في سنة 1335 قبل الميلاد جلس علي عرش مصر ربما لأول مرة واحد من أفراد الشعب.. استطاع أن يصل إلي القمة وإلي العرش.. جاء إليه بدون وساطة أو وراثة.. ولكن بعمل جاد متصل.. هو حور محب.. الذي خرج من صفوف الشعب.. واستطاع أن يقضي علي الفوضي والفتن التي أوشكت أن تعصف بالبلاد. يقول "إيبوور" الحكيم في وصف حالة البلاد في ذلك الوقت كما سجلها الدكتور بهاء الدين إبراهيم في كتابه "الشرطة والأمن في مصر القديمة" لماذا أصبحت الطرق غير محروسة ويختبئ الناس بين الأشجار حتي يأتي المسافر فيأخذون منه أحماله ويسرقون ما معه..! وإذا خرج ثلاثة رجال إلي الطريق فلا يعود منهم إلا اثنان.. والكثيرون في العدد يقتلون أقل منهم عددا لقد امتلأت الأرض بالعصابات لقد اختفي كل شيء صالح وحكم علي البلاد الشر وتنكر الناس بعضهم لبعض!!! وجد حور محب الرشوة والفساد منتشرين ومعاملة الموظفين للمواطنين كلها غبه في غبه.. وبمجرد اعتلائه عرش مصر وضع قانونا من تسع مواد لكي يقضي علي الفوضي والفتن والضرب علي أيدي الموظفين الذين يستبدون الناس.. وعمل علي إعلاء سلطان القانون وقد سجل هذا القانون علي لوح حجري طوله خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار عثر عليه بجوار باب من أبواب معبد الكرنك في الأقصر.. كان الغرض من هذا القانون ضمان رفاهية أهل مصر كما جاء في نهاية التعليقات المسجلة علي الأثر كما سجل ايضا أنها تعاليم تصور لأول مرة في التاريخ لا حكم بها جميع الأراضي نظرا لما شاهدته من الظلم الصارخ في هذه البلاد ويقضي هذا القانون بفرض عقوبة علي كل من يعوق السفينة التي تحمل الضرائب إلي خزائن الدولة.. وبمعاقبة الموظفين الملحقين بمكتب قرابين الملك الذين يذهبون إلي قرية من القري لسرقة النبات المقدس "كث" وكذلك الاستيلاء علي جلود الحيوانات كجزء من الضريبة ومعاقبة الجنود الذين يذهبون إلي الفلاحين وعان الناس لسرقتهم أو إيذائهم بدون مبرر أو تهديدهم وابتزازهم وغير ذلك من الأمور التي يعاقب عليها.. كذلك اهتم حور محب باصلاح المحاكم والتي كان قضائها من بين الموظفين والكهنة وبعد أن أصلح شئونهم المادية اعتبر اعتداء أي منهم علي العدل وظلمه للناس بسبب رشوة أو غيرها جريمة كبري جزاؤها القتل. وأقصي القضاة التزام العدل وحذر من الرشوة قائلا "لا تأخذوا الرشوة من أحد وإلا كيف يمكن الحكم بالعدل إذا كنتم أنفسكم جناة علي القانون" وغير ذلك من التعاليم التي أصدرها حور محب بما يشير!! البر بالصيد والجواري والحرص علي معاملتهم بالحسني. كانت هذه تعاليم حور محب التي أصدرها منذ أكثر من 3300 سنة.. وأوضح أن السلوك المصري لم يختلف كثيرا سواء قبل الميلاد أو في العصور الحديثة.. وكانت هذه التعاليم تتضمن عقوبات قاسية من بينها القتل وجرع الأنف "أي كسر الأنف". ويبدو أننا في حاجة إلي تعاليم مماثلة في شدتها مما قرره حور محب.. خصوصا في ظل هذا الانفلات الأمني الذي استشري في مواقع كثيرة.. لا لشيء إلا لمواجهة ثورة 25 يناير التي قامت ضد الفساد والمفسدين وضد نظام اتسم بالبعد عن القيم والعدل وفرض سياسة التوريث في حين أن حور محب اعتلي العرش المصري والذي أوصله!! المُلك.. عمله واجتهاده وحب الشعب له.. لأنه لم يكن دين فرعون.