أصدر مجمع البحوث الإسلامية في جلسته برئاسة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بياناً تضمن رداً علمياً وفقهياً علي 16 ملاحظة صادرة في تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الحريات الدينية في مصر. أكد المجمع وجود العديد من المغالطات الصارخة في هذا التقرير .. بعضها مرجعه الجهل بحقائق الإسلام وأوضاع الأقليات في مصر والبعض الآخر مصدره سوء النية والرغبة في التدخل بشئون مصر الداخلية. وانتهاك السيادة الوطنية.. وفي مواجهة هذه المغالطات يقدم المجمع للرأي العام المحلي والعالمي وللدوائر الأمريكية التي أعدت هذا التقرير وأصدرته وأيضاً للأفراد والجماعات التي أمدت الإدارة الأمريكية بهذه المغالطات يقدم المجمع كل هؤلاء .. الحقائق التي تصحح الأكاذيب. نفي المجمع في بيانه وجود اتجاه مصري لتقييد حرية الاعتقاد أو الممارسات الدينية مشيراً إلي أن بناء دور العبادة في مصر ينظمه القانون ولبناء المساجد شروط تسعة تفوق في الضوابط نظيرتها في بناء الكنائس وان نسبة عدد الكنائس في مصر إلي عدد المواطنين المسيحيين الذين يعيش كثيرون منهم في المهجر مقاربة لنظيرتها في المساجد المخصصة للمسلمين وكنائس مصر وأديرتها مفتوحة الأبواب علي مدار الليل والنهار .. ومنابرها حرة لا رقيب عليها .. ولا دخل للحكومة في تعيين القيادات الدينية المسيحية علي اختلاف درجاتها بينما يتم شغل كل الوظائف الدينية الإسلامية بالتعيين من قبل الحكومة منذ عام 1952م ضمت الحكومة الأوقاف الإسلامية بينما ظلت الأوقاف المسيحية قائمة تديرها الكنيسة. قال المجمع إن الإسلام جزء أصيل من تاريخ مصر الإسلامية الذي مضي عليه أكثر من أربعة عشر قرناً وهو تعبير عن هوية الدولة والمجتمع والأمة مثلما تعبر العلمانية عن هوية بعض المجتمعات .. وتعبر الليبرالية عن هوية مجتمعات أخري .. وفي هذه المجتمعات العلمانية والليبرالية تعيش أقليات إسلامية لا تعترض علي هويات المجتمعات التي تعيش فيها. حول انتقاد التقرير الأمريكي اباحة الشريعة الإسلامية زواج المسلم بالمسيحية واليهودية. ومنعها زواج المسلمة من غير المسلم. أكد البيان عدم وجود علاقة لذلك بالتمييز السلبي. ولا بالتعصب الديني. مشيراً الي أن مرجعه أن المسلم بحكم عقيدته يعترف بالمسيحية واليهودية ديانات سماوية. ويحترم ويعظم رموزهما.. وينص قرآنه الكريم علي أن: "في التوراة هدي ونور" و"في الإنجيل هدي ونور".. ومن ثم فالمسلم مؤتمن علي عقيدة زوجته المسيحية واليهودية. ومطالب دينياً باحترام عقيدتها. وتمكينها من أداء شعائرها.. بينما غير المسلم لا يعترف بالإسلام ديناً سماوياً. ولا يقدس رموزه.. ومن ثم فإنه غير مطالب دينياً باحترام عقيدة المسلمة. الأمر الذي يشكل مخاوف حقيقية علي عقيدتها وحريتها الدينية وايذاء لمشاعرها إذا هي اقترنت بمن لا يعترف بدينها ولا يعظم رموز هذا الدين. ورداً علي مطالبة التقرير الأمريكي مصر بأن تسمح بالزواج بين المسلمين وأهل الديانات الوضعية غير السماوية. قال البيان إن هذه المطالبة تكشف عن جهل وافتراء.. فمصر ليس بها ديانات غير سماوية. أكد البيان أن حديث التقرير الأمريكي عن ظلم الإسلام للمرأة في الميراث.. يعبر عن جهل مركب بفلسفة الإسلام في الميراث. مشيراً إلي أن الأنثي في الشريعة الإسلامية ترث مثل الذكر أو أكثر من الذكر أو ترث ولا يرث الذكر في أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث بيما ترث نصف نصيب الذكر في أربع حالات هي التي يكون العبء المالي فيها ملقي علي الذكور دون الاناث. في قضية الحجاب.. اتهم البيان التقرير الأمريكي بتجاهل واقع مصر والأغلبية الساحقة فيها تعتبر قضية الزي ضمن الحريات الشخصية.. وإذا كان الغرب يعتبر حرية المرأة في الزي مقصورة علي "العري" فإن الإسلام والمسيحية واليهودية تدعو إلي الحشمة دون أن تفرض هذه الحشمة وإنما فقط تحبذها وترغب فيها.. وفي مصر تتفق الأسر المصرية علي اختلاف دياناتها في الريف الذي يمثل 85% من السكان.. وفي الأحياء الشعبية بالمدن.. وفي البادية يتفقون علي الحشمة التي يسميها البعض "الحجاب". قال البيان إن حديث التقرير الأمريكي عن ولاية الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية علي الشأن الديني.. وعن منعه للكتب والمطبوعات.. في هذا الحديث جهل كبير وافتراء شديد.. لأن الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة تستشيره الدولة في الشأن الديني. ورداً علي ما ذهب إليه تقرير الخارجية الأمريكية حول اتفاق وزارة الأوقاف المصرية علي المساجد دون الكنائس نفي البيان وجود أي تمييز سلبي مشيراً إلي ان وزارة الأوقاف إنما تتفق علي المساجد من عائدات الأوقاف الاسلامية التي تم ضمها للدولة والتي أصبحت الوزارة ناظرة عليها.. بينما ظلت أوقاف الكنائس والأديرة والمؤسسات الدينية المسيحية قائمة تديرها الكنيسة وتنفق من عائداتها وتحقق لها الاستقلال المالي عن الدولة. أضاف إذا كان نسبة غير المسلمين في مصر إلي سكانها وفق إحصاء مركز "بيو" الأمريكي هي 5.4% أي أربعة ملايين ونصف المليون فكيف يطلب التقرير الأمريكي زيادة عدد المسيحيين في المجلس القومي لحقوق الإنسان عن 5 من 25 هم كل أعضاء هذا المجلس. إن نسبتهم في هذا المجلس هي 20% بينما نسبتهم في السكان هي 5.4% ومع ذلك لا يرضي الأمريكان! وحول قصر الدراسة بجامعة الأزهر علي الطلاب المسلمين قال البيان ان السبب في ذلك لا علاقة له بأي لون من ألوان التمييز السلبي ضد غير المسلمين أو التعصب الديني فمناهج الدراسة في جامعة الأزهر بما فيها الكليات العملية هي مناهج دينية إسلامية ومما ينافي حرية الضمير والاعتقاد فرض دراسة الدين الاسلامي في هذه الجامعة علي غير المسلمين خاصة في المراحل العمرية الأولي. وأخيراً تساءل مجمع البحوث الاسلامية لماذا لا تكون متابعة شئون حقوق الإنسان وحرياته عالمية وإصدار التقارير السنوية عنها شأناً من شئون الشرعية الدولية والنظام الدولي الممثل في المجلس الأممي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولماذا تغتصب الإدارة الأمريكية اختصاصات الشرعية الدولية في هذا الميدان؟