صحيح أن جموع الشعب المصري عامة وجماهير كرة القدم خاصة تنفست الصعداء بعد قرار النائب العام الدكتور المستشار عبدالمجيد محمود بإحالة 75 متهماً في أحداث مذبحة مباراة الموت ببورسعيد إلي محكمة الجنايات حيث أصبح الأمل معقوداً علي قضاء مصر العادل .. والشامخ الناجز للقصاص بأحكام رادعة علي كل من سولت له نفسه وأقدم علي ارتكاب والتخطيط لتلك الجريمة المروعة التي هزت وجدان العالم بأسره ولكن في الوقت الذي بدأ يشعر فيه الجميع ببادرة أمل لعودة الهدوء والاستقرار للوسط الكروي والرياضي عامة بعد ان بدأ القضاء يأخذ مجراه .. فإننا نجد علي النقيض أن الصورة الكروية يسودها الغموض بعد ان تخلي النادي الأهلي عن صمته الذي التزم به وحتي صدور قرار الإحالة لمحكمة الجنايات وأعلن مسئولوه مؤخراً علي ضرورة هبوط النادي المصري وابتعاده عن الدوري الممتاز علي الأقل 4 سنوات .. بينما يتمسك نواب البرلمان ببورسعيد ونجومها القدامي وأعضاء الجمعية العمومية بالنادي المصري بأن لاعبي المصري ومجلس إدارتهم بريء تماماً من كارثة مباراة الموت ولا علاقة لهم بالصراع والمشاحنات والمشاكل والاحتقان بين جماهير التراس الناديين والذي قادهم لتلك النهاية المأساوية وهم من هذا المنطلق ينددون بالجريمة ويطالبون بالقصاص وببراءة النادي المصري ويتمسكون بعدم توقيع أي عقوبة استثنائية والالتزام بتطبيق اللائحة التي لا تنص علي هبوط أو تجميد المصري وان كانوا يقبلون نقل مباريات ناديهم خارج بورسعيد وبدون جماهير حتي لو وصلت العقوبة لثلاثة مواسم والمثير للدهشة ان الناديين هددا باللجوء للفيفا لأن كلاً منهما يري انه صاحب حق وهذا التصعيد في النهاية لتلك الأزمة الجديدة التي فرضت نفسها علي سطح الأحداث في الساعات الأخيرة أري انه ليس في صالح الكرة المصرية ومستقبلها القريب فقد تسببت كارثة مباراة الموت في إلغاء الدوري هذا الموسم وهو قرار صائب وحكيم كان اتخاذه بمثابة واجب وطني حفاظاً علي الاستقرار والهدوء في تلك المرحلة الصعبة والخطيرة التي تمر بها البلاد وهي تستعد لجني ثمار ثورة 25 يناير المجيدة بانتخاب رئيس للجمهورية ووضع الدستور الجديد والتحول للديمقراطية وتسليم الحكم لسلطة مدنية بينما يعاني الوطن في الوقت نفسه حالة من الانفلات الأخلاقي والأمني والاحتقان والتعصب الكروي من الجماهير والوقفات الاحتجاجية والفئوية والاعتصامات وتعطل عجلة الإنتاج وتراجع السياحة حتي أوشك الاقتصاد المصري علي الانهيار .. وكان من الطبيعي إلغاء الدوري في ظل تلك الأجواء المضطربة من أجل التفرغ لمواجهة المهام الجسام التي يمر بها الوطن في تلك المرحلة الانتقالية التاريخية وبالتالي فإن ظروف البلد لا تحتمل مشاكل كرة القدم أيضاً .. ولكن إذا كان القائمون يريدون عودتها في الموسم القادم بصورة طبيعية بعد ان يكون الشعب المصري قد حصد ثمار ثورته وانتهي من بناء جمهورية مصر الثانية ودولة العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والديمقراطية فإن المطلوب من قيادات الرياضة والكرة بل وأطالب قيادات الدولة الحالية وفي مقدمتهم الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بأن يعملوا صوت العقل وان يتدخلوا لتصفية الأجواء بين ناديي الأهلي والمصري وتحقيق المصالحة بينهما وإعادة الوئام بين مسئولي الناديين .. لأن هذا التصعيد الأخير من شأنه ان يزيد الأزمة تعقيداً .. نريد ان نتحلي جميعاً بروح التسامح والأهداف التي من أجلها نمارس الرياضة وفي مقدمتها توطيد أواصر الصداقة والمودة والاستمتاع بمهارات ومواهب نجومها التي حباها بهم الله سبحانه وتعالي لانه بدون إعمال صوت العقل وتحقيق المصالحة والتخلي عن كل مظاهر التصعيد والالتزام باللوائح فإن الكرة المصرية ستكون الخاسر الأكبر لاعبين وأندية وستظل علي صفيح ساخن ويجب ان يتذكر الجميع قضاء مصر سوف يقتص من المجرمين .. وان لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب قد وافقت علي مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون العقوبات لمواجهة حالات الانفلات الأمني والبلطجة وترويع الآمنين بتوقيع عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد علي كل جريمة سرقة بالإكراه أو خطف أو سطو مسلح علي أحد الأشخاص أو الممتلكات الخاصة والعامة علي ان تفصل المحكمة خلال 15 يوماً .. وتلك التعديلات في قانون العقوبات تمثل نقطة تحول في تاريخ القضاء المصري للقضاء تماماً علي كل مظاهر البلطجة والانفلات الأمني الذي تعاني منه البلاد وملاعب كرة القدم واللعبات الجماعية وكانت كارثة بورسعيد إحدي حلقاتها المأساوية .. حتي يتم تطبيق هذه التعديلات وتستعيد الشرطة عافيتها وهيبتها وتتحقق المصالحة بين الأهلي والمصري فعندئذ أبشركم بمستقبل أفضل وأكثر إشراقاً لمصر اقتصادياً ورياضياً واجتماعياً وفي باقي مناحي حياة المواطن ومصر المحروسة.