جاء غياب الرئيس السابق حسني مبارك عن جلسة أمس في قضية القرن علي غير المتوقع حيث توجهت أبصار الحاضرين فور بداية الجلسة نحو قفص الاتهام بعد دخول المتهمين في القضية وعلي رأسهم حبيب العادلي وزير الداخلية ومساعدوه الستة ونجلا الرئيس السابق علاء وجمال.. ولكن لم يدخل الرئيس كعادته علي سريره الطبي إلي القفص وقد زالت الدهشة لغياب الرئيس مبارك عندما أعلن المستشار أحمد رفعت في بداية الجلسة عن عدم حضور المتهم الأول محمد حسني السيد مبارك للظروف الجوية السيئة التي تمر بها البلاد وعدم استطاعة الطائرة الهليكوبتر التي تقله يوميا من المركز الطبي للقوات المسلحة إلي أكاديمية شرطة الطيران في هذه الأجواء السيئة. كانت هيئة المحكمة برئاسة المستشار أحمد فهمي رفعت وعضوية المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام وأمانة سر عبدالحميد بيومي وسعيد عبدالستار قد اختتمت أمس سماع مرافعة الدفاع عن اللواء عدلي فايد مساعد وزير الداخلية السابق ومدير مصلحة الأمن العام. تحدث مجدي سيد حافظ المحامي في بداية الجلسة وقال إن دور موكله نقل تعليمات وأوامر وزير الداخلية إلي جميع مديريات الأمن علي مستوي الجمهورية والتي انحصرت في تأمين المتظاهرين وعدم استخدام الأسلحة الآلية أو الخرطوش ضدهم وأن يكون الحد الأقصي للتعامل معهم بالقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه. وانتقد الدفاع اتهامات النيابة للوزير السابق ومساعديه بالتحريض علي قتل المتظاهرين لعدم توافر الشروط القانونية لجريمة التحريض في حقهم. أضاف أنه يشترط لتوافر جريمة التحريض أن يلتقي المحرض والمحرض إليه سويا حتي تتم مقومات هذه الجريمة. نص الدفاع التقاء عدلي فايد بضباط وجنود الأمن المركزي لتحريضهم علي قتل المتظاهرين لأنه ليس الرئيس المباشر لهم.. وقال: إن موكله برئ وأن الخطابات السرية التي أصدرها تؤكد توصيته لجميع قادة الشرطة بمديريات الأمن علي ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان وآدميته. أكد أن المشير محمد حسين طنطاوي شهد أمام المحكمة بأن مبارك والعادلي لم يأمرا بقتل المتظاهرين.. مشيرا إلي عدم قانونية أمر الإحالة حيث إن جميع أعمال مساعد الوزير الأسبق "مكتبية" ولا صلة لها بميدان التحرير وأنه لم يتدخل بأي خطط أو أدوات أومساعدة أو تحريض. استنكر مجدي حافظ عدم قيام النيابة العامة بسؤال مديري الأمن بالمحافظات عن التعليمات الصادرة لهم من مدير مصلحة الأمن العام بشأن كيفية التعامل مع المتظاهرين.. وكذلك تقصير النيابة الواضح في التحقيقات. أكد المحامي خلال مرافعته أن النيابة قدمت إلي المحكمة دعوي عرجاء كسيحة. وكان من الأولي أن تسأل النيابة عن سبب عدم إصدار المتهم أمرا بتسليح جنوده مما عرض حياتهم للخطر بسبب هجوم المتظاهرين عليهم حسب ما أظهرت بعض الفيديوهات التي تناولت إلقاء المتظاهرين لبعض الجنود في نهر النيل وإجبار البعض الآخر علي خلع ملابسهم والسير عرايا في الشارع. وأوضح مجدي حافظ أن موكله ليس قائدا ميدانيا وإنما هو مكلف فقط بالإشراف العام علي ديوان الوزارة وليس تحت سيطرته أي أدوات أو قوات. أشار إلي وجود عورات في الدعوي لا يجب الحديث عنها مثل المرأة التي قتلت زوجها ووضعت جثته أمام ماسبيرو ليكون ضمن شهداء الثورة.. وكذلك الطبيب الذي شهد أن بعض المصابين أجبروه علي تغيير التقارير الطبية لضمهم إلي مصابي الثورة رغم أن إصاباتهم كانت بعيدة عن الميدان. أشار الدفاع إلي أن النيابة قصرت عن عمد عندما عرضت كشوف بأسماء المتوفين والمصابين علي المحكمة ضمن أوراق القضية ولم تشتمل علي بيان أنواع وتاريخ الإصابات ولم تقدم تقارير الطب الشرعي الخاصة بها وتركتها مجهلة وعامة مما يجعل القضية مليئة بالعورات والنقائص. نفي الدفاع نية القتل لدي موكله لأنه لم يكن له دور فعلي في مسرح الأحداث وأنه لم يغادر مكتبه طوال المظاهرات بل كان يتابعها عبر اتصالاته مع مديري الأمن ومساعدي الوزير للقطاعات الجغرافية. وصف الدفاع النيابة بالعجز عن تقديم الفاعلين الأصليين من الضباط والجنود لأن عددهم يزيد علي عشرات الآلاف فراحت تقدم وزير الداخلية ومساعديه إلي المحاكمة إرضاء للرأي العام وأنه في حالة صدور الأوامر بالفعل بقتل المتظاهرين لكان ضباط وجنود الشرطة قد أطلقوا نيران أسلحتهم علي المتظاهرين وكان عدد الضحايا في هذه الحالة قد وصل إلي الآلاف. أوضح أن المظاهرات كانت ضخمة وغير مسبوقة ولا يمكن لمصاب أو شهيد أن يري من يقف بجانبه أو خلفه كما أن المظاهرات تسمح للضباط والجنود بأن يكون لديهم الهدوء والرؤية التي تسمح لهم بتوجيه أسلحتهم نحو المتظاهرين. أشار إلي أنه بفرض حدوث حالات قتل أوإصابة فإنها قد تكون حادثة من ردود أفعال رجال شرطة صغار ليسوا مدربين علي كيفية التعامل مع مثل هذه التظاهرات التي تحولت إلي ثورة شعبية ضد النظام الحاكم ورموز الدولة. اختتم مجدي حافظ مرافعته بأن المحضر رقم 900 بتاريخ 28 يناير 2011 تضمن أسماء بعينها ومتهمين بإتلاف المال العام والحريق والشغب وإثارة الفوضي وتهديد الأمن والسلم العام. وقد أصدرت النيابة قرارها بحبس 300 شخص في أيام 25 و26 و27 و28 يناير ثم عادت بعد أن هدأت الأوضاع وتخلي الرئيس السابق عن الحكم بإخلاء سبيلهم استجابة للرأي العام.