كفي ما تحمله الشعب المصري من معاناة طوال سنوات الحكم البائد ولم يعد هذا الشعب الجريح يتحمل أكثر من ذلك خاصة أنه كان يأمل أن تتحقق أحلامه وآماله علي يد نواب مجلسي الشعب والشوري الذين اختارهم بحرية ونزاهة. لكن ما يجري الآن علي أرض الواقع يؤكد أن هذا الشعب سوف يظل مطحوناً "حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا".. ولا ننتظر أي تغيير سواء من البرلمان أو الحكومة. فكلاهما وجه واحد لعملة واحدة. البرلمان يحاول تبرئة ساحته أو ذمته ويلقي بالفشل علي الحكومة. والحكومة تلوم الشعب وتؤكد أن الأزمات التي تمر بها البلاد سواء كانت أزمة بنزين أو سولار أو غاز طبيعي أو أنبوبة بوتاجاز أو غلاء الأسعار أو تعذيب للمرضي غير القادرين في الحصول علي قرار علاج علي نفقة الدولة بأن كل هذا سببه سوء استغلال من المواطنين..لا أبالغ إذا قلت إن البرلمان والحكومة هما السبب في هذه الأزمات لأن البرلمان عندما يعقد جلساته لمحاسبة الوزراء واستجوابهم فيما يحدث ويدور علي أرض الواقع من إذلال للمواطنين ونقص مقومات الحياة وعدم شعور المواطن بأي تحسن في أي مجال من مجالات الحياة تجد البرلمان يستمع بإنصات لبيانات الوزراء ويصدق ما قاله الوزير في بيانه أثناء الرد علي الاستجوابات وكأن صاحب الاستجواب لم يفعل شيئاً سوي "إثبات حالة فقط". صدقوني.. الوضع يسير من سييء إلي أسوأ. وكل يوم تظهر أزمة جديدة والحكومة العجيبة تعرف أسبابها. لكن لا تستطيع علاجها أو حتي الحد منها. والبرلمان لا يملك إلا عقد جلسة لدراسة هذه الأزمة. وسؤال الوزير المختص. وعندما ينفض "المولد" نجد أن الأزمة مازالت قائمة والمواطن يئن من الألم. ولا يجد علاجاً لمشكلته سوي الدعاء إلي الله "حسبي الله ونعم الوكيل". ومن هنا أصبح الجميع متشائماً من المستقبل ولا يتوقع أي انفراجة في الأزمات. فمثلاً نجد أن نواب الشعب تقدموا باستجوابات عديدة عن تردي الخدمات في المستشفيات ونقص الأدوية الأساسية في المستشفيات والصيدليات وارتفاع أسعار العديد من أصناف الأدوية. وعدم وجود علاج حقيقي علي نفقة الدولة ونجد وزير الصحة يأتي للبرلمان للرد علي هذه الاستجوابات ويؤكد أن كل شيء تماماً والمستشفيات علي أحسن ما يرام والأدوية في متناول الفقير قبل الثري. والعلاج علي نفقة الدولة يشمل كل الأمراض. وأن هناك خطة طموحة للتغلب علي بعض السلبيات.. وكأن الوزارة "صنعت من الفسيخ شربات". وانتهت الجلسة ولم نعرف من هو "الصح". ومن هو "غلط".. والمهم أن كلاهما ظهر أمام الرأي العام أنه أدي ما عليه من الواجب نحو خدمة الوطن. لكن المواطن المصري يقظ وفاهم لكل ما يدور حوله. لأنه يلمس ذلك علي الطبيعة ويعرف أن ما يدور مجرد سيناريو معروف وتمثيلية متكررة مثلما كان يحدث في الماضي ولا توجد بارقة أمل لتغيير الوضع القائم وعلي سبيل المثال أن العلاج علي نفقة الدولة مازال يعمل طبقاً للقرار 290 لسنة 2010 الذي أصدره الجبلي بالاتفاق مع الرموز الفاسدة في العهد البائد للقضاء علي نظام العلاج علي نفقة الدولة. حيث إن هذا القرار قسَّم الأمراض علي مرحلتين: الأولي تضم خمسة أمراض فقط. والثانية علاج عشرة أمراض إذا كانت هناك مبالغ متبقية من المرحلة الأولي. وباقي الأمراض أصحابها يواجهون الموت. هذا هو حال بلدنا.. الحكومة تبيع الوهم لمجلسي الشعب والشوري والبرلمان يريد أن يثبت للشعب أنه بريء بسحب الثقة من الحكومة التي فشلت في إدارة البلد. وكل منهما يلقي التبعية علي الآخر. وفي النهاية الشعب مازال جريحاً ومطحوناً. ولم يجد من يداوي جراحه.