واه مسلم". والرضا الحقيقي عز للمؤمن. وغني له عما سوي الله. ويظهر أثر ذلك في القناعة. فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "جاء جبريل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت. واعمل ما شئت فإنك مجزي به. وأحبب من شئت فإنك مفارقه. وأعلم أن شرف المؤمن قيام الليل. وعزه استغناؤه عن الناس". "رواه الطبراني في الأوسط". وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه". "رواه مسلم". وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "طوبي لمن هدي للإسلام. وكان عيشه كفافا. وقنع". "رواه الترمذي". وإذا كان الرضا مطلوباً من العبد فإنه يجب أن يسعي لتحصيله. ومن الأشياء التي قد تتعارض مع مقصود الرضا المصائب. ولكي تهون علي المرء المصيبة فعليه بالنظر إلي جلال من صدرت منه وحكمته وملكه. قال ابن الجوزي في قوله تعالي: "ما أصاب من مصيبة في الأرض" أعلم أن من علم أن ما قضي لابد أن يصيبه قل حزنه وفرحه. قال إبراهيم الحربي: "اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يمش مع القدر لم يتهن بعيش وليعلم قوله عليه السلام: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" وقوله عليه السلام: "الدنيا دار بلاء. فمن ابتلي فليصبر. ومن عوفي فليشكر". وقوله: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل". وينبغي علينا أن نعلم أن تحصيل رضا الله يكون برضا العبد عن الله. ويكون كذلك باسترضاء من طلب رضاهم كرضا رسوله صلي الله عليه وسلم. ورضا أوليائه. ورضا الوالدين. وقد ثبت عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "رضا الله في رضا الوالدين. وسخط الله في سخط الوالدين". "رواه البيهقي في الشعب". ولا يخفي ما في الرضا من آثار إيجابية علي وحدة المجتمع. وقوة العلاقات الإنسانية. إذ به يقل الحسد. وتكثر القناعة. نسأل الله سبحانه وتعالي أن يرضي عنا. وأن يرزقنا الرضا به وبرسوله وبدينه. وبقضائه في كل وقت وحين. وجميع المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.