في كتاب "الحياة السرية لادجار هوفر" يستعرض المؤلف أنطون سامرز تاريخ حياة أول مدير لمكتب التحقيقات الفيدرالي جون ادجار هوفر "1895 1972" الذي ظل في الخدمة حتي وفاته عن عمر 77سنة. بدأ "هوفر" موظفاً بسيطاً في مكتبة الكونجرس وأثناء عملية درس القانون في جامعة جورج واشنطن. وعن طريق خاله الذي كان قاضياً عمل في وزارة العدل ثم مساعداً لمدير مكتب التحقيقات ثم مديراً له. استفاد هوفر من عمله في مكتبة الكونجرس فأسس أرشيفاً هائلاً يضم "كروتاً" بأسماء كان يشتبه في ميوله اليسارية وجميع اسماء الضالعين في الجامعات الثورية والراديكالية. وضم الأرشيف في البداية 450ألف اسم منهم 60 ألفاً يندرجون في قائمة "الأسماء الأكثر خطورة". وفي عام 1919 أثناء الاحتفال بالعيد الثاني للثورة البلشفية في روسيا تم القبض علي 10 آلاف "شيوعي" و"فوضوي" في 23 مدينة أمريكية وكان معظمهم من المواطنين الأمريكيين وضم هوفر إلي هذه القوائم قائمة بمئات المحامين المستفيدين لتمثيل الراديكالية في المحكمة. وكان الرجل شديد البأس والصلابة في التصدي لمن يعتبرهم من المشتبه بهم حتي يتم ترحيلهم خارج الولاياتالمتحدة ومنهم مواطنون عاشوا في أمريكا سنوات طويلة ويحملون الجنسية. ونجح الاضطهاد الذي مارسه هوفر علي أصحاب الآراء اليسارية في تحقيق الأثر المطلوب علي الحزب الشيوعي في أمريكا وكان يضم وقتئذ 80 ألف عضو تناقص عددهم إلي ستة آلاف فقط في العشرينيات من القرن الماضي وفي سنة 1921 تمت ترقيته إلي مساعد مدير المكتب ثم في عام 1924 عين مديراً وخلال السنوات الثلاث اكتشف أن الإدارة في حاجة إلي تطوير وإلي عملاء وموظفين دارسين ومدربين فأولي عناية فائقة بتوظيف وتدريب العاملين وخلق كوادر علي أعلي مستوي. وفي عام 1926 أسس أرشيفاً هائلاً يعتبر الأكبر علي مستوي العالم يضم آلاف الملفات بآلاف الاسماء المشتبه فيهم. مكتب التحقيقات لم يكن حتي ذلك الحين فيدرالياً وانما يقتصر نفوذه علي مستوي الولاية ولم يكن مسموحاًً للعاملين فيه بحمل المسدسات ولا القبض علي المشتبه بهم. والأمر الذي دفع هوفر عام 1935 للحصول علي موافقة الكونجرس علي أن يكون المكتب فيدرالياً وأن يتسلح أعضاؤه ويتصرفون ضد جرائم العنف علي طوال امتداد الولاياتالمتحدة وبعد ذلك أسس أكاديمية تحمل اسم "اف بي آي" "FBI". عين كلايد تولسون مساعداً له فقد كانت له نظرة في الآخرين ويشير الكتاب الذي صدر عام 1993 إلي علاقة هوفر ومساعده تولسون الجنسية إلي أنهما أصبحا عاشقين طوال مدة 40سنة ولم يفترقا .. وقد استطاع أحد زعماء المافيا وهو ماير لانسكي أن يحصل علي صورة لها تؤكد هذه العلاقة المثلية استخدمها لابتزاز مكتب التحقيقات وتحجيم الممارسات التي كانت تحول ضد نشاطاته هو الشخصية . كان هوفر فاعلاً وناقداً في تكريس نشاطات "لجنة النشاط غير الأمريكي" في الخمسينيات التي اعتمدت علي المعلومات التي كان يقدمها "المكتب." وكان هوفر مهتماً جداً بالتأثير الذي أحدثه التليفزيون والسينما علي الناس في الولاياتالمتحدة وتسبب في إيقاف نشاط مئات الكتاب والفنانين وذوي الآراء السياسية وكانت لديه قوائم سوداء لهم. أيضاً كانت لديه ملفات بتحقيقات مفصلة عن كبار السياسيين ورؤساء أمريكا جون كنيدي وروبرت كيندي ونيكسون وغيرهم ومن يقفون ضد حرب فيتنام بينما كان يتغافل عن منظمات الجريمة المنظمة وعن الفساد السياسي وكانت ملفات هؤلاء تستخدم فقط للابتزاز والسيطرة علي مواقع النفوذ في الإدارة الأمريكية. وعندما مات "هوفر" وهو مازال في الخدمة التي امتدت لأكثر من نصف قرن قام مساعده وحبيبه تولسون بحرق كل الملفات الخاصة التي كان يعرف خباياها. وفي القاهرة الآن فيلم بعنوان "ج. ادجار" بطولة ليوناردو دي كابريو واخراج كلنت الستوود. غداً الأحد سنقدم عرضاً له في صفحة السينما.