يبدو أن أحداً لا يدري متي تبدأ عجلة الإنتاج في مسيرتها أو حتي نبدأ مشوار مواجهة الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي نعيشها مما أدي الي ارتفاع الأسعار في كل السلع والبضائع بلا استثناء؟! تساؤلات تبدو بلا إجابات مقنعة. بالاضافة الي الخلافات بين البرلمان والحكومة. وحكاية سحب الثقة التي تتردد بين كل فترة وأخري. هل مغازلة أو ضغط حتي تمضي الحكومة قدما في ايجاد حلول للمشاكل المتراكمة. هذه العاصفة من الجدال والحوار ألم يحن الوقت بعد لإنهائها؟! مما يثير الاهتمام أنه في الوقت الذي تحاصرنا فيه المشاكل والأمراض الوبائية التي أصابت الثروة الحيوانية بالحمي القلاعية علاوة علي المصانع المتوقفة عن العمل وكذلك مشروعات الخدمات وغيرها نفاجأ بتحذير من وزير المالية من عدم توافق القوي السياسية خاصة حزب الحرية والعدالة علي ابرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري بقرض تبلغ قيمته 2.3 مليار دولار. ويضيف الوزير في تصريحه الصحفي للأهرام: "أنه اذا كانت القوي السياسية خاصة الحرية والعدالة تري أن الحكومة معطلة للأعمال ولا تصلح للمرحلة الراهنة فإنه يتعين عليه تشكيل حكومة جديدة وسوف ندعمها". ليس هذا فحسب وانما تتزامن هذه التصريحات مع تصريحات لكل من: فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي وجودة عبدالخالق وزير التموين والتجارة الداخلية بأنه لا يوجد وزير في حكومة د. الجنزوري يرغب في البقاء بمنصبه. وأن الوزراء يعتبرون أنفسهم في مهمة قومية من أجل البلاد. بطبيعة الحال هذا الجدال كما يقول د. ممتاز السعيد وزير المالية يتسبب في تعطيل اجراءات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وحصول مصر علي القرض المقرر خاصة ان بعثة الصندوق لم تعترض علي خطة الإصلاح التي قدمتها الحكومة. وعلي الجانب الآخر قال عبدالحافظ الصاوي رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة: ان ااحزب لم يرفض ولم يوافق علي القرض حتي الآن وان هناك شروطا ثلاثة للموافقة من بينها ان تقدم الحكومة برنامجا واضحا للفترة المتبقية وأن تتعامل بشفافية فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي.. مشيرا الي انه مما يؤكد ذلك ان الغاء الدعم علي الطاقة لم يتم كما ان تصريحات الجنزوري حول الصناديق الخاصة متناقضة. في خضم هذ الجدال الذي يبدو أنه لم يتم حسمه فالقرض سوف يظل حائرا بين الحكومة وحزب الحرية. لكن ما هو ذنب المواطن البسيط في القري والنجوع الذي يتطلع الي انتهاء هذه الفترة الانتقالية حتي يتمكن من الحصول علي احتياجه بأسعار تناسب دخله البسيط. وهل تظل مشروعات الخدمات والمصانع متوقفة. وهل يستمر الشلل المروري والانفلات الأمني بالشارع دون ان يري المواطن أي بارقة أمل في وضع نهاية حاسمة لتلك الجرائم التي تقع جهاراً في عز النهار. وهل تستمر الأزمات الاقتصادية دون حلول وكذلك يظل نزيف الاحتياطي النقدي قائما. والي متي الدوران في هذه الحلقة المفرغة؟! الصورة تبدو ملبدة بالغيوم.. تريد حكماء وخبراء يتدخلون لتقريب وجهات النظر بين الحكومة وحزب الحرية وأعضاء البرلمان من أجل الوصول الي الاتفاق علي كلمة سواء خاصة ان الفترة المتبقية للحكومة لم تتجاوز مائة يوم فقط. اعتقد ان الوقت لا يحتمل كل هذه الخلافات ونعتقد أيضا ان الجميع يهمه في المقام الأول مصلحة الوطن. فهل نري مبادرة من حكمائنا لإنهاء هذه المجادلات التي نرجو الا تستمر طويلا. حقيقة أن الأزمات الاقتصادية تشتد وطأتها دون حسم الخلافات الدائرة بين الحكومة والحرية والعدالة والبرلمان كما ان بعثة صندوق النقد الدولي لن تنتظرنا حتي تنتهي خلافاتنا بالاضافة إلي أن الأسعار يشتد لهيبها والمواطن البسيط يدفع الثمن كما ان الشباب المتعطش لفرصة عمل سوف يظل ينتظر الفرج بلا أمل. والشارع الي متي يظل يعاني جرائم اللصوص والبلطجية وهل المظاهرات والاضرابات والاحتجاجات الفئوية سوف تظل مستمرة علاوة علي قطع الطرق وتوقف القطارات بسبب هذه الوقفات. الغليان في كل مكان بينما نحن مشغولون بالجدال الدائر هل نسحب الثقة من الحكومة أم أن هذا الحق لا يملكه البرلمان. جدال ومناقشات بلا رؤية واحدة! الأمر يقتضي تدارك الوضع الاقتصادي قبل ان يزداد سوءا والواجب يقتضي ان نطوي هذه الخلافات والنزعات الشخصية وتركيز الجهود حتي نخرج من هذه الفترة الانتقالية ونحن أشد قوة في مواجهة الازمات. وفي نفس الوقت نوفر المناخ الملائم حتي يعود للشارع انضباطه وأن يعود ضباط الشرطة الي مواقعهم وهم مطمئنون الي ان هيبتهم سوف تعود الي سابق عهدها. خاصة ان الانفلات المروري في الشارع قد تجاوز كل الخطوط والصورة تزداد سوءا يوما بعد يوم. ومن يشاهد الشارع وسائقي السيارات يخترقون الطرق في الاتجاه المضاد دون تقدير للكوارث التي تنجم عن هذه الأخطاء. وناهيك عن النشاط الاجرامي الذي يشتد في غيبة رجال الأمن ولعلنا نطالع نتائج تلك الحملات الأمنية والتي تؤكد حجم الأسلحة والمخدرات التي يتم ضبطها. بالاضافة الي المخالفات في زيادة أدوار بالعقارات والاستيلاء والاعتداء علي الأراضي الزراعية وغير ذلك من المخالفات التي تقع بصفة دائمة. هنا الواقع الذي يثير الأسي يتطلب سرعة انهاء خلافاتنا والاتفاق علي رؤية واحدة وموقف واحد حتي نخرج من هذه الفترة بأقصي سرعة وتنتهي أو تتواري هذه الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد.. يا سادة الوقت لم يعد يحتمل الانتظار وكل يوم يمضي يساهم في تفاقم الأزمات بصورة أكثر فاعلية ويجب ان يكون الوطن ومصالح بسطاء شعبنا في بؤرة الاهتمام. كما انني اعتقد ان الخلافات يمكن حسمها في أقصر وقت إذا خلصت النوايا وعقدنا العزيمة علي التحرك بوطنية وهمة. خاصة أننا جميعا في مركب واحد. وأن أي أزمات سوف تصيبنا جميعا ولن ينجو منها أحد.. فهل نتدارك الأمر قبل فوات الأوان؟