مع إيماني الكامل برأي الناقد د.صلاح فضل أنه لا يجوز نقد النقد. أي أنه لا يصح أن ننقد النقد. فإنني سأتجاوز ذلك هذه المرة لأعبر عما استقر في نفسي بعد قراءتي لأحدث مؤلفات د.زينب العسال. مدير عام إدارة المواهب بهيئة قصور الثقافة "عن المرأة وللمرأة". الذي يجمع بين دفتيه مجموعة من الدراسات النقدية العامة حول المرأة وخطابها النسوي. هذا الكتاب يمثل إحدي النوافذ المطلة علي اهتمامات د.زينب العسال النقدية والفكرية والمنهجية في البحث العلمي. حيث تواصل به مسيرة كتاباتها عن المرأة. ذلك الكائن الذي يشغلها تاريخاً ووجوداً ولغة وإبداعاً. فنجدها تتناول قضية الكتابة النسوية ولغة الخطاب الذي تصدره المرأة وتتحدث فيه عن كينونتها مقابل ذلك التاريخ الطويل لكتابات الرجل. وما كان يمليه عليها وما يرسخه داخلها من ثقافة ذكورية. باحثة عن موقف المرأة ذاتها من هذا الخطاب الذي تقدمه ودرجة وعيها به وبمدي اقتناعها بخصوصية إبداعها وأهدافه. وأهمية اختلافه عن خطاب الرجل. ثم تنتقل د.زينب العسال إلي قضية أخري أكثر سخونة وهي مفهوم المواطنة في كتابة المرأة. وتطرح من خلالها تلك الأزمة التي تعانيها المرأة كفرد حين لا تكون منتسبة إلي عائلة. وذلك من خلال تشريح حاد لكتاب "النسوية والمواطنة" لريان فوث. وما يتضمنه من مفاهيم الحرية والحقوق والمساواة الاجتماعية والذاتية السياسية والتمثيل السياسي. إلي غير تلك المفاهيم التي أعلنت عن نفسها بقوة لدي المرأة المصرية. خاصة بعد الثورة. وتبحر العسال في غير ذلك من القضايا بالنقد والتحليل والتأمل متناولة "المرأة" في كتابات المرأة مثل نعمات البحيري. وفاطمة العلي. وغيرهما.. و"المرأة" في كتابات الرجل وفكره مثل العقاد وإحسان عبدالقدوس والروائي الليبي أحمد إبراهيم الفقيه. وما يهمني من هذا الكتاب أنه يكرس مثل غيره مما قدمته للمكتبة العربية مفهومي حول ذهنية د.زينب العسال التي تنتصر لبني جنسها معبرة عن هموم المرأة وقضاياها وطموحاتها. رافضة بقوة هيمنة الثقافة الأبوية الذكورية علي المرأة ومطالبة بمنح المرأة حقها كاملاً في التعبير عن ذاتها بعيداً عن هواجس التقاليد المتوارثة التي تكبل يديها حين تمارس الكتابة عن خصوصياتها وحول ما تفعله في الغرف المغلقة. مؤمنة بأن التعبير عن الذات هو الخطوة الأولي في رحلة طويلة تمكن المرأة من المشاركة في صنع الحياة. بقامة تطول قامة الرجل. مبروك للدكتورة زينب العسال كتابها النقدي. اللبنة الجديدة في مشروعها النقدي بعامة.