شاع منذ أيام قليلة اقتراح رئيس توافقي. يتم اختياره من بين عدة أسماء لها مكانتها علي المستوي الدولي والمحلي.. ولأننا نريد رئيسنا القادم من الصناديق. ولا يكون مفروضاً علينا.. فالتوافق فرض وإجبار. كما أن اختيار شخص الرئيس قبل وضع الدستور وتحديد مهامه وصلاحياته هو العبث السياسي بعينه. وإهانة للشعب ومخالفة لمنطق الانتخابات وضرب الديمقراطية في مقتل.. كما أنه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. لقد أعرب نشطاء سياسيون وحزبيون ومرشحون للرئاسة عن رفضهم لفكرة الرئيس "التوافقي".. وتساءلوا عن صلاحياته وعن علاقته بالبرلمان والحكومة. ومدة رئاسته. فمن المفترض تحديد كل ذلك.. لأن عدم وضوح تلك الأمور يعد امتداداً للعبث السياسي في الفترة الانتقالية.. ويلغي حاجتنا إلي إجراء الانتخابات. فمن الضروري أن يختار الشعب رئيسه بنفسه في انتخابات تنافسية حرة وشفافة. وأن تخضع لكل الضمانات الدستورية.. حتي لا تتحول الانتخابات إلي تمثيلية متفق عليها. محددة الأدوار. وتقدم رئيساً أسيراً لمن اختاروه وقرروه. كما يجب أن يكون صندوق الاقتراع هو الفيصل في اختيار رئيس الجمهورية القادم. حتي تكون الفرص متساوية لكل المرشحين.. فالتوافق سيتيح فرصة أكبر لشخص ما علي حساب الآخرين.. بالإضافة إلي أنه سيؤدي إلي ضياع مكتسبات الثورة وضياع اللحظة الفارقة في تاريخ مصر وعلي حساب ثورتها. إن فكرة التوافق وإن كانت مقبولة في وضع الدستور علي اعتبار أنه يجب أن تتوافق عليه جموع الشعب لأنه يحدد لنا خارطة الطريق في حياتنا السياسية ونعرف منه حقوقنا وواجباتنا.. إلا أنها مرفوضة وغير مقبولة في اختيار رئيس الجمهورية.. فكفانا ما عانيناه من سابق حاكمنا. الذي عاث فساداً وحول حياتنا إلي جحيم.. وإن كان لابد من التوافق. فلماذا إذاً كانت ثورة يناير؟! لقد آن الأوان أن تكون إرادتنا حرة. ونختار رئيسنا بأنفسنا بعيداً عن أي إملاءات داخلية أو خارجية ويكون مثله مثل أي موظف في الدولة ولفترة واحدة. إن أجاد. فمرحباً به في فترة أخري. وإن أساء فلنختر غيره.. ويكون ولاؤه للشعب وليس لمن اختاروه.. نريده رئيساً كأي رئيس في دولة ديمقراطية يتنحي عن الحكم بإرادته إذا تجاوز ما حدده له الدستور. وأحنث في قسمه.. ونحاسبه علي أدائه. نريد أن نختار بإرادتنا فكفانا مصادرة لحقوقنا. وكفانا امتهاناً لعقولنا.