صعب جداً أن تكون منتشياً وفي أوج عظمتك واعتزازك بمصريتك. ثم فجأة تجد نفسك منكسراً وذليلاً. هذا بالضبط ما شعرت به فعلاً يوم الأربعاء الماضي في لحظتين متناقضتين.. الأولي تجسد العزة والكرامة التي كنا عليها. ونحن نتحدي أمريكا ومعونتها ونرفض تهديداتها المتتالية إذا لم نسمح للمتهمين في قضية التمويل الأجنبي بمغادرة البلاد. والثانية تشخص قمة الذل الذي أصبحنا عليه ونحن نرضخ لتهديداتها ونتحايل علي القانون بمحض إرادتنا ونهين السلطة القضائية بإلغاء قرار منع السفر. بل ونذلل كل الصعوبات لإرضاء "سيدة العالم" وكسر كافة القواعد ليبيت أبناؤها في أحضانها. يبدو أننا خدعنا وخدرنا أنفسنا حينما ظننا أننا قادرون علي أن نتحدي أمريكا ونكسرها ونستطيع مواجهة تهديدات قطع المعونة بأفكار اقتصادية مبتكرة. حتي الحلم الذي سعينا لتحقيقه بأن يكون بديل المعونة مصرياً خالصاً. حرمنا ساستنا منه بمنتهي القسوة إرضاء لأمريكا علي حساب سيادة وطن وكرامة مواطن. للأسف.. كنا قبل الأربعاء وبعده كمن "شم الهيروين" بإرادته أو رغم أنفه خداعاً أو غروراً.. وبعد أن أفاق منه شعر بالخزي والعار.. فقد تأكد أنه فقد أغلي ما يملك. حريته وكرامته وأصبح أسيراً لتاجر السعادة والشقاء.. لا يعصي له أمراً ولا يقنع بغيره سيداً. صدقوني.. أنا هاتجنن من الأربعاء.. الدموع متحجرة في مقلتيّ. وضغط دمي مرتفع رغم حرصي علي ضبطه. وأعصابي منفلتة. ولا أود الحديث مع أي أحد حتي لا أخطئ في حق الغير بلا ذنب. لذا.. أضع كل ثورتي علي الورق.. وأسأل "العبقري" الذي أهاننا وسمح للمتهمين في القضية بالسفر 12 سؤالاً فقط. وليته يجيب عليها بصدق. وإن لم يتعوده. وبأمانة. وإن لم يعتد عليها من قبل: * الأول: هل القضية سياسية أم جنائية؟! * الثاني: إذا كانت سياسية.. لماذا أقحمتم القضاء فيها من البداية؟!.. ألم يكن من الأصوب أن تظل سياسية كنوع من كروت الضغط علي واشنطن. لتحقيق مصالح مصر. ثم تنتهي بأي شكل.. وسنصدق ساعتها أي اختراع للنهاية. ولو انضحك علينا بحجة أن العلاقات المصرية الأمريكية استراتيجية ومهمة. ولا يجب أن تتأثر بسبب المنظمات الأهلية أو غير الأهلية؟! * الثالث: إذا كانت جنائية. ومما يؤكد ذلك أنكم ذهبتم بها للقضاء.. فلماذا اللف والدوران وإهانة القضاء والتعدي عليه بهذا الشكل الفج. بعد حلها سياسياً؟! * الرابع: من له سلطة رفع اسم أي شخص من قوائم المنع من السفر والوصول والترقب؟! * الخامس: هل هو النائب العام؟!.. النيابة نفت ذلك. * السادس: هل هي وزارة الخارجية؟!.. الوزارة نفت أيضاً وقالت: إنه أمر قضائي. * السابع: هل هي لجنة التظلمات بالمحكمة؟!.. فلماذا عقدت اللجنة بعد ساعات من تنحي "قاضي القضية"؟! * الثامن: لماذا ذهبت القضية من الأصل إلي دائرة غير الدائرة الأصلية؟!.. نريد إجابة مقنعة بعيداً عن حكاية انشغال دائرة قصر النيل والرغبة في سرعة الفصل في القضية. * التاسع: قال المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف: إنه هو الذي طلب من القاضي محمد شكري التنحي لأن ابنه الذي استقال من منصب وكيل النيابة يعمل حالياً محامياً في مكتب للاستشارات القانونية له علاقة بالسفارة الأمريكية.. في حين يؤكد المستشار شكري في مداخلة مع برنامج "ناس بوك" علي قناة روتانا أن ابنه لا دخل له بالتنحي.. وأنه لم يتنح بمفرده. بل هو وكل هيئة المحكمة. لاستشعارها الحرج نتيجة تدخلات من السفارة. وأنه لو كان الموضوع يخص ابنه لرفض القضية من البداية.. فأيهما نصدق؟! * العاشر: يقول المستشار عبدالمعز إن الواقعة المسندة للمتهمين هي انضمامهم إلي جمعيات تعمل بدون ترخيص وهي جنحة وليست جناية.. لكن: ماذا تقول يا سيادة المستشار فيما ذكره قاضيا التحقيق خلال المؤتمر الصحفي الذي عقداه يوم الأربعاء 8 فبراير عن ضبط مستندات في مقار الجمعيات عن مواقع للجيش في السويس. وتحركاته. وخرائط لمصر مقسمة إلي 4 مناطق. وتقاضي المتهمين لأموال من الخارج. والعمل في الشأن السياسي لا المدني؟!.. هل هذه التهم جنحة أيضاً أم جناية عقوبتها الحبس 5 سنوات؟!.. ولماذا تم إغفالها عند عرض المتهمين علي لجنة التظلمات لرفع أسمائهم من المنع من السفر. وتم تصدير الجنحة فقط؟! * الحادي عشز: إذا كانت التهمة جنحة عقوبتها الحبس 6 شهور أو غرامة 500 جنيه فهل تصل الكفالة فيها إلي 2 مليون جنيه؟ لكل متهم كما أعلن عندنا ونفته أمريكا؟!.. ولماذا خرج الأجانب ولم يخرج المصريون رغم أن الأجنبي لا تستطيع إحضاره بعد صدور الحكم عليه. أما المصري فيمكن إعادته بالإنتربول إذا هرب للخارج؟! * الثاني عشر: وصلت طائرة عسكرية أمريكية لمطار القاهرة لنقل المتهمين قبل أن يتأكد صدور قرار السماح لهم بالمغادرة. حتي أنها هبطت بدون تصريح مسبق ودفعت الغرامة.. فكيف علمت واشنطن بالقرار قبل صدوره. وأمرت الطائرة بمغادرة قبرص والتوجه لمصر لإحضار المتهمين؟!.. أمريكا لا تفتح المندل أو الكوتشينة ولا تضرب الودع ولا تقرأ الكف. ولكن السيناريو كله معد سلفاً بمعرفتها أو بالاتفاق معها. سيان.. وما علينا سوي التنفيذ الدقيق.. أليس ذلك صحيحاً؟! للأسف.. إنها نهاية تراجيدية لنا. فانتازيا لأمريكا. كوميدية لكل دول العالم التي تسلت بهذا الشو الساقط. لذا.. فإنني من الآن.. أنصح قاضيي التحقيق المستشارين سامح أبوزيد. وأشرف العشماوي بالابتعاد عن ملف التمويل الأجنبي تماماً وألا يستمرا في التحقيقات التي وعدا بها ضد جمعيات ذات طابع ديني "إسلامي ومسيحي" أو ضد أشخاص عاديين من دول عربية وأمريكا وأوروبا. كفي الله المؤمنين القتال.. وعلي الدولة أن تصلح قوانينها الخربة وتتعامل بشفافية وصدق مع النفس والشعب. آخر الكلام.. * ما ذُكر عن الأمراض التي يعاني منها كبار المرشحين المحتملين للرئاسة.. هو بداية حملة تشويه لهم لصالح مرشح بعينه ربما لم يظهر بعد. الحملة بدأت بالصحة.. وتم التلميح للحالة النفسية لتكون المحطة القادمة ثم سيتلوها حتماً الخوض في السيرة الذاتية ومدي نظافة اليد. عيب جداً.. فكل المرشحين محترمون ونرفض هذا الأسلوب سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم أو مع بعضهم. * اتحاد الكرة السعودي استقال بعد خروج منتخبهم من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2014 بالبرازيل. ناس عندها نخوة.. مش ناس تسببوا في خروجنا من تصفيات مونديال 2010 ثم تصفيات أمم أفريقيا 2012 وأفسدوا الملاعب من خلال الكيل بمكيالين. والشغل علي الكيف. وأخيراً مذبحة بورسعيد.. ومع هذا رفضوا ترك الكراسي. واشتكوا مصر للفيفا عندما أقيلوا.. مفيش دم!! * رب لا أسألك رد القضاء.. ولكن أسألك اللطف فيه.