دعا العلماء جموع الشعب أن يكون الاحتفال بذكري ثورة الخامس والعشرين من يناير دعوة للعمل والإنتاج والبعد عن الأعمال التخريبية التي طالب بها البعض من الذين يثيرون الفتن ويصطادون في الماء العكر. حذر العلماء من أي فوضي يمكن أن تحدث في هذا اليوم مؤكدين أن الرسول صلي الله عليه وسلم عاني أشد المعاناة في إعلان الدولة الحديثة من المدينة متحملا كافة الصعاب من أجل قيام الدعوة الإسلامية ونشر العدل والأمان بين الناس. يقول الدكتور طه حبيشي الأستاذ بجامعة الأزهر إنه في ذكري انتصار الثورة علي أرض مصر لابد من بيان للناس ليقدم من يقدم عن بينة. ويحجم من يحجم عن قناعة والذي دفعنا لكي نقدم هذا البيان للناس ما طرحتموه علينا من إبداء الرأي في مسألة انتشرت علي شبكة المعلومات العالمية. تأخذ الناس إلي وجهة أخري غير هذه الوجهة التي تأخذهم إليها طبيعة الأشياء. إن طبيعة الأشياء فيما نحن فيه تقول: إن المصريين مقبولون في هذا العام الثاني عشر بعد الألفين علي احتفال مهيب بانتصارهم في ثورة قامت لرفض الظلم. والقضاء علي القهر. ووضع مشاريع التنمية علي طريقها الصحيح ولم يمر علي هذه الثورة المحتفي بها سوي عام واحد. ولقد علم الناس أسباب الفساد. كما تعرفوا علي القائمين به ولما كان القائمون به قد كثر عددهم. وانشعبوا إلي رءوس مسئولة وملأ مستفيد علم الناس منهم ما علموه. وتعرفوا علي بعضهم وبعضهم قد جهلوه لم يكن هناك من سبيل للقضاء علي رءوس الفساد والملأ الذين يعاونوهم إلا أن يأخذ الشعب بمبدأ التوحد. التوحد بجميع معانيه. حتي يمكن الوصول إلي الهدف من أقصر طريق. أضاف د.حبيشي أن رءوس الفساد. والملأ من حولهم يدركون أن الخطر لا يحيط بهم. إلا إذا توحد الشعب أفراده وجماعاته خلف مبدأ واحد. وثقافة واحدة يسلكون إليهما طريقا واحدا. علم رءوس الفساد والملأ معهم أن توحد الأمة فيه مقتلهم. وفيه مصرعهم. فلجأوا إلي تاريخ أمثالهم يستفيدون منه. خاصة ما استطاع التاريخ أن يسجله من قهر الشعب علي أرض مصر. فوجدوا في التاريخ القديم قصة جرت بين فرعون مصر يعاونه الملأ علي مظالمه وموسي عليه السلام أرسله ربه لكي يضع حدا لهذه المظالم. ويقضي بصوت الحق علي هذا الفساد المتجذر في تربة مصر الاجتماعية. ولما كان موسي عليه السلام صادق القول. وصادق القصد والتوجه في وجه انحرافات فرعون والملأ معه. وجد فرعون مصر أن الشعب المصري بأفرده وجماعاته سائرون نحو التوحد. وأن مقتله سيكون في انصراف الناس من حوله ويؤكد له ذلك أن الكلمة قد انتقلت من داخل القصر إلي خارجه وأصبحت في يد الشعب يملكها ولم يصبح هو صانع القرار يعاني الأمة آثاره وإنما أوشك القرار أن يكون في يد الأمة. وليس ببعيد أن يوجه القرار إلي أرباب الفساد يحيط بهم ويقدمهم إلي العدالة الاجتماعية علي سنة التاريخ والاجتماع "وتلك الأيام نداولها بين الناس". أكد د.حبيشي: لقد أدرك فرعون مصر ما أدركه الفراعنة من قبله ومن بعده. أن مقتلهم في انعزالهم. وأن هلاكهم في توحد الأمة من حولهم. فأخذ فرعون موسي يبحث في كنانته عن سهم مسموم يضرب به هذا التوحد في مقتل. بحيث يترتب علي مبدأ مقتل الوحدة أن يلقي بالأمة كلها في بحار التشرذم والفرقة. تكتوي بنارها ويجني هو ثمارها. وكان هذا السهم المسموم الذي عثر عليه فرعون هو هذا السؤال الذي توجه به إلي موسي زعيم الإصلاح في مصر ونبي الله الذي أرسله للقضاء علي الفساد الذي نشره فرعون في الأمة المصرية. وعاونه عليه الملأ الذين استجابوا له بقصد ما يحصلون عليه من ملء البطون وملء الجيوب علي السواء. وهذا السؤال الذي عثر عليه فرعون يوجهه إلي موسي. هو أن قال له ما بال القرون الأولي ما حال آبائنا وأجدادنا وما حال آباء هؤلاء الملأ وأجدادهم. وما حال آباء الكل وأجدادهم أكانوا علي ضلال أم كانوا من المهتدين؟ سؤال ظاهره البراءة وباطنه فيه الفتك بموسي ومن معه. وتدمير مبدأ الوحدة الذي استعصم به موسي عليه السلام بتوفيق ربه. فموسي عليه السلام بين أمرين: إما أن يقول: لقد كان الآباء والإسلام في ضلال مبين وحينئذ تأخذ الحمية بعضهم. ويقولون له: أتسب آباءنا؟! أتلعن أجدادنا؟! وينفضون من حوله وإما أن يجامل موسي في إجابته ويقول: لقد كانوا أناسا طيبين فمن اهتدي إلي الحق منهم فهو علي مذهبنا. ومن ضل فهوي علي مذهب فرعون وملأه. ولو سئل موسي: ما الطريق إلي معرفة الضال من المهدي؟ يقول: اقرءوا التاريخ. وحينئذ يكون موسي قد ترك المنصة لفرعون يخطب في القوم ليلفتهم إلي التاريح الذي يدرسونه. وهو تاريخ مصنوع مبرمج فاسد وتكون النتيجة مرة أخري هي تفرق القوم من حول موسي. غير أن الله قد نجا موسي من أثر هذا السهم المسموم فلفت أمته إلي التوحيد في أعلي صوره. وهو توحيد يدركه المصريون القدماء. قال موسي يجيب فرعون: "وعلمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسي" وانطلق في حديثه يحدد صفات ربه بما لا يمكن فرعون أن يدعي بأنه هذا الإله هذا مثل من القديم عثر عليه بعض المحدثين من أعداء الثورة المصرية التي لم يمر علي مولدها إلا عام واحد. فتوجه فرعون مصر والملأ من حوله يرددون ما ردده فرعون موسي في مصر في ذكري يوم النصر أثاروا أموراً علي شبكة المعلومات كلها موجهة إلي هدف واحد وهو سير المصريين نحو التوحد. ورؤية المصريين للأهداف الواضحة وتعلق المصريين بطوق النجاة. أضاف د.حبشي أن السهوم المسمومة لضرب الوحدة اليوم كثيرة. منهاك امرأة مجهولة النسب. مجهولة الهوية لم يتقدم لها أحد يدعي قرابتها منه تمثل دوراً من الأدوار يهيج كوامن الشرف والغيرة علي العرض عند المصريين ومنها: أن يقوم أحدهم بقتل أحد علماء الدين الإسلامي بقصد تهييج عامل الدين المؤثر في نفوس المصريين. ومنها: إثارة هذا السؤال الضخم وهو فما بال شهداء الثورة وهم يعلمون أن الإجابة لو جاءت بأنهم ليسوا بشهداء أو بعضهم علي الأقل. افترق المصريون. ولو قال المسئول المصري: نفحص كل حالة علي حدة لقام زعماؤهم من أدعياء القانون وحقوق الإنسان. وركبوا المنصة يخطبون بأصوات عالية لا يعد موتها ومنها: أنهم يقولون: لقد اختار الشعب ممثليه وقال كلمته ولكن الشعب ناقص الثقافة تنتشر فيه الأمية متأثر بالدين. بعيد عن الديمقراطية فاختياره فاسد وانحيازه لمن اختارهم خطأ. ولكنه شعب مظلوم معذور. امتلأت الساحة كما امتلأت شبكة المعلومات العالمية بسهام فرعون المسمومة لتضييق الخناق علي دعاة الإصلاح وإحداث مبدأ جديد علي أرض مصر بدلا من التوحد وهو مبدأ الفوضي التي يحاولون أن يجنوا ثمارها فهم الذين يستطيعون أن يحولوها إلي فوضي خلاقة.. فانتبهوا يا قوم إلي ما انتبه إليه آباؤكم أيام موسي عليه السلام. ذكري الشهداء يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر ومقدم برنامج "الموعظة الحسنة" إن الذكري في الفقه الإسلامي تقتضي أن ينتفع بها المتذكرون قال تعالي "وذكر فإن الذكري تنفع المؤمنين" يتذكر المسلم ماضيه الذي يوصف بالحسن فيزداد حسني ويتذكر ماضيه الذي يوصف بالسوء فيتخلص منه ويعمل علي نقيضه حتي يزداد من الله قربا. أضاف د.مبروك أنه في ذكري الخامس والعشرين من يناير يجب أن نتذكر الذين كانت دماؤهم ثمنا لما حصلنا عليه من مكاسب ونستمر عليها حتي تتحقق لنا كل ما أردناه من هذه الثورة البيضاء. كما يجب أن نحافظ علي أمن وطننا وسلامة شعبنا بحيث ندفع المخاطر التي قد تعترضنا نتيجة عدم التخطيط السليم للذكري فلا نتيح فرصة للذين يريدون الرجوع إلي الوراء بمزيد من الخسائر وإراقة دماء جديدة وعبث بعقول الشباب ودخول من لا ناقة لهم ولا جمل في الإصلاح وإنما هم هواة ازدحام يصطادون في الماء العكر ويخربون البلاد ويتعسون العباد. أشار د.مبروك إلي أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد لا تخفي علي أحد وهي أشد خطورة علي حاضرنا فضلا عن مستقبلنا فكل ما يهدم أو يحرق سيتكلف بناؤه من جديد ما هو فوق طاقاتنا وسوف تدفعه الأجيال من بعدنا.. فيجب أن يكون الاحتفال نفحة طيبة وذكري خالدة بهدوء عقول مستنيرة في أبدان صحيحة لا تعرف التخريب وإنما تعرف التعمير وتنشده ويكفي أن يكون فيها وجود يبشر بالوجود لا ينذر بالعدم. حرام شرعا يقول المفكر الإسلامي د.صفوت حجازي إن الدعوة إلي تخريب الممتلكات في هذه الذكري حرام شرعا.. والقيام بهذه الأعمال غير جائز لا شرعا ولا قانونا مهما كانت المسوغات نتيجة لأوهام فكرية تساندها عصبية طائفية.. وعلة تحريم الاعتداء علي الملكيات العامة باعتبارها أموالا لأناس معصومين بحكم المواطنة لا يجوز الاعتداء عليها. أضاف أن التجمهر بطريقة فوضوية للحصول علي حقوق قد تكون حاصلة أو مزعومة أمر حادث لم يكن معروفا في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم نظرا لما يؤدي إليه من الفوضي والشغب بما يجعله أمرا ممنوعا. أكد الشيخ حجازي أن الإسلام لا يعرف الفوضي وإنما يقر الانضباط والهدوء والسكينة في الوصول إلي الحقوق.. ويحق لولي الأمر مقاومة الفوضي بكافة الطرق التي تمنع اختلال الأمن واتلاف الأنفس والأموال ومحاربة الاستخفاف بالولاية الإسلامية.. مشيرا إلي أن الدين الإسلامي يعترف بالنظام والانضباط ودرء المفاسد. الخارجون عن القانون المستشار حسن خليل رئيس محكمة استئناف القاهرة يؤكد أن التشريع أقر لولي الأمر الحق في معاقبة الخارجين عن القانون الذي تقره الدولة.. مشيرا إلي أن هذه الذكري يجب أن تكون منهاجا ونموذجا أمام العالم.. فالفوضي مرفوضة شرعا وقانونا وكلنا يعلم كيف عاني الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في بنآء الدولة الحديثة وكيف كان يتعامل مع الناس بالحكمة والموعظة الحسنة حتي مع الخارجين عن القانون. قال المستشار خليل إن هذه الأعمال التخريبية يترتب عليها فقدان الأمن الذي يجب أن يشعر به كل إنسان.. فأهداف الثورة تتركز علي أن يشعر كل فرد بالأمن علي أبنائه وممتلكاته ومثل هذه الدعوات التي تدعو للإثارة والفتن ما هي إلا تخريب لاقتصاد الوطن وانتشار الفساد. دعا المستشار خليل المواطنين لضبط النفس في هذا اليوم الذي ينتظره أعداء الوطن لكي يقوموا بأعمال تخريبية تسيء للمجتمع أمام العالم.