علي طول الطريق من القاهرة إلي الإسكندرية رأيت آلاف الأفدنة من الحقول الزراعية التي تعطينا الخير والتي نسعي لتوفير الغذاء منها يعتدي عليها البشر ويزرعها بالخرسانة بدلا من المحاصيل الزراعية. مئات البيوت يتم اقامتها عيني عينك وسط هذه الأراضي.. كيف أقيمت ومتي.. وكيف نغمض العين عنها ولا نحاسب من أقامها.. رغم اننا ندرك ان مثل هذه المباني تتسبب في بوار الأرض حولها وبالتالي تزحف المباني وتختفي الأرض الخضراء شيئا فشيئا فهل هذا ما نريده؟! أعتقد ان العقل والمنطق يؤكدان خطورة ما نفعله وما نغفل مواجهته. لدينا صحراء شاسعة ممتدة.. المفروض أن نتجه بالبناء عليها بدلا من الاعتداء علي الأراضي المنتجة. بيدنا يمكن أن نشجع علي استصلاح أراض جديدة بتخطيط جديد للتوسع المستقبلي لجذب أبناء الفلاحين الذين يحتاجون الي التوسع ويبحثون عن فرص عمل.. بعيدا عن هذه العشوائية التي نراها ونغمض البصر عنها. لا يمكن أن نهمل رعاية الترع والمساقي أو نسمح بالاعتداء عليها لتتحول من مكان يمد الأرض بالمياه اللازمة للزراعات إلي بؤر تلوث نصرف فيها المجاري ونلقي فيها بالحيوانات النافقة وكافة أنواع الزبالة. علينا أن ندرك ان هذه الأمور مجتمعة تتسبب في كوارث متعددة أولها انتشار الأمراض فضلا عن بوار آلاف الأفدنة التي تعتمد عليها هذه المراوي وهذه الأراضي لا يمكن تعويضها بسهولة. كلنا نعرف ان عمليات استصلاح الأرض الجديدة تحتاج علي الأقل الي جهد وعمل لمدة سنوات لكي تكتمل عناصر الانتاج في التربة الجديدة فكيف ندمر التربة التي تكونت عبر آلاف السنين وتتوافر بها كل عناصر الانتاج ونترك صحراء شاسعة بلا استفادة؟! ما تحدثت عنه ورأيته كما قلت علي طول الطريق من القاهرة حتي الاسكندرية يحدث في الريف بكل مكان تحت شعار غريب يقول من حق الفلاح أن يتوسع في المسكن ليزوج أولاده!!.. فهل يكون هذا التوسع وإقامة المباني للأولاد بشكل عشوائي وعلي حساب الرقعة الزراعية التي نعاني من محدوديتها وان انتاجها لا يكفي حاجتنا من الغذاء بدليل الاستيراد الذي يتزايد عاما بعد عام لسد النقص في الاحتياجات؟! يا سادة.. من أراد أن يكون قراراه من رأسه فليكن قوته من فأسه هكذا تقول حكمة الآباء والأجداد.. لكننا تحت دعاوي مختلفة نهملها الآن. وبالطبع العقل والمنطق وفي ظل متغيرات كثيرة نشعر بها في مقدمتها تزايد أسعار الغذاء في الأسواق العالمية يحتمان رفض هذا الطريق.. وأن نبحث عن البديل في الصحراء.. نقوم بزراعتها محاصيلا ومباني وبأسلوب علمي لتوفير المسكن والمأكل معا.. فهل نبدأ أم نظل علي نفس المنوال العشوائي نائمين في العسل وغير مدركين للخطر؟!