توفي الممثل الأمريكي توني كيرتس عن عمر يناهز خمسة وثمانين عاما, وهو النجم الذي لمع في سماء هوليود في فترة الخمسينيات والسبعينيات ولقد كانت اشهر أدواره السينمائية فيلم البعض يفضلونها ساخنة مع مارلين مونرو وجاك ليمون ومن إخراج بيلي ويلدر وهو الفيلم الذي تنكر فيه مع زميله جاك ليمون في شخصيات نسائية ليقدما في السينما العالمية واحدا من أهم نماذج الشخصيات النسائية علي الشاشة التي قام بأدائها ممثلون من الرجال, وذلك قبل أن يقدم ديستان هوفمان دوره العبقري في فيلم توتسي والذي تقمص فيه شخصية ممثلة مسرحية. كما هو الحال في فيلم البعض يفضلونها ساخنة والذي يختتم بعبارة شهيرة يطلقها المليونير الذي يريد الزواج من جاك ليمون عندما يخبره بأنه ليس امرأة..ليس منا أحد كاملا, فان مسار حياة توني كيرتس لم يكن ينبيء عن كل هذا النجاح الذي حققه فقد ولد لأسرة يهودية فقيرة في برونكس بنيويورك من أصول مجرية في3 يونيو1925 باسم برنار شوارتز وكان أخا لشقيقين, وقد عانت أمه من مرض انفصام الشخصية النفسي, ومن ذكرياته عن تلك الفترة والتي ذكرها في مذكراته أن والدته كانت شديدة العنف معه ومع أخواته وقد كانت تضربهم طوال الوقت.أدت تلك الحياة الأسرية غير السعيدة الي دخول أخيه لمصحة نفسية أما أخوه الثاني فقد مات علي أثر حادث اليم صدمته فيه سيارة نقل في عامه الثالث عشر, وقد ترك هذا الحادث الأليم أثاره في نفسية النجم توني كيرتس جعلت حياة توني كيرتس المأسوية من الشارع هو الملاذ الأخير له فتسكع في أزقة ودروب نيويورك, وهو ماجعله يختلط بحثالة عصابات نيويورك ليقبض عليه ويتم وضعه في إصلاحية لتقويم المجرمين من القصر. يخرج من الإصلاحية ليلتحق بقوات البحرية الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية في سبتمبر1944 ويحضر أهم حدث في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية في القرن العشرين.. توقيع استسلام إمبراطورية اليابان العظمي, وذلك لعمله علي البارجة التي تم توقيع قرار استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية عليها. حتي تلك الفترة لم يكن له أي علاقة بالفن ولا بالتمثيل, ولكنه كان قد أحب التمثيل في الفترة التي قضاها في الإصلاحية من خلال دروس وحصص المسرح التي كانوا أطفال الإصلاحية يحضرونها, وقد استغل سجله العسكري المشرف في طلب منحة من الحكومة الأمريكيةبعد الحرب في الأكاديمية الدرامية بنيويورك ليتخرج بعد عامين ويشارك في دور صغير بمسرح نيويورك في مسرحية تحمل عنوان الفتي الذهبي شاهده مندوب شركة يونيفرسال لاكتشاف المواهب علي المسرح ليجعله يوقع علي عقد مع شركة السينما الشهيرة لمدة ثماني سنوات ويدخل السينما من أوسع أبوابها....هوليود في عام1948 وعمر23 عاما. كانت تلك الفترة هي امتداد للفترة السابقة في هوليود والتي كان فيها الممثلون من أصول يهودية يتخذون أسماء مستعارة ليخفون أصولهم اليهودية, ولعل من أشهر هؤلاء النجوم كيرك دوجلاس( إيزادور ديمسكي) ويول برينر( جولي بروزوفيتش برينر) فقام باتخاذ اسم أنطوني كيرتس قبل أن يحمل اسمه الذي اشتهر به...توني كيرتس. اشترك توني كيرتس في بدايته في أفلام من الدرجة الثانية قبل أن يظهر أمام ممثلين كبار أمثال( جيمس ستيورت) في فيلم وينشيستر73 ويظهر في فيلم( الأمير الذي كان في الأصل لصا) حيث قدم شخصية أمير عربي وصور الفيلم في مدينة طنجة المغربية, وبعد ذلك( هوديني1953) والذي كان فيلما عن ساحر ومن بعده فيلم( ابن علي بابا1953) وهي كلها أفلام ساعده علي تقديمها سمار بشرته وجسمه الرياضي فاستطاع تجسيد شخصية البطل العربي, وقد تعرف علي زوجته الممثلة جانت لاي في تلك الفترة وتزوجها وأنجب منها بنتين احداهما هي الممثلة جامي لي كورتيس. وقد بدأت نجوميته مع فيلم( لاعبي السيرك1956) مع النجم الشهير بيرت لانكستر, وهو ماسمح له أن يقدم مع لانكستر بعد ذلك واحدا من أروع أفلام فترة المكارثية في الولاياتالمتحدة(SweetSmellofSuccess) والذي من خلاله انتقد تحكم ملاك الصحف في الرأي العام الأمريكي وفضح خداع وسائل الاعلام, يقدم بعد ذلك أول دور كوميدي مع المخرج الشهير بريك إدورز, يلتقي مع كيرك دوجلاس لأول مرة من خلال فيلم الفايكنج حيث يعطيه هو وزوجته ( جانت لاي) فرصة دور البطولة أمامه. جاءت شهرته الواسعة من فيلم( البعض يفضلونها ساخنة مع جاك ليمون ليلعبا لأول مرة في السينما الأمريكية شخصيات لرجال تتنكر في زي النساء, وهو ماكان ممنوعا في السينما الأمريكية في فترة ماقبل الحرب العالمية الثانية, وهذا الفيلم يعتبر من قبل بعض التصنيفات كأهم فيلم كوميدي في تاريخ السينما. خلق له كيرك دوجلاس دورا في فيلم سبارتكوس الذي قام ببطولته و أنتجه من إخراج ستانلي كوبريك1960 أصبح نجما للأفلام الخفيفة أمام نجمات هوليود الكبار حينذاك مثل نتالي وود وأودري هيبرون, ولكنه لمع مع شخصية تراس بولبا القائد المغولي مع يول برينر وهو ماجعله من نجوم الصف الأول. نتذكر جميعا دوره الكوميدي في فيلم( السباق الكبير حول العالم) مع بلاك أدورز مرة أخري, حيث يقام سباق كبير حول العالم بالسيارات بين جميع المتسابقين من جميع أرجاء العالم. جسد توني كيرتس شخصية البلاي بوي في السينما الأمريكية خفيف الظل خفيف الحركة, لكن هذا لم يمنعه من تقديم أدوار جادة لفتت الأنظار اليه كواحد من كبار الممثلين, لعل منها الدور الذي قدمه مع رومان بولونسكي في فيلمه الشهير( طفل روزماري1968) لكنه أدهش الجميع في تقديم دور مغاير لجميع الأدوار التي قدمها من قبل عندما قدم سفاح الفتيات مع فيلم( خانق بوسطن1968) من إخراج ريتشارد فليتشر ظل توني كيرتس يعمل في مجال السينما حتي عام2008, كما أنه اشتهر في السبعينيات بمسلسل تليفزيوني استمر لعدة سنوات كان يرافقه فيه نجم أخر من هذا الجيل وهو النجم الإنجليزي روجر مور. في نهاية حياته أتخذ من الرسم والفن التشكيلي هواية له وحقق من خلالها نجاحا كبيرا حتي أن أعماله كانت تباع بمبالغ كبيرة ويعرض له متحف الفن الحديث في نيويورك بعضا منها. [email protected]