الأطماع الخارجية. أكد النائب أمين اسكندر عضو مجلس الشعب ان القوات المسلحة في العالم الثالث دورها الرئيسي هو حماية الحدود والأمن القومي يضاف الي هذا دور في التنمية الاقتصادية وأيضا البحث العلمي. أضاف ان القوات المسلحة تتكون من أبناء الشعب المصري فهي منظومة متكاملة علينا الحفاظ عليها لأن كل ذلك سيصب في صالح الشعب المصري.. مشيرا الي أن ميزانية الجيش تخص أمن الوطن ويجب ان تحاط بالسرية وان تكون مناقشتها في إطار هيئة مكتب البرلمان أو لجنة الدفاع والأمن القومي وهذا يعطي طمأنينة لباقي الأعضاء وبالتالي الشعب كله. قال د. محمد الذهبي أستاذ القانون الدستوري بأكاديمية الشرطة أن كل المؤسسات الموجودة بالدولة يجب ان تخضع للدستور بما فيها المؤسسة العسكرية لكن لوضع مصر التاريخي والسياسي وطبيعة وضع مصر الاقليمي والصراعات الموجودة علي الحدود كل ذلك يستدعي أن تكون ميزانية الجيش سرية. أضاف: أن هذه السرية ليست ميزة للمؤسسة العسكرية ولكن لطبيعة عمل الجيوش وصفقات وأنواع الأسلحة المختلفة وبالطبع كل هذا لا يفهمه إلا المتخصصون ولا مانع أن تتم مناقشة الميزانية في إطار لجنة الدفاع والأمن القومي فقط. قالت د. أميرة الشنواني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة المجلس المصري للشئون الخارجية ان الجيش كان يطمع منذ ما عرف بوثيقة السلمي ومازال ان يكون له وضع مميز في الدستور. وهذا طبيعي حيث انه بلا شك يخشي من ملاحقته قضائيا عن الشهداء الذين سقطوا منذ الثورة أثناء المرحلة الانتقالية والتي استلم فيها المجلس العسكري مقاليد السلطة. وأيضا عن أية أخطاء ارتكبها خلال هذه المرحلة. أضافت: أن المجلس العسكري يريد ان تظل ميزانيته غير قابلة للمساءلة في مجلس الشعب وألا يكون لأعضاء البرلمان حق معرفة تفاصيل هذه الميزانية إنما فقط المبلغ الاجمالي دون تفاصيل. أشارت د. أميرة الي ان مطالبة المجلس العسكري بهذا الوضع الخاص في الدستور ليس بالشيء الجديد فبعض الدول أثناء انتقالها من الحكم العسكري الي الحكم المدني فعلت ذلك مثل تركيا والتي ظلت فيها المؤسسة العسكرية ذات نفوذ ولها وضع مميز في الدستور مما حدا بالنظام التركي بمحاولة الانتقال من دولة برلمانية الي دولة رئاسية وهو ما يسعي الي تحقيقه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.