هل أصبح التحرش الجنسي جزءا من ثقافة المجتمع وسلوكياته.. وهل انتقل جنون التحرش إلي الأطفال أيضا.. وما الذي حدث لنا.. وكيف وصلنا إلي هذا المنحدر! ان واقعة التحرش الجماعي في مدرسة جمال عبدالناصر الاعدادية بالدقي التي تم فيها هتك عرض أربع تلميذات داخل أحد الفصول. واقعة مخيفة ومؤلمة وتعكس واقعاً اجتماعياً يتسم بتحولات غريبة مريضة في السلوكيات وبفقدان تام للرقابة الأسرية والتربوية وبنشوء جيل جديد لا يعرف الانضباط ولايتحلي بمفاهيم الماضي في الأخلاق والنخوة والشهامة. فطالبة في الصف الأول الاعدادي تجلس داخل الصف مع زميلاتها تجد فجأة ان أربعة من الطلاب من زملائها في المدرسة يدخلون عليهن الفصل وقاموا بتمزيق قميصها وأمسكوا بصدرها. وكرروا الواقعة مع زميلاتها. بينما تعالي صراخهن طلبا للنجدة مما دفع الطلاب إلي الهرب! ولا نجد تعليقا علي ذلك. ولن نجد فقد مللنا الحديث في هذه الموضوعات. وكررنا التحذير تلو الآخر من أن الشارع أصبح مخيفا. وما يحدث في الشارع ينتقل إلي كل مكان. سواء في المدرسة أو الجامعة أو في وسائل النقل أو في الشارع. والآن لم يجد هؤلاء الطلاب الصغار غضاضة في أن يقوموا بتقليد الكبار. وأن يقوموا بالتحرش والاعتداء علي أقرب الناس اليهم وهن زميلاتهم في المدرسة! ان وزير التربية والتعليم سوف يأمر بالقطع بالتحقيق في هذه الواقعة التي تم تحرير محضر بها في قسم الدقي. وربما كان العقاب نقل مدير المدرسة أو ايقاف مدرس أو مدرسة. ولكن ذلك لن يكون حلا لمشكلة أصبحت متفاقمة. ولن يكون بداية النهاية للتحرش داخل المدارس. فالقضية أصبحت تتعلق بالمجتمع كله. وكما يقول الدكتور حسين سلام مدير مركز سوزان مبارك لصحة وتنمية المرأة فإن 16% فقط من حالات الاغتصاب هي التي يتم الاعلان عنها. وهو أمر يعني ان هناك نسبة كبيرة من النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب يفضلن الصمت خوفا مما يعتقدن في أن الابلاغ عن الجريمة يمثل اتساعا لنطاق الفضيحة. ولا يدركن أنهن بذلك يسمحن للجاني أن يفر بجريمته! ولا يمكن إعفاء الأسرة من مسئولية زيادة حوادث التحرش وجرائم الاغتصاب. فالرقابة الأسرية أصبحت غائبة تماما. والأباء والأمهات لم يعد في مقدورهم منع الأبناء من البقاء خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل. والفتيات الآن يقمن بمواعدة زملائهن في الدراسة علي الخروج ليلا بعد انتهاء الدراسة وكأن ذلك حق مشروع لهن. والكثير من الأسر لا تجد غضاضة في ذلك. وخروج البنات والأولاد الجماعي من المدرسة إلي المجمعات التجارية الضخمة "المولات" لتناول العشاء وتمضية السهرة هناك أصبح أمرا عاديا. وأشياء أخري كثيرة تحدث وكلها تؤكد ان هناك حالة من التفكك الأسري أدت إلي ان يتخلي البيت عن مسئولياته ويتركها للشارع ومفاهيمه..! وعندما ضاع دور الأسرة فقد ضاع دور المدرسة أيضا لأسباب عديدة بحيث لم يعد هناك تعليما ولا تربية وأصبح كل شيء مباحا ومستباحاً في شارع يغض ويعج بالعاطلين والمحبطين والعاجزين عن الزواج عن العمل وعن الاستقرار. والمتوثبين لأن يرتكبوا أي جريمة من أي نوع. والحديث في هذه القضية له أبعاد وأسباب كثيرة وكلها تدفع في اتجاه واحد.. وهو أن التحرش الجنسي لم يعد قضية هامشية وإنما قضية اجتماعية بالغة الخطورة تمتد تأثيراتها وانعكاساتها إلي مخاوف علي التدفق السياحي أيضا. فكما يقول بكري كرار وهو مواطن من أسوان أرسل لي مستغيثا فإن السائحات في أسوان يتعرضن لمختلف أنواع المضايقات من كل الأنواع بينما هناك غياب واضح لأعمال الرقابة ولا تجد السائحات من يقدم لهن الحماية.. وهي فعلا مشكلة وأخطر كثيراً من كل أنواع الإرهاب.. ولا علاج لها حتي الآن..! ** ملحوظة أخيرة: نحن في انتظار نتائج ما بعد الانتخابات ..!