يجب أن نعيد النظر بالنسبة لسياستنا إزاء أمريكا. وليس معني ذلك أن نعاديها بل أن ندرس تاريجها منذ أصبحت القوة العظمي الأولي أو الثانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. خرجت دولتان منتصرتان من هذه الحرب وأمريكا في المقدمة لأنها أنتجت القنبلة الذرية وجربتها في اليابان ونجحت التجربة واستسلمت اليابان علي الفور. ووجد الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي تولي الرئاسة وهو نائب الرئيس بعد وفاة روزفلت في يده أقوي سلاح في العالم وأمامه الاتحاد السوفيتي. وبدلا من أن يتجه ترومان إلي السلام مع موسكو رأي أن موسكو تنافسه علي سيادة العالم. والوثائق السرية السوفيتية أثبتت بعد فوات الأوان أن موسكو كانت تريد السلام وتسعي إليه ولا تريد منافسة أمريكا علي الهيمنة والسيادة العالمية. وفي أول لقاء بين ترومان ومسئول سوفيتي بعد الحرب العالمية وهو مولوتوف عامله ترومان بفظاظة وغرور القوة واعترف مولوتوف بعد اللقاء بأنه أحس بإذلال لم يشعر به حتي من الزعيم السوفيتي ستالين. وكانت النتيجة أن السوفيت أحسوا بأن أمريكا تريد أن تدور كل دول العالم في فلكها وأن الديموقراطية هي السلطة التي تستطيع بيعها إلي كل الدول وأنها يجب أن تفرض سياستها وإقتصادها علي كل الدول. ووجدت أمريكا أنها تستطيع أن تحقق ذلك بإلقاء مزيد من القنابل علي الدول التي تعارضها أو لا تقبل النموذج الأمريكي. ولم تحاول أمريكا أن تري كيف ينظر العالم إليها وأخذت أمريكا تفكر في أن العالم يجب أن يعترف بقوة أمريكا. وترتب علي ذلك أن أمريكا غزت فيتنام ولم تر أن الفيتناميين أيضاً يحسون بالزهو إزاء بلادهم وأنهم يريدونها مستقلة وكانت حرب فيتنام التي كلفت أمريكا أرواح أكثر من 50 ألف جندي أمريكي. وجاءت حرب العراق وبوش لا يعرف شيئا عن السنة والشيعة ويظن أن تعيين رئيس للعراق بعد صدام حسين سيجعل العراقيين يمتنون له بينما وجد العراقيون أنه عميل لأمريكا. فظنت أمريكا أن الحرب ضد الإرهاب هي حرب ضد شعوب أقل منها ثقافة. ولا يزال هذا رأي أمريكا في كثير من دول العالم حتي الآن وسبب رغبة واشنطن في السيطرة علي هذه الشعوب!