سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رحيل توني كيرتس اليهودي الفقير الذي صار نجماً.. ثم مدمناً.. ثم هوي.. ملامحه الأنثوية وبشرته الحرير وتكوينه الجثماني.. مقومات نجاحه بدأ في حارة اليهود وانتهي في مصحة نفسية
خبر رحيل الممثل الأمريكي توني كيرتس عن 85 عاماً انتشر عبر وكالات الأنباء والإنترنت والقنوات الفضائية باعتباره النموذج الكلاسيكي لقصة النجاح الأمريكية.. فقد خرج من "الجيتو" اليهودي في نيويورك ليتذوق مباهج الشهرة والنجومية بعد فقر مدقع. ثم يغوص في الإدمان والجنون ويموت وسط الظلال بعد محطات طويلة في المصحات الصحية والعلاج النفسي. يقول المخرج بيللي وايلد الذي اختاره لبطولة فيلم "البعض يفضلونها ساخنة" أمام النجمة مارلين مونرو والنجم الكوميدي جاك ليمون: "أنه لاحظ أن اهتمام كيرتس الوحيد انصب علي حجم بطنه وبنطلونه "المحذق" الذي يلتصق بأردافه". ويقول: "إن النجومية فرضت ضغوطاً شديدة الوطأة عليه لم يتحملها" هذا الفيلم أشهر أدواره وفيه يتقمص شخصية امرأة أمام جاك ليمون حتي يتجنبا السقوط في براثن عصابة. بدأ صعود هذا النجم في نهاية الأربعينيات بمجموعة أفلام استعراضية محدودة القيمة استغلت تكوينه الجثماني وملامحه الانثوية المليحة وقد اشتهر وسط مديري الإنتاج المتخصصين في اختيار الممثلين بأنه الممثل "صاحب الوجه الآيس كريم" وذلك بسبب بشرته الناعمة وكانوا يرونه النموذج الأمثل الذي يصلح للأدوار ذات الطبيعية المزدوجة "رجل « امرأة". وفي عام 1957 استطاع كيرتس أن يحقق شهرته كممثل جيد بأدائه دور البطولة في "رائحة النجاح الحلوة" الذي لعب فيه شخصية موظف الدعاية الوغد "سيدني فالكو" الدور الذي أثار دهشة النقاد الذين ظلوا يعتبرونه مجرد ممثل "حليوه" بلا موهبة. بعد عامين اجتهد كيرتس كي يمزج بين وسامة شكله وبين حرفية الأداء التمثيلي وذلك في أكثر أفلامه شهرة "البعض يفضلونها ساخنة" حيث لعب الدور باقناع شديد ولم يلفت وجوده في دورة مياه الحريم أيا من السيدات اللاتي كن موجودات وذلك من فرط مظهره الانثوي وملابسه التي اقتضاها الدور وتم اختيارها بعناية تناسب تكوينه. ومع وصوله إلي ذروة النجاح كممثل انهارت حياته الشخصية وأصيب بمرض نفسي جعله يتردد بانتظام علي الطبيب وأصبح إدمانه للكحوليات والمخدرات أمراً شائعاً ومعروفاً. التراجع الدراماتيكي بدأت حياة هذا الفنان تتراجع في الستينيات والسبعينيات بمجموعة من الأفلام الكوميدية الجنسية التافهة. وعلي الرغم من الجهود الجادة لإنقاذ سمعته عام 1967 بعد أدائه لدور في فيلم "سفاح بوسطن" وجد نفسه حبيساً داخل دائرة من أفلام الدرجة الثانية من إنتاج التليفزيون. مع بداية الثمانينيات لفت توني كيرتس الأنظار إلي حالته المتردية وملابسه الغريبة الشاذة وإدمانه الواضح للمخدرات وكان حين يفوق "من الإدمان" يشكو لمن يلتفت إلي غرابة مظهره أن المخدرات تفعل في الإنسان أشياء مرعبة وتجعلك تتوهم انك شخص جذاب والحقيقة أنك مخلوق ممل. وبعد أن ساءت حالته تماماً. أجبروه علي الدخول لمصحة "بتي فورد" وذلك بعد إصابته بمرض كبدي مزمن. وفي عام 1985 أدهش توني كيرتس النقاد بتعافيه من المرض وعودته للأفلام وأدائه لدور شخصية سيناتور فاسد في فيلم "بلا أهمية" للمخرج نيكولاس روج. وفي العام التالي عاد للعمل في التليفزيون في سلسلة من الأفلام بعنوان "جواسيس".. ثم في نهاية حياته انتقل من مدينة لوس أنجلوس وأمضي معظم أوقات فراغه في رسم لوحات لنساء عاريات!! وقد ولد توني كيرتس في 3 يونيه عام 1925 باسم برني شوارتز لأب فقير مجري يهودي اسمه ماني شوارتز هاجر إلي نيويورك علي أمل أن يحترف التمثيل ولكنه عجز عن تعلم الانجليزية فاشتغل عاملاً لدي صانع ملابس "ترزي" في حي برونكس وظل هناك مع أسرته.. وقد نشأ "برني" في هذا الحي ولم يستطع هو ايضا أن يتحدث اللغة الانجليزية حتي سن السابعة. وفي سن الثانية عشرة كان يمضي أيامه في التغيب عن الدراسة واللعب أو العمل كماسح أحذية علي الرصيف أمام محلات "بلومنجدال" في نيويورك. وكان يزيد دخله بإلقاء نفسه أمام عجلات السيارات مدعياً أنه أصيب بجراح فيجبر السائق أن يدفع له ثمن التاكسي للوصول إلي المستشفي"!!" وفي المساء كان يقضي معظم الوقت في سرقة المحلات والبارات. يقول: "لقد كنت بالفعل صبياً منحرفاً ولكن التمثيل وضعني علي طريق مستقيم وضيق". وبدافع من تشجيع والده الذي كان يريد لابنه أن ينجح فيما فشل هو فيه. التحق بمعسكر صيفي لتقويم المنحرفين من الصبيان واتجه للتمثيل وجذبته شهوة هذا الفن فتطوع في العروض التي كانت تنظم في نهاية المعسكر. وفي سن السابعة عشرة التحق بالبحرية لمدة ثلاث سنوات ولكن آماله في الترقي باءت بالفشل نظراً لضعف الدرجات التي حصل عليها في الدورة التدريبية للتأهيل كضابط. يتذكر كيرتس هذه المرحلة: "لم أصدق ذلك. حين قال لي هؤلاء الرجال بأنني غبي جداً".. وبعد أن ترك البحرية التحق بدورة تعليمية للقوات المسلحة وقيد نفسه لإتمام تعليمه في المدرسة الثانوية. واستمر في التمثيل والتحق بفرقة المسرح اليهودي عام 1945 ولعب دور البطولة في مسرحية "الولد الذهبي" ولفت نظر أحد العاملين في شركة "يونيفرسال" التي وقعت معه عقداً لمدة سبع سنوات. وبعدها انتقل إلي هوليود. وبرغم الدخل الثابت الذي تحقق له وجد نفسه علي شفا الفقر بعد أن اضطر إلي دفع اشتراكات عضوية نقابة الممثلين وشرائه ملابس جديدة ودفعه مصاريف وكيله. فلم يكن يتبقي له سوي 5.1 دولار في الأسبوع. تقول الممثلة الأمريكية المشهورة شيللي ونتزر عن ذكرياتها مع توني كيرتس: "زارني توني كيرتس في شقتي ذات ظهيرة وقدم لي نفسه باسمه الحقيقي "برني" قائلاً: "عليك أن تهتمي بي حتي استقر هنا فوالدتي تعرف خالتك التي كانت تعيش معنا في حي برونكس" فوجدت له شقة تشارك فيها مع مارلون براندو. ثم قدمته إلي أصدقائها ومنهم مارلين مونرو التي سرعان ما طلبها كيرتس للخروج معها. وقررت شركة يونيفرسال أن اسم برني شوارتز ليس "بنكيا" يمكن تقديمه للبنوك. واقترحت تغييره إلي انطونيو كورتس ثم بعد أن رأت "يونيفرسال" أن الاسم مازال "لاتيني" أكثر من اللازم غيرته إلي توني كيرتز ثم إلي كيرتس.. وبعدها قدم أول أدواره علي الشاشة عام 1945. حيث قدم رقصة "المامبو" لمدة 15 ثانية أمام الممثلة ايفون دي كارلو في فيلم "كريس كروس" Criss Cross بطولة برت لانكستر ولم تكن شركة يونيفرسال علي يقين بأن كيرتس يمكن تسويقه باعتباره "رمزاً جنسياً". وتجاهلت موهبته واسندت له دوراً في سلسلة أفلام بعنوان "شرقيون" "Easterners) وأفلام استعراضية تعتمد علي الملابس ومنها فيلم "الأمير الذي كان لصاً". ولم يمر وقت طويل بعد ظهوره عاري الصدر وبادي المرح حتي تفجرت جماهيرته وامتلأ مكتب الشركة برسائل المعجبات تريد معرفة المزيد عنه! وطوال الاربعينيات والخمسينيات استمر كيرتس في الظهور في دور أمير أو سلطان في أفلام مغامرات خفيفة وبلا قيمة. وقتئذ استغل المنتجون قوامه الممشوق ومقوماته الجثمانية لأول مرة في فيلم "ترابيز" 1956 الذي نجح نجاحاً كبيراً وكان من بطولة برت لانكستر الذي ظهر معه ثانية في فيلم "رائحة النجاح الحلوة" محققاً نجاحاً لافتاً. رشح توني كيرتس للأوسكار عن فيلم ¢The defiant ones" الذي لعب البطولة فيه سيدني بواتييه وكان هذا هو الترشيح الأول والأخير رغم أن قائمة أفلامه تتضمن ما يقرب من 130 فيلماً. ولم يحصل علي الأوسكار وعلي هذا يقول ملعقاً: "لقد كان الترشيح مجرد دعابة وتحية لممثل يهودي وآخر إسود". ** اليهودي والأسود والعربي.. واللاتينيون شخصيات تم التنكيل بها إلي أن صار "اليهود" قوة سياسية ضاغطة. و"السود" قوة ضاربة في مجال الحقوق المدنية. والهسبانيك قوة صاعدة و"العربي" قوة مبددة تلعب دائماً في الوقت الضائع.