أصابني صداع شديد من كثرة ما يذاع في القنوات التليفزيونية والفضائيات عن نتائج الجولة الأولي من انتخابات مجلس الشعب. وما ينشر عنها في الصحف القومية والحزبية والمستقلة. تداخلت المعلومات وتشابكت الاتهامات وتضاربت التحليلات بين النزاهة والشفافية وبين التزوير والتقفيل.. هذا يتهم وذاك ينفي.. وأصبحت الساحة ساحة حرب كلامية.. وزاد من توترها أو علي الأصح هيجانها إعلان بعض القوي السياسية عن الانسحاب من جولة الاعادة. الحزب الوطني مطمئن وهادئ.. ويؤكد أن بعض التجاوزات ما هي إلا تصرفات فردية.. لكن العملية الانتخابية في مجملها سليمة ولا تشوبها أية شائبة.. والمعارضة والمستقلون ملأوا سماء مصر بالاحتجاجات.. لكن الشيء المؤلم في هذه الانتخابات هو سقوط 16 قتيلا ذهبوا ضحية الحصانة. هربت من هذه "الهوجة" الانتخابية إلي قراءة بحث عن "قضية المياه في مصر" فاقشعر بدني من هول ما ينتظرنا من مشاكل تنبيء بمستقبل مؤلم للمصريين ولمصر التي يمكن أن تموت عطشا لا قدر الله لو استمررنا علي حالنا من التطاحن الداخلي ونرمي من وراء ظهورنا مشكلة لاندرك للأسف الشديد مدي خطورتها علي حياتنا ووجودنا. نحن جميعا ندرك أن هناك مشكلة كبيرة بيننا وبين دول منابع النيل التي بدأت تنقلب علينا في تحد سافر ملوحة بحرمان مصر من جزء كبير من حصتها المائية تحت حجج كثيرة معتبرة أن مصر تأخذ مالا تستحقه من مياه تنبع من بلادهم وهي أي هذه الدول أولي بها منا. وراء هذا التوجه تآمر أمريكي أوروبي اسرائيلي يعمل في صمت ويؤجج هذا الصراع. ونحن للأسف ننظر إليه بطريقة عابثة لاهية ولا ندرك مدي المواجع والآلام التي تنتظرنا. الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري لم يذهب لحضور مؤتمر دول حوض النيل. وفضل الانشغال بالحصول علي الحصانة وجلس "عمدة" بين ناخبيه وتجول في أرجاء دائرته بالجلباب البلدي. يا سيادة الوزير.. هل تري أن عضوية مجلس الشعب أهم من تأمين حصة مصر من المياه والدفاع عنها حتي تتخلف عن هذا الاجتماع الخطير ولم ترسل حتي من ينوب عنك لحضوره؟! إن تصريحات رئيس وزراء أثيوبيا ميليس زيناوي الأخيرة حول العلاقات مع مصر واتهاماته لها بأنها تشجع حركات تمرد داخلية فيها ما هي إلا بدايات لصراع قوي هدفه حرمان مصر من جزء كبير من حصتها في مياه النيل. والموقف الأثيوبي ليس جديدا.. ففي عام 1956 وبعد شهر واحد من استقلال السودان أكدت أثيوبيا أنها تحتفظ بحقها في استخدام الموارد المائية لنهر النيل لصالح شعبها!!. وعلينا أن نتذكر أنه في عام 1979 بعد توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل أعلن الرئيس السادات: "ان الماء هو السبب الوحيد الذي يمكن أن يدفع مصر للحرب مرة أخري". والسؤال: هل سنظل لاهين ومنشغلين بمشاكلنا الداخلية وشفافية الانتخابات أو تزويرها إلي أن نفيق علي صدمة كبري ويكون قد "سبق السيف العذل"؟! أي فات الأوان.