فجرت واقعة القبض علي رئيس محكمة لاتهامه بتهريب أسلحة ومخدرات.. قضية بالغة الخطورة.. ظلت ولا تزال حديث الساعة ألا وهي: "الحصانة الواقفة".. لحماية البلاد من أصحاب النفوس الضعيفة.. ممن يدفعهم الحظ للتمتع بالحصانة المتحركة الكاملة. زاد الحديث بعد هذه الواقعة بالذات بين مختلف فئات الشعب خاصة المثقفين الذين طالبوا بضرورة حصر الحصانة داخل مكان العمل لمن يحملها.. فعضو مجلس الشعب يتمتع بها مادام داخل المجلس.. أما وهو في الشارع فهو مواطن مثل المواطنين وكذلك من يعملون في السلك النيابي والقضائي. الحصانة الحالية.. تجربة نقلها الخديوي اسماعيل.. في ظل بداية حياة سياسية جديدة أعلن عنها "آنذاك" منذ ما يقرب من قرن ونصف القرن وكان هدفه دعم نواب مجلس شوري النواب في ظل الديمقراطية الوليدة وأيضا تميزهم عن باقي طبقات الشعب انطلاقا من الطبقية التي كانت موجودة في ذلك العصر. استمرت الحصانة المتحركة بالتبعية بعد قيام ثورة يوليو 1952 واستمر الحال في عهدي عبدالناصر والسادات.. ثم فاحت ريحته العفنة في عهد مبارك المخلوع.. فعلي مدي ثلاثين عاما كان معظم نواب الحصانة المتحركة مثالا سيئا استولوا علي آلاف الأفدنة ونهبوا المليارات من البنوك واحتكروا السلع واستوردوا السلع والأدوية الفاسدة.. وكله تحت حماية الحصانة. كذلك الوضع في القضاء. وان كان أقل وطأة.. إلا ان هذه الجهات وغيرها كانت تعيش ولا تزال علي انقاض البسطاء والغلابة من أبناء الكنانة. تصوروا.. قبل قيام ثورة 25 يناير المجيدة بخمسة شهور تقريبا.. كان يسير أحد الأصدقاء من أساتذة الجامعة بسيارته علي كوبري أكتوبر مساء إحدي الليالي ذاهبا من منزله الي الطبيب وفوجئ بسيارة تأتي من خلفه بسرعة جنونية وتكاد تصطدم بسيارته.. فأشار الصديق لصاحبها بالهدوء وقال له "هذا اخطر عليك".. ويا لها من كلمة.. فبعد ثلاثة أيام فقط استدعته النيابة بتهمة التعدي والسب واتلاف سيارة أحد أعضاء النيابة وطبعا العقوبة مضمونة وهي الحبس.. لكن ومن حسن الحظ كان صديقي يعرف "واسطة" في النيابة أيضا مما أدي الي انهاء الأمر. إذن الحصانة المتحركة سيف مصلت علي رقاب البسطاء من غالبية هذا الشعب وتمنح الحصانة كل المزايا لحامليها وكأنهم أبناء تسعة ونحن أبناء سبعة.. نطالب مجلس الشعب بالمبادرة في إصدار قانون بحصر الحصانة في مكان العمل فقط.. حتي نعيش جميعا مواطنين بدون طبقية.. وكفي الغلابة شر الحصانة.