تعجبت من وصف فريد الديب "المحامي" للرئيس المخلوع أثناء مرافعته عنه أمام المحكمة بأنه النسر الجريح. وقلت: سبحان الله. كم من جرحي جرجهم هذا النسر الجريح من قبل؟!.. وكم من ظالم تحول إلي مظلوم في عهده؟!.. وكم من مظلوم تحول إلي ظالم في ظل نظامه الفاسد؟! لقد عادت بي الذاكرة إلي الوزراء عندما كنت محرراً في قسم القضايا والحوادث. وكنت أتابع محاكمة السياسيين في المحاكم العليا. وفي إحدي القضايا شاهدت العجائب والظلم عيني عينك. لكن كانت هذه القضية ملفقة لصاحب شركة ملاحية لمجرد أنه عرف ربه وأطلق لحيته وزادت تجارته علي المستوي العالمي. وأصبح منافساً كبيراً لأحد رجال النظام السابق. وأرادوا أن يلقوا به في السجن. فتم تقديمه للمحاكمة في التسعينيات بتهمة أن الفاكس الخاص به في شركته استقبل منشوراً من مجهول يحرضه علي التمرد ضد نظام الرئيس المخلوع. ويدعوه إلي نشر الفتنة إن استطاع بين المؤسسات السيادية. استمرت جلسات محاكمة هذا الرجل أكثر من 10 جلسات. شهدت مرافعة النيابة وسماع شهادة ضباط الأمن الذين قاموا بالتحريات والضبط. وشهود النفي وشهادة خبير الفاكسات.. وأكد دفاع هذا الرجل المظلوم أن أي شخص لا يستطيع أن يتحكم في الفاكس الخاص به وأن المنشور الذي تم إرساله علي هذا الفاكس كان مدفوعاً من وزارة الداخلية آنذاك. طلبت المحكمة سماع شهادة خبير من التليفزيون. وأكد الخبير أن صاحب الفاكس لا يستطيع أن يمنع أي شخص من إرسال أي مخاطبات له عبر الفاكس. ولا توجد أي أرقام سرية للفاكس. هنا اقتنع القاضي بأن هذا الرجل بريء وأن المنشور ملفق لصاحب شركة الملاحة. وحكم بالبراءة. لكن النظام السابق لم يعجبه ذلك. فتم إقصاء رئيس المحكمة عن الجلوس في منصة القضاء مرة أخري. وتمت إعادة محاكمة هذا الرجل مرة أخري بتهمة أنه "علم ولم يُبلغ" وجاءوا بالبريء مرة أخري ليحاكم في نفس المحكمة. ولكن من خلال هيئة أخري. وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن 3 سنوات بتهمة أنه علم ولم يبلغ. وقضي هذا الرجل العقوبة ظلماً وعدواناً. فهل هذا البريء لم يجرحه النسر الجريح. وتحول من مظلوم إلي ظالم. وهناك أمثلة كثيرة للظلم الذي وقع علي الكثير من الأبرياء. خاصة رجال الدين الذين دخلوا السجون بتهمة قول الحق واعتراضهم علي ما كان يدور في النظام السابق؟!!.. فلماذا لم يتم وصفهم بالمجروحين؟! الأغرب من ذلك أنني أصف إنساناً ظهرت فيه كل أنواع الفساد بأنه مثل رسول الله "صلي الله عليه وسلم" عندما آذاه كُفار قريش. حاشا وكلا أن يوصف إنسان مهما كان إيمانه وورعه برسول الله.. فكيف نصف حاكماً فاسداً برسول الله. ويتجرأ دفاع الرئيس المخلوع علي أن يطلق هذا اللفظ مع أنه هو الذي وصف هذا المخلوع بالظالم وقت أن كان مدافعاً عن أيمن نور في قضية التزوير المشهورة؟!.. "صحيح الفلوس تعمي النفوس".. وأرجو أن يكون هناك اعتذار رسمي من هذا المحامي عن وصفه للرئيس المخلوع بالأنبياء.