المتابع لما ينشر ويري ويسمع عبر وسائل الإعلام المختلفة المكتوبة والمرئية والمسموعة يكتشف بسهولة ويسر أن الاستقطاب بين أبناء الشعب الواحد بات شديداً وخطيراً بدرجة توحي أن المجتمع قد انقسم فعلاً إلي فريقين موزعين بين الثوار والمجلس العسكري. إذ يصور كل من الفريقين نفسه ومن يؤيده علي أنهم ملائكة "خلص". بينما الآخرون شياطين "خلص" كذلك. والحقيقة التي يعرفها كل من يعيش واقع المجتمع المصري يدرك بالقول والفعل أن القطاع الأكبر من المصريين يقف حائراً بين هؤلاء وأولئك يري في الفريقين المذكورين "تطرفاً" يمقته الشعب المصري "المعتدل" بطبيعته. هؤلاء هم الذين يعملون رغم الظروف السيئة بينما الآخرون يتكلمون ويملأون الدنيا كلاما وصياتا وزعيقا وكأنهم أصحاب الحق الوحيد في التعبير عن هذا الشعب العظيم. والسؤال إزاء ذلك هو لماذا يفعل الإعلام بنا ذلك؟ هل هي فعلاً خطة لترسيخ الانقسام بين أبناء الشعب المصري أملاً في تقسيم مصر نفسها بعد ذلك أم أن الأمر مجرد عشوائية إعلامية باعتبار أن هذه هي المرة التي يعيش فيها الإعلاميون المصريون هذا المناخ من الحرية التي تحولت إلي ما يشبه الفوضي؟ أعتقد أن الاحتمالين واردان ومن ثم يجب علي الإعلاميين المنتمين فعلاً إلي هذا الشعب وهذا البلد أن يشقوا لهم طريقاً ثالثاً بين هذين الطريقين تعبيراً عن القطاع الأكبر من شعب مصر والتزاماً بالموضوعية والشروط الحقيقية التي يجب مراعاتها حفاظا علي مصداقية المهنة ذاتها لأن هذه الظروف ستنتهي آجلاً أو عاجلاً ولن ينفع أحداً منهم "عمالتهم" أو "عشوائيتهم" علي حد سواء. المطلوب من الإعلاميين الحريصين علي مستقبل هذا البلد ومستقبلهم هم أنفسهم أن يتحلوا بالمصداقية اللازمة والموضوعية الضرورية وإلا فلا يلوموا إلا أنفسهم!!.