القراءة المتأنية لما حدث في الجولة الأولي لانتخابات مجلس الشعب 2010 تكشف عن وجود عدد من السلبيات التي شابت هذه الجولة. يأتي في مقدمتها محدودية نسبة التصويت والمشاركة التي لم تتجاوز 35% بالاضافة إلي وقوع عدد من حوادث العنف والشغب في عدد من الدوائر.. صحيح ان اعدادها ضئيلة مقارنة بانتخابات عام 2005 إلا أن الأمر يتطلب مواجهة جادة وحاسمة للتخلص من هذه السلبيات. * المستشار عبدالرحيم نافع وكيل مجلس الشوري يري أن انخفاض نسبة التصويت إلي 35% يعود إلي اسباب عديدة منها الفهم الخاطئ الذي توارثه الكثير من الناس حول عدم جدوي اصواتهم في حسم نتيجة الانتخابات وهذا بالتأكيد غير صحيح ومن ثم لا يرون فائدة في أن يشاركوا في العملية الانتخابية بالاضافة إلي غياب الوعي السياسي لدي الكثير من المواطنين. إما بسبب عدم فاعلية الكثير من الأحزاب في الشارع السياسي والحزبي. وإما بسبب انشغال الغالبية العظمي من المواطنين بالبحث عن وسائل لتوفير العيش الكريم لأسرهم. اضاف ان علاج هذه الظاهرة الخطيرة التي تسيء إلي تجربتنا الديمقراطية المتميزة في المنطقة مسئولية جهات عديدة في مقدمتها الأحزاب نفسها خاصة احزاب المعارضة التي يجب أن تزيد من فاعليتها وتعمل علي نشر مبادئها وأفكارها بين المواطنين حتي تكون أكثر ايجابية ومشاركة. كذلك لابد من زرع ثقافة المشاركة والايجابية في شخصية الأجيال الجديدة من خلال الاهتمام بالاستماع إلي ارائهم سواء في داخل الأسرة أو في المدرسة وعودة الاهتمام بالانتخابات الطلابية لأن ذلك يمثل اللبنة الأولي لاحياء ثقافة المشاركة. أوضح ان حالات الشغب والعنف التي وقعت في الجولة الأولي رغم قلة نسبتها مقارنة بانتخابات سابقة يجب مواجهتها بكل حسم حتي لا تستفحل وتصبح ظاهرة ملاصقة للانتخابات البرلمانية لدينا وهذا لن يتحقق إلا بالتطبيق الحاسم للقانون ومواجهة أي خروج عليه بكل شدة فلا يمكن أن يتحول التنافس في خدمة المواطن إلي اقتتال يسيء الينا جميعا بالاضافة إلي ان المرشحين والأحزاب يتحملون جانبا كبيرا من المسئولية حيث يجب أن يكونوا اكثر هدوءاً وأكثر تقبلا لرأي المواطن حيث ان هذا ينعكس بالتأكيد علي مؤيديهم. * د. فاروق اسماعيل رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشوري يرجع انخفاض نسبة التصويت إلي عدة عوامل منها عدم حرص الكثير من المواطنين علي تسجيل أنفسهم في الجداول الانتخابية من البداية إما بسبب عدم ادراكهم لأهمية الصوت الانتخابي في اختيار ممثلين للشعب في المجالس النيابية أو لعدم معرفتهم بكيفية هذا التسجيل بسبب عدم كفاية الدعاية لذلك فوزارة الداخلية تقوم بالاعلان عن ذلك في فترة قصيرة وفي أماكن قد لا تقع عليها عين المواطن بالاضافة إلي الدعاية غير الموفقة التي اطلقت قبل الانتخابات من جانب بعض الاحزاب والفضائيات عن توقعهم حدوث حالات عنف شديدة في الانتخابات مما جعل نسبة كبيرة ممن يمتلكون بطاقات انتخابية تحجم عن المشاركة. اضاف ان دفع المواطنين للمشاركة يحتاج إلي منظومة متكاملة تشارك فيها جهات عديدة سواء حكومية أو أهلية من خلال تسهيل اجراءات القيد في الجداول الانتخابية ونشر ثقافة المشاركة ولكن لكي تنجح هذه الجهود لابد ان يشعر المواطن اولا أنه صاحب مصلحة مباشرة في زيادة نسبة التصويت في الانتخابات ووجود مجلس نيابي قوي. فبالتأكيد عندما يشعر المواطن بذلك لن يتواني عن المشاركة في الانتخابات وهذا ما يفسر الاقبال الكبير في انتخابات مجالس ادارات الأندية الرياضية وبعض الأماكن الأخري حيث يشعر المواطن بأهمية صوته وأهمية وجود مجلس قوي يحقق مصالحه ويلبي احتياجاته ومن ثم يكون اكثر ايجابية. تطرق إلي ظاهرة العنف في الانتخابات مؤكدا أنها تعود إلي عدم تعودنا علي ثقافة الرأي والرأي الآخر فكل شخص يريد ان يكون صاحب الصوت الأعلي بغض النظر عن حقوق الآخرين وأهمية الاستماع اليهم. ولذلك يري أنصار كل مرشح أنه لابد ان يكون الفائز ومن ثم يحاولون فرض هذه الرؤية بكل الوسائل حتي ولو كان العنف والشغب. إما لضمان نجاح مرشحهم أو لإفساد العملية الانتخابية تماما إذا لم يتحقق لهم ما يريدون. اضاف ان المرشحين لعضوية مجلس الشعب يتحملون المسئولية الأكبر في مواجهة هذا العنف بحثهم انصارهم ومؤيديهم علي الهدوء والامتثال لرغبة جموع المواطنين. ولن يتحقق هذا إلا إذا كان هؤلاء المرشحون يؤمنون أولا بهذا المفهوم. * د. إبراهيم مصطفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة يري ان انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات إلي أقل من 50% مؤشر خطير لتفشي السلبية وغياب الايجابية في الحياة الحزبية وهذا راجع إلي ضعف الأحزاب السياسية في مجملها وعدم وجود كوادر لها تؤثر في الجماهير وتدفعها للمشاركة بجانب العقبات التي تواجه أصحاب البطاقات الانتخابية في عملية التصويت كوجود أخطاء في الكشوف الانتخابية وتعديل أماكن اللجان دون الاعلان عن ذلك بشكل واضح وموسع وهو ما يجعل المواطن يتكاسل عن الادلاء بصوته. اضاف ان التجربة الحزبية في مصر رغم مرور عشرات السنوات عليها بعد عودة المنابر ثم الاحزاب بديلا عن التنظيم الواحد لم تهتم في معظمها ببناء كوادر وقواعد شعبية واكتفت بالتوجه إلي المثقفين والصفوة ولم تحاول ان تتواصل بطريقة أكثر فاعلية مع المواطنين وهو ما يفسر احجامهم عن الذهاب إلي صناديق الانتخاب. بالاضافة إلي عدم ثقة المواطن في كثير من الأحيان في عضو مجلس الشعب نتيجة تجارب سابقة. فكثيرا ما يختفي النائب فور حصوله علي كرسي البرلمان ومن ثم يري المواطن أنه لا جدوي من المشاركة أو انتخاب مرشح بعينه ويترك مسئولية الاختيار لاخرين وهكذا كل شخص يتخلي عن جزء هام من واجبه ومسئوليته وبذلك نصل إلي نسبة تصويت أقل من النصف. أشار إلي أن التنشئة السياسية هي العامل الأول لمواجهة هذه السلبية وهذا علي المدي الطويل.. أما علي المدي القصير فيجب أن يكون عضو مجلس الشعب أكثر فاعلية في التواجد بين مواطني الدائرة التي ينتمي اليها حتي يشعر المواطن بقربه منه ومن ثم يشارك في الانتخابات ليضمن بقاءه عضوا بمجلس الشعب وتواصله معه. * د. يوسف أبواليزيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس يلقي بالمسئولية الأولي عن حوادث العنف والشغب علي المرشحين أنفسهم فبعضهم يقوم باستئجار بعض الفتوات والبلطجية لارهاب المنافس وهؤلاء بالتالي يحاولون ان يثبتوا ولاءهم لمن يدفع لهم بالقيام بالعديد من التجاوزات التي سرعان ما تنقلب إلي حوادث عنف متبادلة بين الطرفين بالاضافة إلي افتقادنا لثقافة الحوار والمنافسة الشريفة فكل شخص يرسب في الانتخابات يري أن ذلك إساءة لشخصه ولا يحاول اصلاح شأنه وتقبل رأي الجماهير واختياراتهم. اضاف ان دخول نوعيات جديدة إلي مجلس الشعب ورغبتهم في التمتع بالحصانة بأي وسيلة من الوسائل يجعل حالات العنف تظهر بوضوح بجانب امتلاك هؤلاء للتكاليف المادية الباهظة لاستئجار هذا النوع من الفتوات. أشار إلي أن مواجهة هذا العنف مسئولية اساسية للاحزاب السياسية التي يجب أن تدقق في اختيار مرشحيها بأن يكونوا مؤهلين سياسيا لديهم القدرة علي إدارة المعركة الانتخابية من خلال وسائلها المعروفة والصحيحة وعدم اللجوء إلي العنف ودعوة انصارهم إلي هذه التصرفات بجانب المواجهة الامنية الصارمة لأي خروج علي القواعد الموضوعة فالحرية لا تعني بأي حال من الأحوال الفوضي والاعتداء علي الاخرين وممتلكاتهم.