قال الرجل لزوجته أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر. فنهضت واحتجبت عنه. وقالت: قد طلقني. فبات بليلة عظيمة. فلما أصبح "عيسي بن موسي" غدا إلي الخليفة المنصور وأخبره الخبر. وقال يا أمير المؤمنين. ان تم طلاقها تلفت نفسي غماً. وكان الموت أحب إلي من الحياة وظهر للمنصور منه جزع شديد. فأحضر الفقهاء واستفتاهم فقال جميع من حضر: قد طلقت. إلا رجل من أصحاب أبي حنيفة. فإنه سكت. فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟ فقال: مستشهداً بقوله تعالي "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" فلا شيء أحسن من الإنسان. فقال المنصور لعيسي بن موسي. قد فرج الله عنك. والأمر كما قال فأقم علي زوجتك.. وراسلها أن أطيعي زوجك فما طلقت. هذا عالم نظر في المسألة بعمق وتدبر واخلاص فوجد الحل. وأسوق هذه القصة لأدلل علي اننا بحاجة إلي النظر بعمق وتدبر واخلاص في كل ما نقول ونفعل. في وقت نصنع فيه مستقبل مصر! نجيء إلي نقطة المقال "الشرعية للبرلمان فقط" والحقيقة انه لا شرعية غير شرعية البرلمان ولا توجد شرعية بديلة أو موازية لهذه الشرعية التي خولها الشعب بإرادته الحرة وعبر اقتراع وانتخابات حرة نزيهة لمجلس الشعب واعضائه! ومدع أو جاهل بالحقيقة كل من يزعم غير ذلك فليس صحيحاً ان الشارع له شرعية بعد ان اختار بشكل قانوني ودستوري من ينوب عنه في مجلس الشعب ليرعوا مصالحه ويسنوا له القوانين والتشريعات ويراقبوا أعمال وأداء والتزامات الحكومة وأعضائها وغير ذلك مما هو في جوهر السلطات الممنوحة للبرلمان! وقول أحد البرلمانيين إن شرعية الشارع دائمة بينما شرعية المجلس مؤقتة بدعوي انه محدود بمدة قانونية انما ينم عن جهل بالمعرفة والقانون والسياسة والأصول إذ ان المدة القانونية التي تحدد الدورة البرلمانية ليست قيداً علي المجلس ولا علي ما يصدر عنه من قوانين وتشريعات وغير ذلك بدليل ان ما يصدر عن المجلس يظل نافذاً وسارياً حتي في فترة تعطله لحين إجراء انتخابات تشريعية جديدة. لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل هي ان شرعية الشارع تنتهي بانتهاء الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية وبعد أن يقول الشعب كلمته؟ ولا يعقل ان تظل هناك شرعية موازية للبرلمان تصطدم وتتعارض معه وتنازعه سلطاته وإذا منحنا بهذه السهولة شرعية للشارع تصبح كارثة بحق عندما يصبح لدينا رئيس منتخب ثم يقرر جمع من الناس فجأة الذهاب إلي التحرير والمطالبة بعزل الرئيس الجديد!