يصر البرلمان من حين لآخر علي التهديد بسحب الثقة من الحكومة ويري ان خطواتها بطيئة وبياناتها غير مقنعة ولا تلبي الطموحات لحل الأزمات الملحة. الخبراء من رجال السياسة والقانون والاحزاب اتفقوا علي ان التلويح بهذا التهديد كلام في الهواء ومحاولات لكسب شو اعلامي لأن البرلمان لا يملك آليات سحب الثقة مشيرين إلي أن حكومات ما بعد الثورة. تعمل في ظروف صعبة وان عملية سحب الثقة لا تعني اقالة الحكومة لأن القرار من سلطة المجلس العسكري باعتباره السلطة المنوط بها تسيير أمور البلاد طبقا للدستور الحالي. اشاروا إلي أن تغيير الحكومة يؤدي إلي بلبلة وهزة لا تحتملها البلاد في الظروف الحرجة التي تمر بها خاصة انه لم يتبق سوي ثلاثة شهور من عمر المرحلة الانتقالية وفريق آخر ذهب إلي أن سحب الثقة لا يعني الاقالة ولكنه فقط مجرد شهادة وفاة لحكومة قائمة. أوضح عصام شيحة المحامي بالنقض والخبير السياسي ان البرلمان لا يملك امكانية سحب الثقة من حكومة الجنزوري لأن الاعلان الدستوري في 30 مارس 2011 أوكل اقالة الحكومة للحاكم وما يحدث علي الساحة ما هو الا اطلاق بالونات اختبار وعملية قياس لموازين القوة في المجتمع بعد الثورة والانتخابات البرلمانية. اشار إلي أن البرلمان يعلن عن رغبته في سحب الثقة من الحكومة لكنه لا يملك القدرة علي تحقيق هذه الرغبة. أوضح ان الاعراف البرلمانية لسحب الثقة تقتضي وجود كارثة يقدم حولها سؤال ثم طلب احاطة تم استجواب ويوافق عليه ثلثا المجلس ثم بعدها تبدأ اجراءات سحب الثقة وكل هذه الخطوات لم تتم ولهذا فإن ما يحدث مجرد دعاية سياسية. * سألناه هل لذلك علاقة بتكتيكات خاصة بانتخابات الرئاسة؟ ** اجاب هناك شك ان الأغلبية الإسلامية بالبرلمان ترغب في الاستئثار بكل شيء لعلنا نذكر انه عند اختيار اللجان تولوا رئاسة 16 لجنة من 19 وعند اختيار اللجنة التأسيسية لاعداد الدستور حددوا 50% من داخل البرلمان و50% يتولي اختيارهم اعضاء البرلمان فأين التوافق. أكد ان الوضع الحالي لا يتحمل هذا التخبط وتشكيل حكومة ائتلافية خاصة انه سيتم تقسيم الحقائب الوزارية بين الاخوان والسلفيين ونحن في حاجة لحكومة وحدة وطنية كما حدث في عام 27 وحصل البرلمان علي اغلبية وفدية ووقتها رفض سعد زغلول تشكيل الحكومة واصر علي ان تكون الحكومة وحدة وطنية بمعني ان تضم كل التيارات السياسية بنسب متساوية من تيار اسلامي وليبرالي واشتراكي وقومي. وفي نفس الاتجاه يذهب أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي إلي أن لغة المصالح الحزبية لابد ان تعلو لأن البلاد تمر بمنعطف خطير وتهديد لمستقبل الثورة ولهذا فمن المصلحة استمرار حكومة الاستقرار الوطني أو الانقاذ حتي تستطيع مواجهة العديد من الأزمات ويعتبر هذا اختبارا تتعرض له الأغلبية ويمكنها الحفاظ علي حكومة الانقاذ لتمر هذه المرحلة دون تشتيت والدخول في متاهات. أوضح ان هذا المسلسل ما هو الا مقدمات لانتخابات الرئاسة لأنها قمة الهرم السياسي في مصر والاغلبية لديهم أمل وحرص علي ان يحصلوا علي هذه الثمرة وواضح من محاولات التيار الديني والتكتلات التي تصنع الآن ولكن الشعب سيكون حائط صد أمام أي محاولة لوجود رئيس ديني للبلاد لأن مصر دولة مدنية. أما اللواء محمود خلف مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط فقال: ان عملية التهديد من حين لآخر بسحب الثقة من الحكومة له شقان احدهما شو اعلامي والآخر دستوري وقانوني فمن الجانب الدستوري لا يملك البرلمان سحب الثقة أو تعيين حكومة لأن البرلمان الحالي يقوم علي اساس الدستور الحالي والذي ينص علي ان نظام الدولة رئاسي والذي يملك اقالة الحكومة هو الحاكم فقط والمتمثل الآن في المجلس العسكري الذي يدير البلاد لحين انتخابات رئيس الجمهورية. يصف الاصرار علي اطلاق كلمات سحب الثقة أو اقالة الحكومة بأنه كلام لا مضمون له وغير قانوني ومجرد عناوين للفت الانتباه فقط وجدل لا معني له في توقيت تقوم فيه الحكومة الحالية بتصريف الاعمال لمدة لن تزيد علي ثلاثة اشهر. اشار إلي ان حكومات ما بعد الثورة تم اتهامها بالفشل ولم تعط لها الفرصة للعمل مشددا علي ان الظروف الحالية تحتاج إلي الأفق البعيد وعدم النظر محل القدم. ويذهب المحلل السياسي الدكتور عبدالمعطي زكي إلي انه من الضروري اقالة الحكومة وتشكيل حكومة ائتلافية تعبر عن التيارات السياسية المختلفة وتكون حكومة مؤقتة لحين اجراء الانتخابات الرئاسية خاصة ان الحكومة الحالية خطواتها بطيئة والملفات الملحة لم يبت فيها منها ملف الصناديق الخاصة ووضع الحد الادني والأعلي للأجور وضوابط القروض ويري انه رغم ذلك إلا ان البرلمان لا يعني سحب الثقة من الحكومة بل هي عملية ضغط لاصلاح مسارها لأنه يعلم ان قرار حل الحكومة في يد المجلس العسكري في ان يقيل الحكومة أو يحل مجلس الشعب وكلاهما صعب في الظروف الراهنة. ولكن الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس قال ان المرحلة الانتقالية مصابة بالشلل وأي مسئول يخشي اتخاذ قرار فيتعرض للمساءلة ولهذا أؤيد سحب الثقة من الحكومة خاصة ان البرلمان يقابل قرارات الحكومة بنوع من المعارضة والمزايدات والشو الاعلامي وبالتالي نحتاج إلي حكومة يرضي عنها البرلمان تتصف بالعمل بخطوات ثابتة ولا تعرف الايادي المرتعشة اثناء اتخاذ القرار..واشار إلي أن سحب الثقة من الحكومة ليس معناها اقالتها وإنما هو شهادة وفاة فقط لأن اقالة الحكومة من اختصاص الحاكم فقط يطلب من الحكومة تقديم استقالتها. اضاف الدكتور جمال جبريل رئيس قسم القانون بجامعة حلوان ان تهديد البرلمان بسحب الثقة من الحكومة كلام استهلاكي فقط لأن هناك خطوات لسحب الثقة تبدأ باستجواب الحكومة والتحقيق في الاستجواب واثبات الادانة ثم تقع المسئولية في حل الحكومة علي عاتق المجلس العسكري لتطبيق الدستور الذي ينص علي ان الدولة تقوم علي أساس النظام الرئاسي وهذا لا يعطي الحق للبرلمان حل الحكومة أو تعيين حكومة جديدة. أشار في هذه الحالة يقوم الرئيس أو الحاكم بتكليف زعيم حزب الاغلبية بتشكيل الحكومة في ظل الاعلان الدستوري في ظل الدستور الحالي.